حمدى رزق
حمدى رزق


فيض الخاطر

الشرقاوى شهيداً

حمدي رزق

الثلاثاء، 03 سبتمبر 2019 - 07:15 م

من حق أمين الشرطة الشهيد «على أحمد الشرقاوى» هذه المساحة بعد أن بخلت عليه صفحات رسم الأبطال بصورة أو حتى بذكر رقيق، شهيد قرية ميت غزال (السنطة/ غربية) شاب ريفى بسيط ارتقى مضرجاً فى دمائه بسكين غادر فى وضح النهار والزحام بشارع «المرعشلى» بالزمالك.
نعى الداخلية للبطل الشهيد، وتشييع أهل قريته فى موكب مهيب، وقرار المحافظ اللواء هشام السعيد إطلاق اسمه على مدرسة ابتدائية، تكفى البطل لحين تكريمه فى عيد شهداء الداخلية، ولكن لا ذكر ولا نعى على وسائل التواصل الاجتماعى ولا دعاء بالرحمة، فعلا شهداء الواجب لا بواكى لهم.
أسرته احتسبته شهيدا فى حب الوطن، ونعاه والده محزوناً، ونحن عنه غافلون، لا احتلت صورته الصفحات موصوفة بالصفات، ولا غرد المغردون على شهادته، ولا حررت شهادات البطولة فى إثره، ولا خف المعزون اللامعون إلى سرادقه.
القصة وما فيها أن البطولة أصبحت على الهوى، والشهادة موصوفة للأهل والعشيرة، والتغريدة للأقرباء، والتويتة للمحسوبين، أما الشرقاوى فمواطن غلبان، لا حزب ولاجماعة ولا شلة ولا نخبة تتجمل حضورا فى سرادقه، وتسود الصفحات لإثبات وجود، وتغرد لتضيف أرصدة وهمية فى حسابات سياسية موهومة.
البسطاء أولى بشهدائهم، لا نريد منهم جزاء ولا شكورا ولا تغريدة ولا تويتة، ولا حتى كف عزاء، هو الواجب محتاج تذكير، لن يضيفوا كثيرا إذا حضروا، ولن تنقص جنازته بعدم حضورهم، «غيابهم زى حضورهم مثل الترمس النيئ».
هؤلاء مدعوون فقط فى الأحزان تحت الأضواء، أمام العدسات، ما لهم بسقوط أمين الشرطة غلبان فى شارع أنيق، وعلى طريقة شاعرنا الرقيق ابراهيم ناجى «آه ثم آهٍ ثم آه»، لو كان سقط لهم شهيد فى شارع المرعشلى على يد شاب مهتز نفسيا، لقلبت الدنيا رأسا على عقب، وطارت صورته ودمه سايح على الأرض إلى فضائيات العالم، ولتشكلت جماعات، واستنفرت منظمات، وصدرت بيانات، وشكك عقورون فى الحالة النفسية للمتهم، ولأضافوا توابلهم الحارة على دماء الشهيد، ولصارت قصة خبرية أولى فى بى بى سى، ولنبح عليه طويلا عقورون فى قنوات رابعة التركية.
نعم شهداء الجيش والشرطة لا بواكى لهم سوى من اكتووا بنار فراقهم، كل يوم يرسم من الجيش والشرطة ابطال، نحتسبهم شهداء، ونقف معتبرين موحدين عندما تمر مواكب التشييع، ونعاود الحياة موقنين ان الله ينظر إليهم ويفسح لهم فى جنانه،مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة