مشوار فيروز مع الرحبانية.. الفن والحب والصراع

دعاء فودة

الأحد، 19 نوفمبر 2017 - 02:33 م

 
قصة حب وعمل وحلم جمعت فيروز وعاصي الرحباني، لقد كان عاصي هو كل الدنيا لفيروز، لقد عرفت من خلاله الحب والشهرة عبره، فكانت فيروز النجمة الأولى في الأعمال التي كان يقدمها الأخوان عاصي ومنصور رحباني.
وعن أول لقاء للرحبانية مع فيروز، قال عاصي، فى حديث صحفى له مع مجلة "أهل الفن" اللبنانية في يوليو 1955: "كنت أقوم بإعداد برامج موسيقية ـ غنائية للإذاعة اللبنانية، وذات يوم دعاني زميلي الفنان حليم الرومي، وكان يشغل مركز رئيس القسم الموسيقى بالوكالة، للاستماع إلى صوت جديد، فرأيت فتاة صغيرة تحمل كتابا ومعها والدها، كما استمعت إلى صوتها الذي وصفته بـ"لا بأس"، إلا أنني آمنت أن هذه الصبية تصلح للغناء، بينما رأى أخي "منصور" كان مخالفا لرأيي، وهو عبر عنه بالقول "لا تصلح على الإطلاق للغناء الراقص"! ورغم ذلك بدأت أعلمها، فكانت في المحصلة أحسن من غنى هذا اللون "الغناء الراقص".
وبحسب هذه الرواية، فإن أول أغنية رحبانية لفيروز كانت بعنوان "غروب"، وهى قصيدة للشاعر "قبلان مكرزل"، وتبعتها سلسلة طويلة من الاغانى واللوحات الغنائية توزعت على ثلاث إذاعات: "اللبنانية، والشرق الادنى، والسورية".
فيروز وعاصي الرحباني جمعتهما علاقة حب وزواج وعمل ونجاح متواصل، عمل عاصي على موهبة فيروز، وجعل منها أيقونة في أعين جمهورها، ليس فقط بالعمل على الصوت والأداء، ولكن بتحديد كيف ومتى تظهر وتتكلم، فكان المسؤول عن كل شيء خاص بها وبعملها.
في علم 1972 أصيب عاصي الرحباني بنزيف دماغي، وتوقف عن التلحين والعمل، واستكمل ابنه زياد المشوار من بعده، ولحن أغنية "سألوني الناس" من كلمات منصور الرحباني، وجسدت فيروز في هذه الأغنية حالة مرض عاصي وغيابه عن العمل معها في مقطع يقول: "ولأول مرة ما بنكون سوا"، وبعدها بدأت رحلة زياد الرحباني في وضع الألحان لأغاني والدته.
سطع نجم فيروز ومعها الأخوان رحباني بعد مشاركتهم في مهرجان بعلبك لأول مرة عام 1957، وتوالت المهرجانات بعد ذلك، ومن بعلبك إلى دمشق، إلى مسرح البيكاديلي، كما نتج عن التعاون بينهم عدة مسرحيات. 
كان أسلوب الرحابنة هو المتحكم في أداء فيروز وقتها، حتى لو تعاونت مع ملحنين آخرين فكان اللحن في النهاية يخضع للتوزيع الرحباني منها "ناطورة المفاتيح" 
قدمت فيروز مع الأخوين عاصى ومنصور مئات من الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية، لتميزها بقصر المدة الزمنية والتصاقها بقوة المضمون، على عكس الأغاني العربية التي كانت سائدة في ذاك الزمان، وتوجه هذا الغناء للحب، وللأطفال، وللوطنية وللحزن، والفرح، والأم، والوطن، وعدد كبير من هذا التوجه الغنائي قدم ضمن الكثير من المسرحيات التي ألفها ولحنها الأخوان رحباني، ووصل عددها إلى أكثر من 15 عملا مسرحيا تنوعت مواضيعها بين النقد السياسي والاجتماعي، وتمجيد الشعب والبطولة والتاريخ العريق، والحب على تنوعه.
في السبعينيات، بدأت الخلافات تدب في علاقة فيروز وعاصي، بدأت فيروز يكون لها آراءها وتتمرد على عاصي، وبعد فترة من الخلافات، وصل الزوجين إلى قرار الانفصال، وبالفعل انفصلت فيروز عن عاصي في 1978، وعاش عاصي المريض في رعاية بعض أقربائه.
وفي 21 يونيو 1986، توفى عاصي الرحباني، ورغم الخلاف الذي كان بينهما إلا أنه كان كل شيء لها، فقالت عنه في أحد حواراتها: "يمكن لما مرض عاصي، بلشت حس بإشيا كتيرة، مش كلها بقدر قولها، وبهالطريق بلشت حس بالخوف أكتر، فيه كذا خوف يعني، فيه الخوف من أنه لما بيقدم الواحد عمل جديد، أنه يحبه الناس، هيدا طبيعي، وبعدين الطريق اللي مشيت فيه بعدين لما مرض عاصي، صرت أحس بخوف علي وعلى حالي وعلى شغلنا."
وفي إحدى حفلاتها بعد موت عاصي الرحباني بكت فيروز،وهي تغني "سألوني الناس" تحديدا عند مقطع :بيعز علي غني يا حبيبي، ولأول مرة ما بنكون سوا".

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة