عاطف النمــر
عاطف النمــر


إضاءات

رسالة بمداد الوجع

عاطف النمر

الأربعاء، 04 سبتمبر 2019 - 10:54 م

صاحب القلم النظيف الناقد الكبير جرجس شكرى ألمنى كثيرا بالرسالة المفتوحة التى بعث بها للراحل العزيز محمد أبو السعود الذى وصفه بمخرج " مسرح الصور الذى دفنوه مرتين "، ولهذا اترك هذه المساحة للسطور الصادقة التى عبر بها جرجس شكرى عما يجيش فى نفس اهل المسرح تجاه فنان حقيقى لم يلتفتوا للمناشدات التى طالبت بتكريمه، وتلك سطور جرجس التى خاطبه بها : " هذا الرجل خدعه المسرح مرتين، خدعه حياً وميتاً، حين اعتقد أن الواقع المسرحى آمن بموهبته فأطلق العنان لمخيلته دون حدود فى الكتابة والإخراج والسينوغرافيا، فى كل مفردات العرض المسرحي، وفجأة اكتشف الحقيقة وتلك كانت الخدعة الأولي، والمرة الثانية بعد موته، حين اهتز الوسط المسرحى لرحيله الذى وقع على الجميع كالصاعقة، فأعتقدت أنا وغيري، وربما محمد أبو السعود فى مقبرته أن ما حدث بمثابة اعتذارعن إهماله فى السنوات الأخيرة حتى مات وحيداً!
وبعد شهور قليلة أعلن المهرجان القومى عن تكريم ست عشرة شخصية من الموتى والأحياء، من الممثلين والموظفين ليس من بينهم محمد أبو السعود، ورغم أن هذا الفعل أصاب البعض بصدمة أخرى إلا أننى لم أندهش، لأننى تعلمت من الخدعة الأولى فلا رئيس المهرجان ولا أعضاء اللجنة العليا سواء من هم بأسمائهم أو صفاتهم أى رؤساء القطاعات يعرفون محمد أبو السعود أودوره المؤثر فى المسرح المصرى، ولا يرغبون أصلاً فى معرفته، فلديهم ما يكفيهم من المعرفة التى تتناسب وفهمهم للمسرح، فمن يتأمل مجموع المكرمين أو فاعليات المهرجان بشكل عام يعرف أنها للاستعراض سواء فى العدد الهائل من العروض، أو عدد المسابقات!
أخى محمد، وأنا أقرأ أسماء المكرمين وليس من بينهم اسمك، سأقول لك انتابتنى مشاعر الحزن والفرح فى آن، فاستبعادك من التكريم هو إقصاء لجيل، اقصاء لإتجاه هو الأهم فى المسرح المصرى منذ تسعينيات القرن الماضي، اقصاء الموهبين لصالح الموظفين، أما مشاعر الفرح لأنك ليس بين هؤلاء، لأنك لا تشبههم، وأعرف أنك كنت ستبتسم فى سخرية وربما تغضب كالأطفال ثم تحكى لى عن جان جينيه وميخائيل رومان ومحمود دياب وسعدالله ونوس ونجيب سرور وننفق الليلة فى أحلامنا عن المسرح ونسخر من مسرح الموظفين حتى يفاجأنا الصباح ! كنت سأقول لك أن الأمر لا يتعلق بالتكريم، فهناك أسماء مهمة لم يتم تكريمها، ولكن دلالة الفعل فى الاقصاء المتعمد لإتجاه مستقل عن السائد والمألوف !

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة