الأربعاء، 07 سبتمبر 2016 - 02:40 ص

 هل تخيلت يوما ان تضع قمامتك فى جهاز بالشارع فيخرج لك هدية عبارة عن كتاب او قصة أو أصيص زرع أو حتى شحن رصيد على هاتفك؟ وهل فكرت كيف سيكون مظهر شوارعنا اذا تم تنفيذ فكرة كهذه؟ قد تبدو الفكرة خيالية إلى حد ما.. لكن مجموعة من الشباب استطاعوا تحقيقها على ارض الواقع من خلال ابتكار ماكينة للبيع العكسى التى يمكن للشخص وضع قمامته وتلقى هديته وذلك بهدف التشجيع على التخلص من القمامة بطريقة حضارية والقضاء على مشكلة القمامة التى عجزت عن حلها الحكومات المتعاقبة، الباحث أحمد صفوت أحد أعضاء الفريق القائم على الفكرة تحدث الينا بالتفصيل فى الحوار التالى..
 < ما الذى دفعك للتفكير فى هذا المشروع؟
ــ لقد عانينا كمواطنين مصريين من مشكلة تراكم القمامة فى شوارعنا وعبث الفرّيزة أو الزبالين بالاكياس وبعثرة محتوياتها مما يؤدى إلى انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الامراض بالاضافة إلى الشكل غير الحضارى للمدن المصرية، إضافة الى تحمل المواطن للكثير من الاعباء المادية سواء للجهات الرسمية أو غير الرسمية للتخلص من القمامة، كما أن العديد من الافكار التى طرحت لحل هذه المشكلة المزمنة كانت غير فعالة، وبناء عليه قمت مع مجموعة من اصدقائى بالدراسة والتخطيط لاكثر من ثلاثة أعوام للبحث عن حل عملى لهذه المشكلة وتقديم فكرة تعتبر جديدة على مجتمعنا وهى تجميع وفرز واعادة تصنيع النفايات الصلبة أتوماتيكيا، وكما هو الحال فى بعض دول العالم للوصول لمفهوم «الصفر مخلفات». ولتحقيق ذلك فكرنا فى مكافأة المواطنين نظير ايداع مخلفاتهم الصلبة بماكينات التجميع الآلى التى سوف تتواجد فى اماكن عديدة يرتادها المواطن العادى مثل الأندية الرياضية والأسواق التجارية بل ايضا فى المدارس والجامعات وبذلك سوف يتم تجميع القمامة من المواطنين لأول مرة فى مصر بطريقة اوتوماتيكية، آمنة، مسلية وفى نفس الوقت تمنح الكثير من المكافآت للمواطنين الذين يحافظون على البيئة والشكل الحضارى لشوارع مصر.
جرين تك
< نود القاء الضوء على الماكينات المستخدمة فى مشروعكم لجمع القمامة أوتوماتيكيا؟
ــ هى عبارة عن ماكينات بيع عكسي أطلقنا عليها «جرين تك» يتم من خلالها جمع الزجاجات البلاستيكية والعبوات المعدنية الفارغة من المنبع لزيادة معدلات التدوير عن طريق نظام المكافأة، مع وجود مراكز التجميع الآلية حيث نجمع المخلفات ونقلل حجمها ونحولها لمواد خام أولية عالية الجودة جاهزة لإعادة التدوير مثل البلاستيك والألومنيوم والزجاج، ويتم بعد ذلك نقل تلك المواد داخل سيارات مغلقة، حفاظا على البيئة وبشكل حضارى، لاماكن متخصصة لاعادة تدويرها. وتقوم هذه الماكينات الذكية بمنح عملائها مكافآت وحوافز لتشجعهم على تجميع مخلفاتهم وإشراكهم فى الحفاظ على البيئة. 
< وما مميزات هذه الماكينات لتحقيق اهداف الفكرة؟
ــ هى ماكينة مصنعة طبقا لمواصفات الامان والجودة الاوروبية وتعتبر الوحيدة فى مصر التى تقلل حجم المخلفات بنسبة تصل إلى 90% مع توفير مساحات للتخزين وتوفير مصاريف النقل. وتتميز بالعديد من المزايا أهمها توفير الوعى البيئى ونشر ثقافة اعادة تدوير المخلفات وإعطاء صورة وواجهة حضارية لأماكن تواجد الماكينات كما تتميز بأنها ذات أحجام وامكانات مختلفة بحيث يمكن تعديل التصميم الخارجى للماكينة طبقا لرغبة العميل وعلى المستوى العملى تساهم فى تسهيل اعادة فرز وتدوير المخلفات الصلبة وتمنح حوافز للمستخدمين فى شكل نقاط مطبوعة على ايصالات أو مسجلة على كروت الكترونية والتعرف على الأجسام المختلفة التى توضع بالماكينة عن طريق قراءة الباركود، أو الأوزان أو عن طريق التعرف على أشكال الجسم..كما يمكن ربطها بنظام  GSM الذى يتيح متابعة اسطول الماكينات مهما بلغ حجمه بمنتهى السهولة. ويمكن للشركات الكبرى رعاية المشروع عن طريق عمل دعاية مطبوعة أو رقمية على اجسام الماكينات أو رعاية برنامج المكافآت حيث يمكن للمستهلكين استرداد المكافآت بسلع وخدمات الشركات الراعية.
< كيف يتم التعامل مع الماكينة من قبل المواطن العادى؟
ــ الأمر بسيط جدا حيث يقوم المواطن بإدخال الزجاجات البلاستيكية أو العبوات المعدنية الواحدة تلو الأخرى وعند الانتهاء من عملية الكبس يقوم بالضغط على زر لاستلام النقاط المدونة على الإيصال.
 طباعة الزجاجات
< وكيف يتم الحصول على المكافآت المرصودة فى مقابل النفايات والقمامة التى وضعت داخل الماكينة؟
ــ تقوم الماكينة بطباعة عدد الزجاجات البلاستيكية أو العبوات التى تم إدخالها على ايصال، ويقوم العميل بعد ذلك باستبدالها بمكافأة بطرق عديدة مثل:  شحن رصيد للمحمول لجميع الشبكات او تقديم كتب أو قصص للاطفال كما اننا نقدم ايضا وحدات زراعة منزلية عبارة عن أصيص بلاستيكى وسماد عضوى وبذور مختلفة مثل الريحان والنعناع ونباتات اخرى للاستخدام المنزلى مصحوبة بتعليمات الزراعة. ونقوم ايضا بتقديم خصومات على المشتريات من احدى سلاسل السوبر ماركت بالاسكندرية، كما يمكن للشخص التبرع بهذه النقاط لجمعيات خيرية أو مؤسسات خدمية معروفة.
< هل تم تنفيذ الفكرة عمليا أم مازالت فى المراحل النظرية؟
ــ بدأنا تنفيذ الفكرة بشكل محدود فى الاسكندرية ونسعى للتوسع اكثر، فالماكينات موجودة حاليا فى محطة الرمل وفى احد اكبر المراكز التجارية بالاسكندرية وفى احد اكبر سلاسل السوبر ماركت فى سموحة والساحل الشمالي. 
هدف بيئى
< وما الهدف الذي تسعون اليه من هذا المشروع؟
ــ يهدف المشروع الى العديد من الاهداف اولها هدف بيئي يتمثل فى تقليل حجم المخلفات الصلبة بنسبة 90% من حجمها الأصلى مما يسهل طرق تداولها وتقليل تكلفة النقل وتقليل كميات المخلفات الصلبة المتواجدة فى الشوارع. وحماية وتوفير مساحات كبيرة من الأرض التى تستخدم كمدافن صحية إلى جانب إعادة تدوير المخلفات مما يوفر كميات هائلة من المواد الخام اللازمة للصناعة (كالبلاستيك والالومنيوم) بأقل تكاليف وبأقل استخدام للطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية وحماية الموارد الطبيعية من مياه، وهواء وتربة ونشر الوعى البيئى وابراز اهمية اعادة تدوير المخلفات بين المواطنين. وهناك هدف اجتماعى يتمثل فى مساعدة الأسر الفقيرة من خلال شراء مخلفاتهم ورفع مستوى معيشة الفرد وتوفير دعم بشكل غير مباشر. أما الهدف الاقتصادي فهو العمل على اضافة قيمة للمخلفات الصلبة التى تعتبر الان عبئا على المواطنين والحكومة حيث يتكلف التخلص من تلك المخلفات مبالغ طائلة وتوفير عملة صعبة من خلال تصدير الفائض من المواد المعاد تدويرها إلى جانب توفير مواد خام للصناعة المصرية بأسعار رخيصة، على ان يكون العمل فى اطار الاقتصاد الرسمى للدولة مما يساعد فى تحسين الدخل القومى المصرى. 
صناديق مدفونة
< ماذا عن فكرة صناديق القمامة المدفونة تحت الارض؟
ــ هذه فكرة جديدة اخرى قمنا بابتكارها وتنفيذها فى احدى المدن الجديدة ولها مميزات عديدة منها المحافظة على البيئة وذلك لان النفايات تكون متجمعة فى حاويات تحت الارض ولا ينتج عنها روائح كريهة اضافة الى المحافظة على المظهر العام حيث ان النفايات لا يظهر منها اى شيء اثناء التجميع، وتقليل المساحة الكبيرة التى تأخذها الحاويات فى الشوارع مما يعوق حركة السير ويسبب بعض المضايقات لأصحاب المحال التجارية، كذلك تتميز بالمحافظة على الصحة العامة وذلك بمنع الضرر الناتج عن تجميع النفايات فى الشوارع وما تحملها من بكتريا ضارة الى جانب سهولة عملية تفريغ الحاويات وضمان ان جميع النفايات يتم تجميعها داخل الحاويات ولا شىء خارجها مما يسهل عملية التفريغ. وتوفير الايدى العاملة من عمال النظافة فى الشوارع الذين يقومون بالتقاط النفايات المتطايرة من الحاويات بفعل الرياح أو الحيوانات.. وكذلك سهولة عملية التطهير والغسيل للحاوية بصورة اكثر فاعلية وذلك لصغر فتحة القاء النفايات، والاهم هو عدم امكانية نبش النفايات وذلك لوجود باب محكم الغلق للحاوية. 
< هل شاركتم فى مسابقات بهذه الافكار؟ وهل لديكم افكار أخرى فى هذا المجال؟
ــ لقد حصل مشروع ماكينات البيع العكسى على جائزة أفضل ورقة عمل فى مؤتمر فاروس الدولى لتطوير الأعمال والابتكار والتحديات فى أكتوبر 2014.
وقد تقدمنا خلال السنتين الماضيتين بالعديد من المشاريع والمبادرات مثل تركيب ماكينات البيع العكسى على محطات الترام وتبديل النقاط بتذاكر للركوب وأيضا تركيب صناديق القمامة المدفونة ومشروع حل مشكلة النباشين لكن حركة تغيير المحافظين المتكررة حالت دون تنفيذ المشاريع