رغيــف مدعـم بالإرجـوت

يوميات الأخبار

فرج أبو العز

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016 - 03:24 م

الثلاثاء:
انفض مولد ريو دى جانيرو ولم نعد نشاهد روائع الألعاب فى العالم وكذلك خرج الأهلى من منافسات أبطال أفريقيا ولم يعد أمامنا إلا التليفزيون و»توك شوهاته» المملة المليئة بالمشاحنات وخناقات الهواء إذن ما المانع من اللجوء للأثير أى الإذاعة؟
ياه وكأنها واحة المشتاق فها هى شادية مصر تشدو برائعتها «شباكنا ستايره حرير.. من نسمة صيف بتطير».. فجأة توقفت الأغنية وجاءت مذيعة الربط بموجز الأنباء وفاجأتنا بفرمان د. عصام فايد وزير الزراعة بمنع استيراد قمح الإرجوت نهائيا.. وهكذا تغيرت الموجة من شباكنا ستايره حرير إلى «أرجوتنا جرايره كتير».
ليست أول مرة يثار فيها موضوع مخاطر فطر الإرجوت الموجود فى شحنات القمح وسبق قبل شهور قليلة أن قامت الدنيا ولم تقعد عندما رفضت هيئة السلع التموينية شحنة قمح فرنسى مصابة بفطر الإرجوت بنسب أعلى من المسموح.. وعندها وقعنا فى حيص بيص مع خروج الكثير من مسئولينا بأن ذلك الفطر غلبان وطيب وابن حلال لا بيهش ولا بينش ولا خطر مطلقا على الصحة من تناول قمح بداخله الإرجوت فهو أغنى وألذ وكله حنية.
إذن ماذا حدث هذه المرة ولماذا أقدم الوزير الشاطر عصام على هذه الخطوة الجريئة.. هل اكتشفنا فجأة أن هذا الفطر خطير ومدمر لدرجة حظر استيراد قمح به أى نسبة من الفطر أم أن فى الأمور أمورا.. ليس أمامنا إلا أن نصدق وزير الزراعة مادام الأمر يتعلق بالصحة لكن لماذا سمحنا وتهاونا فى استيراد قمح الإرجوت فى السابق وعدنا للتشدد فى الوقت الحالي.. أليس ذلك لعبا بعقول المواطنين وغيابا للشفافية فى أبسط صورها فهل اكتشفنا فجأة نحن المصريين أن معدتنا لم تعد تهضم الزلط؟!
قرار حظر استيراد قمح الإرجوت استند إلى توصية لجنة علمية أمر وزير الزراعة بتشكيلها من مركز البحوث الزراعية وعكفت اللجنة خلال ثلاثة أسابيع على إعداد دراسة أشارت إلى أن الفطر قد يحدث به أية تحورات أو تغيرات فسيولوجية، قد تؤدى إلى انتشار المرض وبناء عليه يتم حظر دخول الفطر تماما. وبناء على نتائج الدراسة تم رفع مذكرة لرئيس مجلس الوزراء لإصدار قرار وزاري بإيقاف التعامل مع الأقماح المصابة بفطر الإرجوت.
كل هذا معقول لكن الغريب أن د. عبد المنعم البنا رئيس مركز البحوث الزراعية قال إنه تم إعداد خريطة بالدول الموبوءة بالفطر وأخرى للدول الخالية لوضع ضوابط للاستيراد منها. وأشار إلى أن وزارة الزراعة أجرت تقييماً لموقف كافة شحنات القمح التى دخلت مصر خلال العشر سنوات الماضية , والتى أثبتت أن البلاد لم تدخلها أية شحنات مصابة بالفطر ، وأن هناك عددا كبيرا من الدول غير مصابة بهذا الفطر هى التى يسمح فقط بالاستيراد منها.
مادام قمح الإرجوت لم يكن محظورا قبل الدراسة الموعودة وأن وزارة التموين حددت نسبة 0،05 % أرجوت فى القمح فكيف لم تدخل مصر أى شحنات مصابة بالإرجوت منذ عشر سنوات.. كيف نصدق مثل هذا الكلام وهل يسقط أكل القمح بالإرجوت بالتقادم.. وهل هناك بالفعل تعارض مصالح بين الوزارات مع حظره بقرار لوزير الزراعة والسماح به بنسبة معينة بقرار من وزير التموين.. والأهم لماذا أصدر وزير الزراعة قراره فور استقالة د. خالد حنفى وزير التموين من منصبه وقبول الاستقالة من قبل المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء !!.
من منطق الرجوع إلى الحق فضيلة لعل حكومتنا الرشيدة تستفيد من تجربة قمح الإرجوت بالتراجع عن مبدأ النفى التام أو الموت الزؤام عند إثارة أى موضوع وأن تخاطب الشعب بمنطق علمى بأن الأمر لايزال تحت الدراسة وعند انتهائها سنوافيكم بالحقيقة.
