بالكاد يستطيع التقاط أنفاسه.. نبرته مضطربة.. كلماته متقطعة.. أنفاسه تتصاعد وتتابع وكأنه خارج لتوه من مارثون طويل ومجهد.. إنه الطيار عمرو الجمل كابتن الرحلة 181 التي تعرضت للاختطاف من مطار برج العرب.. البطل الذي استطاع أن يتعامل بحكمة وهدوء مع الخاطف حتى نجا بالركاب.

أجرينا اتصالا بالكابتن عمرو فور مغادرته الطائرة.. لنهنئه على سلامته وسلامة الركاب والطاقم.. وطلبنا منه أن يروي لنا تفاصيل اللحظات الصعبة التي عاشها خلال الرحلة وحتى مغادرته الطائرة.

تردد في البداية، معتذرًا لشعوره بالإجهاد والتوتر.. لكنه عاد ووافق على طلبنا.. وتركناه يروي كل التفاصيل: "الأمور كانت تسير بصورة طبيعية، صعد الركاب للطائرة، وبدأت الإقلاع بالطائرة من مطار برج العرب للقاهرة"، هكذا بدأ الكابتن عمرو حديثه.

وواصل: "10 دقائق تقريبًا مرت بعد الإقلاع وشعرت بحالة من الارتباك داخل الطائرة خلف الكابينة.. اعتقدت في البداية أن هناك مشادات بين الركاب أو أن أحدهم أصيب بوعكة صحية.. ثم فوجئت بمضيفة تدخل علي الكابينة تخطرني أن الطائرة تعرضت للاختطاف.. بالطبع شعرت بارتباك لكنه لم يدم للحظات حتى تماسكت وبدأت أهدئ من نفسي حتى أحسن التعامل مع الموقف. غادرت مقعد القيادة.. ومن على باب الكابينة بدأ سيناريو التفاوض وكان الرجل يقف في منتصف الطائرة وحركته لا تتوقف ما بيني وبين المضيفات والركاب".

وأضاف: "كان طلبه الأول «أطلع علي تركيا فورا» أجبته بالرفض لأن الوقود لا يكفي وعرضت عليه التوجه لمطار القاهرة كما هو مخطط للرحلة ولن تفرق معه وجهة الطائرة في تحقيق ما يريد.. لكنه هاج وماج وكرر تهديده بتفجير نفسه".

يلتقط الكابتن عمرو، أنفاسه ويسكت لبرهة وكأنه يسترجع الشريط المرعب للحظات الصعبة.. ثم يواصل كلامه: "كنت متأكدا تماما أن الحزام الذي يرتديه الخاطف ليس ناسفا.. أو أنه في أسوأ الحالات سيكون مجرد قنبلة هيكلية.. لكني ألغيت كل الاحتمالات من ذهني وكررت التعامل مع الموقف علي انه حزام ناسف بالفعل.. وكان كل همي سلامة الركاب.. بدأت التفاوض معه وأخبرته أن الأفضل أن نتوجه لأقرب مطار، سألني عن إمكانية التوجه لقبرص.. أجبته بنعم على الفور وكان مطار لارناكا البديل".

واستطرد: "على الفور توجهت إلى المضيفات بتعليمات بضرورة الوجود بين الركاب وتهدئتهم.. وبالطبع كانت هناك صرخات وحالة من الهلع تسيطر علي جميع الركاب.. في هذه اللحظات كنت قد أجريت اتصالا بمطار القاهرة وأخبرتهم بأن الطائرة مخطوفة وأننا في طريقنا لمطار لارناكا.. وأجريت اتصالا بمطار لارناكا وأخبرتهم بالواقعة وأننا في طريقنا إليهم.. ومنحونا إذنًا بالهبوط.. وكانت سلطات المطار علي اتصال معي وعرضت التحدث مع الخاطف إلا انه رفض إلا بعد وصولنا لمطار قبرص.. وصلنا بالفعل لمطار لارناكا.. وبدأت الحديث مع الرجل الذي بدا اهدأ عن ذي قبل، سألته ماذا يريد، وفتحت السلطات القبرصية حوارا معه عن طريق مترجم، وكانت طلباته متباينة، تارة يطلب اللجوء السياسي، وأخرى التحدث لأي مسئول بالاتحاد الأوروبي، ثم طلب التواصل مع مطلقته القبرصية".

وأكد: "في أثناء التفاوض مع السلطات القبرصية، طلب الخاطف ركاب الطائرة بالمغادرة لشعوره أن عددهم كبير وخوفه من أي تحرك منهم، وطلب في البداية أن يغادر جميع المصريين.. وأن يغادر بعض طاقم الطائرة علي أن أبقى أنا والبعض معه.. إلا أن جميع أفراد الطاقم رفضوا المغادرة.. وعلم الرجل جنسيات الركاب وطلب مغادرة جميع الجنسيات ماعدا 3 ركاب إنجليز، طلب بقاءهم في الطائرة أعتقد ليكونوا ورقة ضغط في مفاوضاته، ثم حملت إحدى المضيفات ورقة كانت بحوزته، طلب أن تسلمها السلطات القبرصية لزوجته، وبدأت اللحظات تمر وكنت متأكدا انه ليس شخصا طبيعيا أو إرهابيا خطيرا، لكني لم أعلم حتى الآن دوافعه للخطف، وفي النهاية طلب الرجل من السلطات القبرصية أن يسلم نفسه لهم على أن يستكمل مفاوضاته معهم فور مغادرته، وهو ما تم بالفعل".