«زواج».. على ورقة طلاق!!

صورة تعبيرية

السبت، 04 أغسطس 2018 - 11:42 م

بوابة أخبار اليوم

- مصر تتصدر معدلات الطلاق عالميا بحالة كل 7 دقائق.. والأطفال أكبر المتضررين - خبراء الإعلام: الدراما سهلت الانفصال وروجت قبوله اجتماعيا - الطب النفسى: الشباب يهرب من أعباء «المسئولية» بـ«أبغض الحلال» - رجال الدين: نتيجة طبيعية لما يقدم عبر الشاشات والفهم الخاطئ لمبادئ الشريعة أرقام مفزعة تكشفها البيانات، فهناك 9 ملايين طفل انفصل والداهم وعاشوا حياة غير كاملة، وعانوا أشد معاناة نتيجة لهذا القرار الظالم لهم، وحسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن هناك 44 حالة طلاق من كل 100 عقد زواج، وأن نسب الطلاق زادت خلال عام 2017 إلى أكثر من 198 ألف حالة طلاق بزيادة قدرها 3.2% عن عام 2016، فى المقابل انخفضت نسبة الزواج خلال العام ذاته عن 2016 بنسبة 2.8.   وعن هذه الأرقام يقول د. إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسي، إن زيادة معدلات الطلاق فى مصر خلال السنوات الأخيرة ترجع لأبعاد اجتماعية واقتصادية مختلفة تؤدى إلى مشاكل نفسية وعدم قدرة الزوج أو الزوجة على استكمال العلاقة والتعايش مع وضعهم الأسرى الجديد ومسئولياتهم الكثيرة فيقرران الانفصال هربا من الحمل الثقيل، مشيرًا إلى أن هناك خطأ يقع فيه الشباب المقبل على الزواج هو اختيار الشريك بناء على المستوى الاقتصادى بغض النظر عن الفوارق الشخصية مع الطرف الاخر مما يسفر عن مشاكل عدة فيما بعد وعدم توافق يوصل الطرفين فى النهاية إلى الانفصال العاطفى ثم الطلاق الرسمي. ويضيف أن أخطر ما يعانى منه المجتمع فى الفترة الحالية هو التسويق من خلال الأعمال الدرامية لفكرة الطلاق والعمل على تقبله اجتماعيا وكأنه أمر طبيعى شائع بل وأحيانا مفروض أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى ونشر الكثير من القصص الوهمية أو الأقاويل المروجة لفكرة الانفصال على أنها دليل لقوة واستقلالية المرأة، فضلا عن معاناة الكثيرين من التدين الظاهرى وعدم استيعابهم أن «الطلاق» أبغض الحلال وأنه خراب مجتمعي، منوهًا أن أسباب الانفصال التى تُعلن يكون أغلبها «بسيطا» لا يرتقى ان يكون سببًا رئيسيًا وتدل على أن طرفى العلاقة لا يدركان ماهية العلاقة وقدسيتها. جرس إنذار وشدد استشارى الطب النفسى على ضرورة عودة الدور والشكل الاجتماعى للأسر وعدم الانسياق وراء التغيرات الخطرة التى طرأت على مجتمعنا التى تهدد الأمن القومى المجتمعى وتسفر عن مجتمع مفكك وبالتالى يخلف أطفال ضحايا يتأثرون نفسيا ويشوهون فكريا ومن الوارد تحولهم لقنابل موقوتة تنفجر فى المجتمع فى أى لحظة، مشيرًا إلى أن معدلات الطلاق الحالية جرس إنذار خطر خلال الـ 10 سنين القادمة، وأنه يجب وضع حلول عملية ومجتمعية تنفذ على أرض الواقع وتنقذ الوضع الحالي. وحذر د. إبراهيم مجدى الأزواج من الاستسلام لفكرة الانفصال باعتباره الحل الأسهل، وأن «الطلاق» هو أشد السلبيات والمواقف العسيرة التى قد تواجه المرء فى حياته ويخلف إرهاقا نفسيا وذهنيا وماديا، مختتما من الممكن أن يقضوا فترة بسيطة مبتعدين كقسط من الراحة، أو مشاركة الحكماء من الأهلين لحل الأزمات، أو قضاء إجازة معا. معدلات مرعبة ومن جانبها توضح د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، أن ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك الأسرى لهذا المعدل المرعب، أمر ضار للغاية للمجتمع، الذى تعتبر الأسرة نواته وقوته التى يرتكز عليها، وأنه يجب التعامل مع قضية التقكك الأسرى على أنها قضية مجتمعية شاملة تمس الجميع، وليست قضية منفردة أو عابرة. وتضيف أستاذ علم الاجتماع، أن كل حالة طلاق تؤثر بقوة على المجتمع بكل مشتملاته لما تخلفه حالات الانفصال الأسرى على نفسية الأطفال ضحايا تلك العملية الذين هم عماد المستقبل وبالتالى فإن كل ما يمرون به فى حياتهم الحالية يؤثر على تقدم الدولة واستقرارها فيما بعد، مشيرة إلى أن خلق عملية الاستقرر الأسرى يجب أن يتكاتف فيها الجميع خاصة أجهزة الإعلام لتوفير إرشادات للحياة الأسرية عن كيفية التعامل بين الزوج والزوجة، وأهمية التعاون بينهم ووضع الأسس لبناء حياة سليمة بين الطرفين والذى ستنصب نتائجه على مجتمع سوى وسليم الفطرة. الاهتمام بالشكليات ومن جانبها ترى د. نوران فؤاد، أستاذ علم الاجتماع، أن انتشار ظاهرة الطلاق بهذا الكم أمر مرعب، خاصة مع الانفصال السريع الذى يصل إلى حد تجهيز الشقة الزوجية ووضع الأثاث بها ثم حدوث «الانفصال» قبل دخول «عش الزوجية». وترجع انتشار الظاهرة لأسباب عديدة منها طريقة اختيار شريك الحياة، واهتمام الكثير من ابناء الجيل الحالى بالشكليات والأفراح مع غياب جوهر الاختيار ونسبة التوافق بين الطرفين لتأسيس حياة، فضلا عن عدم إدراك مسئولية الزواج وعبئها والتى يغفل عنها المقبلون على الزواج فى الكثير من الأحيان، مشيرة إلى أن سن الشباب ليس لها علاقة بالطلاق، وأنه فى فترات سابقة فى الماضى القريب كانت سن زواج الشباب صغيرة ويقيم فى أسرة ممتدة دون حدوث حالات انفصال. للخلع شروط ويؤكد د. هشام البدرى أستاذ القانون الدستوري، أن البعض يرى أن القانون سهَّل من عملية الطلاق، بعد إضافة قضايا الخلع، إلا أن القانون حافظ على حقوق المرأة ومنع الرجل من إذلالها، موضحًا أن قضايا الخلع تحدث تحت شروط معينة قوية، ويسبقها محاولات كثيرة للتوفيق وتحقيق الصلح بين الطرفين. ويضيف أن ظاهرة الطلاق تختلف أسبابها بين الطبقة الغنية والفقيرة، فالأولى غالباً يكون الزواج نوعا من تحقيق الوجاهة الاجتماعية وتحقيق المصالح الشخصية، ومن ثم تكون أسباب الزواج غير مدروسة بشكل كاف ولم تكن عناصر التكافؤ والتوافق بين الطرفين كاملة، أما عن الطبقة الفقيرة فيتصدر أسباب الانفصال الجهل والظروف الاقتصادية الصعبة، فضلا عن زواج القاصرات الذين لا يعون مفهوم الزواج. مشكلات اقتصادية واجتماعية فيما يرى د. محمد عبدالعاطي، عميد كلية الدراسات الإسلامية بالقليوبية، أن خطوة الطلاق هى المحصلة الأخيرة لمشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية فضلا عن غياب البعد الدينى فى اختيار شريك الحياة عند الكثير من الشباب والأسر والاهتمام بالبعد الظاهرى مثل الكلية التى تخرج وفيها الطرف الاخر ومكان السكن وغيرها. ويضيف أن هناك ظاهرة تنتشر فى المجتمع الريفى هى الزواج بمبدأ «خدوهم فقرا يغنيكوا ربنا» هو أمر متنافٍ تماما مع أخلاقيات ومبادئ الدين الاسلامي، مستشهدا بالحديث النبوى «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، وأن هذا المبدأ الخاطئ يخلف أزمات ثقافية من عدم قدرة الفرد على تحمل أعباء الزواج، ويحول الأسرة فى حال انجاب العديد من الأطفال إلى حالة العوز والاحتياج. ويشير عميد كلية الدراسات الإسلامية إلى أن وصول نسبة الطلاق إلى ٤٤٪ هو أمر خطير ولكنه نتيجة طبيعية لما يتم تقديمه عبر شاشات التليفزيون من برامج ومسلسلات وأفلام يغيب عنها المضمون وتهدم القيم المجتمعية التى عاش الافراد بها ولا تغذى القيم الدينية، مختتما بضرورة تثقيف الشباب والأسر من خلال البرامج التليفزيونية، والاهتمام بدور وزارة الشباب والرياضة وقصور الثقافة فى إقامة دورات توعوية وتثقيفية لإجراء منظومة علاج شاملة لكل المجتمع. مبادرات توعية وتقول سناء السعيد، عضو المجلس القومى للمرأة، إن نسب الطلاق تزداد فى السنة الأولى من الزواج بين الشباب، وأن المتضرر الأول من الانفصال الأسرى هم الأطفال الذين يعانون من غياب أحد الأبوين وتشوه نفسى كبير لهم. وتضيف أن نسبة كبيرة من المقبلين على الزواج غير مدركين لضغوط الحياة الذين هم بصدد الدخول فيها، ويعتقدون أن الحياة ستظل على لونها الوردى ولا يعون معنى الأسرة وأهمية تكوينها وخطورة الانفصال، مشيرة إلى أن المجلس القومى للمرأة يقوم بدورات توعية للشباب المقدم على الزواج وعن طبيعة الحياة الأسرية وعن أضرار الانفصال الزوجى ولكنها دورات ومبادرات توعوية من كافة مؤسسات الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني. وتلفت عضو المجلس القومى للمرأة، إلى أن تناول الدراما لقضايا الزواج والمرأة أسهمت بشكل خاطئ وكبير خاصة فى السنوات الأخيرة، رسخ فى عقول الكثير من الشباب صغير السن أن الطلاق مقبول اجتماعيا وأنه أمر طبيعي، معلقة «للأسف احنا فهمنا الحرية غلط وفهمنا الاستقلال غلط وتناولنا القضية بشكل مضر». وتختتم أن دولا كثيرة تحرص على تقديم ندوات للشباب قبل الزواج لتوعيتهم بالتغيرات التى تحدث بحياة الفرد بعد هذه الخطوة، ومدى خطورته وارتباطه بمصير المجتمع ككل، مدللة بسلوكيات الكثير من الشباب فى الشارع المصرى التى يعانى منها المجتمع الآن والتى تأثر أغلبها بانفصال أسري. تجمعات المطلقات فيما يرى د. مرعى مدكور، عميد كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر، أن الإعلام بأشكاله المختلفة من الدراما والفن والبرامج التليفزيونية وكذلك الأشكال الحديثة من الإعلام كمنصات «السوشيال ميديا» من خلال ما ينشر عليه وظهور تجمعات -جروبات- المطلقات على موقع التواصل الاجتماعى « فيس بوك» وتأثيره السلبى وتسويقه للانفصال على أنه دليل على قوة واستقلالية المرأة. ويتابع أن الكثير من وسائل الإعلام تصدق على الخطأ المجتمعى المنتشر خلال العقد الأخير وأن الطلاق هو أمر طبيعى وأنه دليل على التقدم المجتمعى والمساواة بالغرب، مشيرا إلى أنه يجب أن يعود دور الإعلام التنموى كما كان وأنه يوجه الأسرة إلى بر الأمان وأن يرسخ قيم المشاركة بين الزوج والزوجة، وخطورة الانفصال على الأطفال الذين هم المتضرر الأول من «الطلاق» والتفكك الأسري، وأن يكثف جهوده كلها من أجل ترسيخ الأفكار السليمة وإحلالها مكان المبادئ المزيفة التى انتشرت خلال الفترات السابقة.