أقول للحكومة: يا جماعة الخير السكوت لم يعد فضيلة فما قولكم فيما أوردته وكالة «بلومبرج» الأمريكية بأن حظر مصر لاستيراد قمح الإرجوت أربك التجار الموردين وأعاق وصول الشحنات ويتعارض مع سياسة وزارة التموين التى تسمح بوجود الفطر بنسبة 0.05%. وزادت الوكالة - التى ليس من الضرورى ولا من المفترض أن يكون كل ما تقوله صحيحا - من الشعر بيتا بالإشارة إلى أن الإرجوت فطر يحدث بشكل طبيعى، لكنه يمكن أن يكون ساما إذا كان بكمية كبيرة. وأضافت أن القرارات المتغيرة بشأن مستوى الإرجوت، جعلت مصر ترفض العديد من الشحنات ودفع بعض التجار لحجب عروضهم أو رفع أسعارهم أمام الهيئة العامة للسلع التموينية.
السؤال الآن: هل سيؤثر هذا الحظر على أسعار السلع التى يدخل القمح مكونا أساسيا أو حتى ثانويا فى تصنيعها.. ننتظر الإجابة من الحكومة ونتمنى ألا يكون الرد: بالنفى على الإطلاق وأن الأمر عار تماما من الصحة.
دموع الزير
الأربعاء:
الكثيرون احتاروا فى سر الدموع وبغض النظر عن فوائدها الطبية تظل الدموع لغزا فهذا دموعه قريبة عاكسة لمشاعر دون سبب واضح وذاك دموعه متحجرة دون سبب واضح أيضا والآخر دموعه غزيرة لكنها دموع التماسيح أى وهمية أو بالأدق انسابت لغرض ما.
فى مرات عدة سألت نفسى لماذا قد تتحجر دموع إنسان ما لحدث جلل كموت عزيز أو قريب وفى الوقت نفسه قد تسارع العيون ذاتها المتحجرة بالدموع لحدث بسيط كمواء قطة فاجأها المخاض أسفل بير السلم أو بكاء طفل صغير حتى إذا لم تكن تعرفه أو أى مشهد قهر لإنسان أو حيوان.
لى حكايات عدة ولعل مثلى كثيرون مع الدموع المتحجرة احترت فى تفسيرها فانا أجاهد نفسى للبكاء فى المواقف الصعبة لكن هيهات وأستغرب عندما تنساب دموعى لأسباب اراها بسيطة او حتى تافهة فهل مثل هذه الدموع تأتى من أشياء صغيرة أم أن تلك الأشياء الصغيرة هى القشة التى أذابت جبل الدموع؟!
فى سنوات الطفولة المبكرة مات جدى لوالدى وكنت أحبه كثيرا مثل كل أطفال العائلة لأنه ببساطة كان ينبوع حنان وطيبة.. استحلفت دموعى وحايلتها كثيرا لكن هيهات.. وكانت إحدى عماتى رغم طيبتها المفرطة غاوية نكد وعكننة وما كان منها إلا أن تفتش فى عيون أطفال العائلة لترى أيهم أكثر حزنا على الجد.. ولما أدركت لا محالة أننى لاشك راسب فى امتحان عمتى سارعت إلى الزير فى ردهة المنزل.. والزير لمن لا يعرفه آنية كبيرة من الفخار يستخدم لتسقيع المياه وفشر أجدعها ثلاجة. المهم بللت عيونى وإذا بعمتى ترفع يدى مثل مباريات المصارعة معلنة وسط الجميع أننى أكثر الأطفال ذرفا للدموع على جدى.. وأنا من ذلك براء.. ولم أبك بحق على جدى إلا بعد ذلك بسنوات طويلة.
وعندما استشهد شقيقى الأكبر فى حرب يونيو 1967 عاودت الدموع المتحجرة لعبتها معى ولم أستطع البكاء عليه رغم أننى كنت الأكثر تعلقا به بحكم صغر سنى ولم تطاوعنى الدموع إلا بعد سنوات طويلة عندما وطئت قدماى أرض سيناء الغالية لأول مرة وكانت لتغطية مؤتمر الاستثمار فى شمال سيناء بدعوة من د. محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق ورجل الأعمال د. حسن راتب.. ما حدث اننى أوقفت السائق ونزلت إلى الرمال على جانبى الطريق وبكيت كما لم أبك من قبل وكاننى أعوض ما فات من سنوات.
وكلاكيت ثالث مرة تكرر معى الموقف عنما أخبرت بوفاة أبى المفاجئة فلم يكن يعانى مرضا أو حتى وعكة.. أبت دموعى أن تطاوعنى وحاول الرفقاء فى رحلة تشييع الجنازة مساعدتى بقولهم: ابكِ حتى تستريح، لكننى لم أستطع وكالعادة لم أبكِ عليه إلا بعد سنوات.. وتكرر الأمر مع وفاة والدتى ست الحبايب - يرحمها الله - دون أن أدرى سببا ما ولعلى أجد تفسيرا لدى د. أحمد عكاشة أو د. الرخاوى عما أعانيه فأنا لا أظن نفسى متحجر الدموع وإلا فما الدموع التى تنساب غصبا رغم المقاومة كلما سمعت أنشودة يا حبيبتى يا مصر أو أغنية يا أم الصابرين ناهيك عن أنشودة مصر تتحدث عن نفسها.
