محمد البهنساوي رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم
محمد البهنساوي رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم


محمد البهنساوي يكتب: أكتوبر.. قوة القرار وجرأة المصارحة!!

محمد سعد

الجمعة، 12 أكتوبر 2018 - 10:17 م

محمد البهنساوي يكتب: أكتوبر.. قوة القرار وجرأة المصارحة!!

عندما يرتجل المواطن عبد الفتاح السيسي .. تغيب السياسة وتنطلق الرسائل من دفتر الرئيس 
 من «الفريق عفيفي» إلى «العسكري محمود».. وعقيدة «بشر غير البشر»

أسئلة صعبة من ثنايا كلمة تلقائية:
•• بين قتامة العشيرة والحزب الوطني .. هل أفصح الرئيس عن رأيه في ثور يناير ؟
•• نصر أكتوبر رغم فارق الإمكانيات الرهيب هل يدفعنا للخوف على جيشنا؟ 
•• ما تحمله السادات والجيش قبل الحرب .. هل يكون رادعا لـ «الفتايين الجدد»
•• الدولة التي ننتظرها في ٢٠٢٠ هل تعني نهاية التحديات والصعوبات؟

 
 
يظل نصر أكتوبر رمز العظمة والشموخ.. منبع الأفكار والعبر.. مكمن القوة والثقة.. بالنفس والجيش والوطن.. وتبقي تلك الحرب المقدسة علامة فارقة في طريق وطن ومسيرة جيش.. تضئ بين الحين والأخر.. لتذكرنا وتنبه العالم كله.. أن المصريين ومعهم جيشهم إذا أرادوا وقرروا.. نفذوا وأنجزوا.. سكونهم ليس ضعفا.. وانتكاستهم ليست أبدا هزيمة.. وليست كاسرة لإرادة النصر داخلهم..

قد يقول قائل.. ومعه كل الحق.. أن هذا الكلام ليس جديدا وحفظناه جيلا بعد جيل.. لكن كما قلت وكتبت سابقا.. أن في كل مرة نذكر ونتذكر حرب أكتوبر.. نجد من الدروس ما هو جديد ومفيد.. ومن المعلومات ما هو مفاجئ ومبهر.. ويجب تحويل زخمها المقدس وقودا إما يدفع الشعب من الثبات إلي التقدم باستقامة.. أو زيادة وتقويم قوة اندفاعه للأمام اختصارا للوقت واستدعاءَ لمستقبل مشرق نستحقه بعد معجزة أكتوبر.. لكن لا ندري لماذا تأخر؟..

وأمس الخميس.. كنا على موعد مع الندوة التثقيفية التاسعة والعشرون التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة تحت عنوان: «أكتوبر .. تواصل الأجيال».. وتثبت الندوة صحة كلامي بضرورة الإعادة والإعادة للإفادة من معجزة أكتوبر.. ولعل أهم ما جاء فيها الكلمة التي لم تكن مدرجة للرئيس عبد الفتاح السيسي.. لكنه بحس المواطن أولا.. والرئيس الذي يشعر بمسئوليته الكاملة عن الأمة ثانيا.. سارع بالحديث.. وقبله لاحظت أن الرئيس ظل يدون ولفترات ليست قصيرة أو قليلة نقاط في دفتر صغير.. أظنها محور كلمته حيث حمل هذا الدفتر معه للمنصة..

وقبل أن نترك حديث الرئيس ورسائله.. أعيد ما قلته كثيرا وأفخر به.. أن جيشنا العظيم تثبت المواقف والأيام أن رجاله بقوتهم وعقيدتهم ووطنيتهم وعشقهم للتضحية والفداء.. هم بشر غير البشر.. لن أتحدث هنا عن جيل أكتوبر الرائد والذي كان حاضرا بالندوة سواء بكلمة وتكريم الفريق يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 مشاة في حرب أكتوبر أو تكريم اللواء الراحل العبقري باق ذكي صاحب فكرة فتح الثغرات بخراطيم المياه.. لكن ولأن عقيدة الجيش تنتقل جيلا بعد جيل.. أشير هنا إلى قوة وعزيمة وصلابة مجند من صعيد مصر.. بسيط.. لكنه عظيم بوطنيته.. متوسط الحال.. لكنه ثري بإيمانه بربه وبلده.. تعليمه عاديا.. لكن بلاغته تناطح كبار الأدباء.. محمود مبارك المجند الذي فقد عينيه في الحرب الحالية على الإرهاب الأسود.. يقف شامخا شموخ صعيدنا الطيب ليقسم وبصدق شعرناه.. أنه لو عاد بصره ألف مرة.. لقدمه فداء لمصر في كل مرة بدون تردد.. هذا حال خير أجناد الأرض ومصنع الرجال..

الصدق .. وألاعيب السياسة
نعود للكلمة الارتجالية للرئيس السيسي.. الذي أستأذن وبأدب اعتدناه منه مقدم الحفل أن يلقي كلمة غير مخططة ببرنامج الحفل.. وكانت الكلمة أيضا كعادة الرئيس تلقائية تعبر عن شعور يراه صادقا.. لكنه يعود ويؤكد أن هذا إحساسه.. إنما الصدق الحق عند الله وحده.. وفي مثل تلك الكلمات المرتجلة للرئيس قد تأتي في جزء منها أو معظمها بصورة لا تتماشي أبدا مع متطلبات السياسة التي تفرض علي المسئول أن يزن كل كلمة بميزان حساس.. ويقول أحيانا ما لا يصدقه أو يعتقده.. لكنه يتسق مع ألاعيب ومراوغات ومتطلبات السياسة.. ولأنه يعلم جيدا أن ما سيقوله بعيدا كل البعد عن مطالب السياسة.. فقد أكد الرئيس وشدد على أن كلمته يلقيها كمواطن مصري وليس كرئيس للبلاد.. يقول ما يعتقده الصدق ولصالح بلده..

ورغم أن كثيرون يدركون أن قرار الحرب لم يكن بالهين والسهل.. وأغلبهم يعتقد - وليس يقينا - أن فارق القوة كان لصالح العدو الإسرائيلي بفارق كبير.. كما أن الكثيرون يلومون على الزعيم البطل الشهيد محمد أنور السادات لماذا توقف عند هذا الحد في الحرب ولم يكمل حتى يلقي إسرائيل في البحر!!.. ولأول مرة تأتي الإجابة التي يظنها أو يعرفها البعض لكنها هذه المرة تأتي يقينا على لسان رئيس الدولة.. ففارق القوة كان يميل وبشدة لصالح إسرائيل وبصورة كانت تبدو معها الحرب مستحيلة.. كما أن قدراتنا لم تكن لتسمح بأكثر مما حققناه من تحرير 15 كيلو شرق القناة فقط وليس شبرا واحد أكثر من ذلك..

وهنا لم يذكر الرجل هذا الكلام تقليلا لأحد أو إحباطا لأحد من قدرات جيشه.. فقد أردف ما قاله وفورا وبكلمات قوية «ما حدث معجزة تؤكد قدرة وعظمة جيش مصر ورجاله وعظمة قرار الحرب للسادات.. أما فيما يخص المستقبل كان واضحا وضوح الشمس أن هزيمة 67 لن تتكرر.. وأن جيشنا العظيم قادر على أن ينتصر في كل مرة مثلما فعل في أكتوبر»..

لكن الرئيس قصد ومعه كل الحق.. كيف كان الرأي العام ضاغطا على الرئيس السادات ليتخذ قرار الحرب.. وتحمل الرجل وخلفه الجيش ما تحملوا من تجاوزات ونكات وسخرية من تأخر قرار الحرب.. وهنا إشارة واضحة ومطلوبة.. لكل من يفتي بغير علم ولا يدري أن فتيه مضر وقد يدفع البلاد للتهلكة إذا ما استجاب المسئول لتلك الضغوط في غير وقتها أو تسببت في إحباط مؤسسة وطنية عظيمة.. ولطالما وضعنا ثقتنا في جيشنا وقادتنا.. فنترك لهم الأمر واثقين أن القرار السليم سيأتي في الوقت السليم..

أخطاء ٢٠١١
ولعلها المرة الأولي التي يصف الرئيس ما حدث بمصر في 2011 عندما وصفه بـ «العلاج الخاطئ لتشخيص خاطئ» وبالطبع سيتلقف المتربصون المرجفون هذه المقولة مأولينها لموقف معين للرئيس من ثورة يناير.. لكن الرجل كان واضحا أيضا عندما قال إنه: «لم يكن مطلوب تغيير الأشخاص بس وخلاص».. أي أن الرجل يري التغيير كان مطلوبا بل ومهما وملحا.. لكن من الخطأ حصره وقتها في تغيير الأشخاص دون أن يكون تغييرا شاملا يدفع الوطن للأمام.. لذلك كان ما كان من عام حكم الإخوان وثورة الشعب من جديد على الأوضاع التي لم تكن إلا صورة أكثر قتامة من حكم الحزب الوطني..
نصل إلى مطلب للرئيس أري أنه يتحتم علينا أن نجعله مشروعا قوميا للبلاد.. ألا وهو خلق حالة من الوعي والفهم الوطني ليس حول أكتوبر فقط.. إنما حول كل ما يدور في البلاد وما تشهده فالوعي المزيف المنقوص وبحق كما وصفه السيسي «أخطر أعداءنا حاليا» وهذا في رأيي مسئولية أمتنا بكل مقوماتها ومكوناتها..

ورغم ما تشهده البلاد من حركة تعمير وتنمية في كل ربوعها لا يخطئها إلا جاحد.. فالرئيس لا يخفي قلقه من أن الأوضاع الاقتصادية بمصر صعبة.. فرغم تأكيده على أنه سيقدم للشعب دولة جديدة مختلفة في يونيو 2020.. لكنه في نفس الوقت حث المسئولين والأعلام أن يصفوا الحقيقة للناس..ولخصها الرئيس في حديثه عن أسعار الوقود والطاقة.. فرغم ما تم من تخفيف الدعم.. لازالت الميزانية تحتاج دعم ٧٧ مليار جنيه للكهرباء و125 مليارا للوقود..

ولعلنا لا نستطيع أن نختم المقال دون أن نضم صوتنا عاليا جهوريا لصوت الرئيس عندنا قال: «المعركة لسه ما خلصتش.. بس العدو أتخلق جوانا واتغيرت الوسائل والأدوات.. فمتى يا أمتي تفقهون؟!»..
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة