فارق السيناريست و المخرج و المنتج المبدع رأفت الميهي دنيانا إلى رحاب الله وحياة أخرى مساء الجمعة 24 يوليو، عن عمر يناهز 74 عامًا.

 ومبدعنا المولود في 29 سبتمبر 1940، "تخرج من كلية الآداب قسم لغة الإنجليزية ، ولكن عشق الفن كان يجري في دمه ،فألتحق بمعهد السينما قسم سيناريو  وتخرج عام 1946 لتفتح له السينما ذراعيها بمساعدة المخرج صلاح أبو سيف.

وجذبت موهبة الميهي المبكرة أنظار أهل الفن، بعدما قدم أول أعماله فيلم "جفت الأمطار" عام 1968 للمخرج "سيد عيسي" عن قصة الكاتب عبدالله الطوخي، ولمس أبو سيف بحسه الفني موهبة الشاب حديث التخرج و جمعه مع الفنان المخرج "كمال الشيخ" ليكونا معا ثنائي فذ نتج عنه أربعة أفلام هي علامة بارزة في السينما المصرية وهي أفلام "غروب وشروق" 1970 ، وفيلم" شيء في صدري" 1971،وفيلم "الهارب"1974،وفيلم "علي من نطلق الرصاص"1975، و الأفلام الأربعة ما هي إلا صرخة جيل أطلقها الميهي و الشيخ معبران علي الآم جيل بأكمله.

ففي تلك المرحلة كانت الحركة الفنية مواكبة للحركة السياسية بكل جد، وكانت كاميرا المخرج و سيناريو الكاتب هما العين التي تسجل الأحداث و تنتقضها بلا رحمة أو هوادة.

أبتعد الميهي عن الكتابة بعد فيلم "علي من نطلق الرصاص" ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته الفنية مع الإخراج. كما لو أنه أراد أن يكون هو "المايسترو" الأول الأخير للعمل الفني. أو كما أوضح هو أنه يريد أن يخرج ليمتلك العمل بصورة كاملة. و يخرج فكره الذي يؤرقه ويحوله إلي صورة يشاركه فيها الملايين.

و قبل أن يقدم نفسه كمخرج، عرج إلي الإنتاج السينمائي وقدم فيلم "المتوحشة"لسندريلا الشاشة سعاد حسني، قبل أن يختبر نفسه كمخرج عام 1981مع فيلم "عيون لا تنام" و بالتدقيق في أعماله نجد أنها إسقاط بشكل أو بآخر علي الوضع السياسي، و حرص في فيلمه التالي علي عمل المعادلة الصعبة ليجذب المشاهد البسيط فقدم فيلم "الأفوكاتو" ذلك المحامي "الفهلوي" العارف بكل سلبيات القانون و ثغراته، وكأن الميهي بهذا الفيلم أستشف الغيب و حال كثير ممن ظهروا علي سطح المجتمع.

 ومع فيلم "الأفوكاتو" عرف الميهي طريق أروقة المحاكم من أجل الدفاع عن حرية الإبداع، ولم يكن فيلم عادل إمام هو الفيلم الوحيد الذي زج بالميهي إلي المحاكم ليدافع عن رأيه و فنه، فهناك فيلم "للحب قصة أخيرة" للمبدع يحي الفخراني و الراحلة معالي زايد الذي عاني معه الميهي كثيرا حتى تم حذف مشاهد من الفيلم ليسمح بعرضه بعد أن منع من العرض.

ولان الميهي مبدع بطبعة و ناقد لازع بالسليقة شعر أنه لن يتمكن من نقد المجتمع بأسلوب سوي، فآثر الدهاء و الحيلة مع المتربصين بالفن و حرية التعبير، و استخدم الفانتازي في أسلوب السرد السينمائي، و قدم أعمالا يمكن القول أنه رائدها في السينما المصرية الفانتازي الواقعي الذي يناقش قضايا واقعية بإسلوب ساخر ومنها قضية التعصب ضد المرأة و المجتمع الذكوري وهو ما قدمه في فيلم "السادة الرجال" ثم فيلم "سمك لبن تمر هندي"الذي ناقش القضايا الآمنية و التطرف الديني و الإرهاب ، و فيلم "قليل من الحب كثير من العنف"،و"تفاحة"و "ست الستات" و"عشان ربنا يحبك" . وذكاء الميهي دفعه أن تكون آخر أعماله فانتازي ليقول بحرية ما يشاء .