الحقيقة الثابتة أن الدموع تظل لغزا فمن يفك طلاسمه؟
بوركينى ولا تبكيني
الخميس:
لم يكن حوار السيدة الخمسينية مع مجموعة الشباب داخل إحدى عربات المترو سوى مدخل لمناقشة معركة البوركينى أى لباس البحر الإسلامى المشتعلة فى فرنسا بعد إقدام البوليس على إجبار سيدة مسلمة على خلع البوركينى أمام العامة فى أحد الشواطئ الفرنسية.. اين الحرية التى يتشدقون بها ليل نهار وماذا يضيرهم ما إذا لبست سيدة المايوه البكينى أم لبست البوركينى وهل فى هذا ما يضير فرنسا بشىء؟ ولماذا لايزال المجتمع الفرنسى رافضا للبوركينى رغم رفع القضاء الفرنسى لهذا الحظر؟
الإجابة تتمثل فى الهلع الذى يسود أوروبا والعالم أجمع تجاه الإسلام بسبب متشددين يضرون بالإسلام والمسلمين أبلغ الضرر وهو منهم براء ومسئولية تصحيح هذه الصورة غير الصحيحة عن إسلامنا الحنيف تأتى على رأس مؤسساتنا الدينية التى عليها تغيير خطابها الإسلامى بحق وحقيق وعدم الانشغال وراء قضايا أكل عليها الدهر وشرب تتلخص جميعها حول الحلال والحرام رغم أن ذلك من البديهيات.
إذا كان أهل الغرب يحاربون البوركينى فما قولهم فى تقاليع هم مبدعوها ومبتكروها مثل البنطلون المقطع «البوى فريند» وغيره.
وعودة لسيدة المترو البسيطة التى وجدت شابا يلبس بنطلونا ممزقا من مناطق عدة تعاطفت معه واعتبرته مثل ابنها وخاطبته بقولها: يا عينى يا ابنى ليه أبوك وأمك سايبينك كده ببنطلون مقطع.. همه ماعندهمش فلوس؟
فهم الشاب ورفاقه أنها سيدة بسيطة لا تعرف شيئا عن الموضة وقرروا أن يعملوها «اشتغالة».. قال لها أحدهم: أصل أبوه وأمه ماتوا فى حادثة فظيعة يا حاجة وهو غلبان مش لاقى يجيب بنطلون.. فردت بقولها: قلب أمك يا حبيبى والنبى معايا عشرين جنيه خدهم وهات بيهم بنطلون حلو تلبسه قدام أصحابك.. ولم تكد السيدة تتلقى الرد إلا وداهمتها ضحكات الشباب وهب انفتح الباب وغادروا المترو.
كل هذا وهى لا تدرى وتملكتها الدهشة لدرجة الحديث مع نفسها فى محاولة لتفسير ما حدث إلى أن اقترب منها أحد الشباب وقال لها: يا أمى دى موضة فى البناطيل اسمها الديرتي.. ردت بعفوية: ودى معناها إيه يا ابنى؟ قال لها يعنى المبهدل ودى موضة منتشرة فى دول كثيرة فى العالم.. فردت وليه كده: حد يحب البهدلة بمزاجه.. حِكم.
ويتدخل فى الحديث رجل متوسط العمر موجها حديثه للسيدة: أمال لو شفتى موضة بنطلون البوى فرند.. ردت: بوب فرند إيه يا أخويا هى ناقصة قلة أدب.. قال: موضة برضه لا مؤاخذة مقطوع من وره إنتى فهمه بأه.. لم تتمالك نفسها وقالت: يالهوى هى وصلت لحد كده والله لنازله المحطة الجاية.. وسكتت عن الكلام المباح وغير المباح.
فجأة تحولت عربة المترو إلى قاعة مداولة فالجميع يصر على أن يبدى رأيه فى البوى فريند لكن الغالبية لا يصدقون أنه منتشر عندنا وجاء منهم من يقطع الشك باليقين حالفا بأن هناك زوجة تقدمت لمحكمة الأسرة بمدينة نصر لخلع زوجها بعد ثمانية شهور زواج فقط لأنه اعترض على لبسها البنطلون المقطع الذى يظهر أجزاء كبيرة من جسدها فى محل عملها.. وهاتك هرى من هنا وهناك إلى أن تدخل أحد الركاب بحل يراه خلاصة الموضوع: يطلقها وهو الكسبان.
عفوا انقطع الحوار مع إعلان قائد المترو: المحطة التالية محطة ناصر سيتم فتح الأبواب جهة اليسار.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة