تعرضت التجربة الحزبية الناصرية خلال السنوات الاخيرة للفشل مرتين.. الاولى بعد ٦٣ عاما من الثورة عندما تلاشت الأحزاب الناصرية من على الساحة السياسية تماما، ولم تحصد مقعدا في البرلمان إلا من خلال التحالف مع قوائم الإخوان.

 وكانت الثانية منذ ٣ سنوات عندما أعلنت الأحزاب الناصرية الاندماج في كيان حزبي واحد عام ٢٠١٢ إلا أن حلمها لم يكتب له النجاح وتعرض للفشل أيضا لعدة أسباب.

 الثورة التي غيرت الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر والشرق الأوسط وإفريقيا، وقامت على مبادئ ستة هى القضاء على الإقطاع، والقضاء على الاستعمار، القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، إقامة حياة ديمقراطية سليمة، إقامة جيش وطني قوي، إقامة عدالة اجتماعية.،هذه المبادئ وغيرها من سياسات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تحولت إلى سطور في برامج عدد من الأحزاب السياسية ولكنها مع عوامل عديدة فرضها الواقع تارة وفرضتها النظم السياسية الحاكمة تارة أخرى اقتربت من التلاشي.

من جانبه أكد رئيس حزب الكرامة محمد سامي، أن تحالف الأحزاب الناصرية الذي بدأ تدشينه منذ عام ٢٠١٢ لم يصل إلى أي شىء، والاندماج لم يتم لأسباب عديدة أبرزها أنه لم تكن هناك ندية بين الأحزاب الراغبة في الاندماج، فالحزب الناصري الكيان الأكبر في التيار الناصري وقع فريسة لصراع شرس بين القائم الأساسي فى الحزب على المبادرة سامح عاشور، وأطراف أخرى كانت ضد هذا التوجه، استطاعت أن تفرض منطقها وبعدها انصرف سامح عاشور إلى العمل النقابى بنقابة المحامين وحزب الوفاق يضم ٥ أفراد بينهم قضايا وبالنسبة لحزب المؤتمر الشعبى به مشاكل داخلية أكبر من فكرة الاندماج وأصبح علينا الانتظار حتى تستقر هذه الأحزاب وأن تصل إلى قيادة تكون محل رضا من أعضائها. 

وانتقد محمد سامي الدور الذي قام به عبد الحكيم عبدالناصر نجل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في تأسيس هذا الاندماج.  

وقال "أنا لست راضيا عما وصل إليه التيار الناصري، والظروف العامة فارضة على هذا التيار شأنه شأن تيار اليسار كله الوضع الحالي، فالأداء الحزبي أصبح قائما على القدرات المالية، إضافة إلى عناصر الفلول والنمط العائلى، لأن أغلب الأحزاب محدودة الموارد، لذا عليها أن تقدم حلولا لزيادة الموارد الأساسية لها أو الانسحاب من المشهد، لأن "مفيش حد هيديك فلوس لتمارس العمل السياسي".

وقال السفير معصوم مرزوق مسئول العلاقات الخارجية بالتيار الشعبي، إنه رغم النقلة الحضارية التي أحدثتها ثورة ٢٣يوليو في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أن الثورة توقفت منذ ٤٠ عاما هي فترة حكم السادات ومبارك، وبعد أن أحدثت ثورة يوليو زلزالا اجتماعيا كبيرا بدأ  بنكسة كبرى في يونيو ٦٧ ، وما أن استعادت مصر خلال ست سنوات بعد انتصار أكتوبر العظيم ، استمر مسلسل انتكاسات ثورة يوليو على يد الرئيس الراحل أنور السادات الذي انقض عليها من خلال تطبيق سياسات الانفتاح، والتي وضعت بداية سهلة لمسلسل الفساد الذي بلغ ذروته في عهد مبارك. 

وأشار مرزوق إلى أن ثورة ٢٥ يناير كانت أملا جديدا لاستعادة روح ثورة يوليو من خلال رفع صور جمال عبد الناصر في ميدان التحرير وكافة ميادين الثورة، وهي دلالة على رغبة الشعب في إعادة الثورة التي فقدت على مدار ٤٠ عاما خلال حكم السادات ومبارك، إلا أن ثورة يوليو التي تحددت في ٢٥ يناير والتي نادت بنفس شعاراتها من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ، ضلت الطريق مرة أخرى ، من خلال حكم الإخوان ومحاولات النظام الأسبق للعودة إلى ماقبل ٢٥ يناير، وإعاقة الشعب المصري عن السير في طريق يوليو الذي أصبح مكتظا بعقبات جمة تتصدرها أكبر وأقوى مؤسسة في مصر، وهي مؤسسة الفساد.
وأوضح أن مستقبل ثورة يوليو ليس بالمناداة للعودة إلى دولة عبد الناصر ولكن بعودة روح دولته وروح ثورة يوليو التي تجددت في يناير بنفس أهدافها، شريطة أن يتم توجيه النيران ليس فقط لمحاربة الإرهاب ولكن لمواجهة العدو الحقيقي المتمثل في الفساد والجهل والفقر. 
 وأكد د.محمد أبو العلا رئيس حزب العربي الناصري، أن الأحزاب الناصرية جزء من نسيج الشعب المصري الذي تأثر بالأوضاع السيئة والتردي في البلاد منذ ما يقرب من 30 عاما مضت، وحزبنا نتاج طبيعي للأوضاع الموجودة حاليا في كل مكان، مؤكدا أن ثورة يوليو امتدادها ثورة 25 يناير و30 يونيو، ويجب أن تكون هناك قرارات حاسمة ليظهر وجهة الثورة الحقيقية لراحة الشعب. فيما قال القيادى الناصرى بحزب الكرامة أمين إسكندر إن جمال عبد الناصر ليس ملكا للأحزاب الناصرية لأنها تحمل جزءا من مشروعه أو حلمه، وهذا المشروع تنتمي له الأمة كلها فى فكرة الاستقلال والتنمية، وتلك أفكار ممكن تأخذ بعضها أحزاب وأخرى لا تحمل سوى اسم فقط. 

وأكد إسكندر أن الأحزاب الناصرية جزء منها يعبر عن جوهر أفكار «ناصر» مثل حزب الكرامة وهناك أحزاب اسم فقط، لذا فإن الأحزاب الناصرية ليست تعبيرا كاملا عن جمال عبد الناصر، مضيفا أنه مما لاشك فيه أن كل الحياة الحزبية وكذلك النظام السياسى فى حاجة إلى مراجعة. أضاف القيادى الناصرى، ليس هناك دولة لها دور إقليمى كبير مثل مصر ومعظم أحزابها عبارة عن رجال أعمال يحصلون على ترخيص ليؤسسوا لقنوات فضائية وصحف، وعند الحديث عن النظام السياسى نتحدث عن عشرات الأشخاص وهذا خلل حقيقى، لذا فمازال هناك اشتياق لدى المواطنين لكل ما طرحه عبد الناصر ومازال الحلم صالحا مثل العروبة التى تعتبر الإطار النظرى الوحيد المقاوم للتطرف والتفتت وأيضا العدالة الاجتماعية والتنمية، لذا فإن ما قائم الآن لا يمثل حلم المواطنين.