السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

أضيئوا الأنوار

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 03 نوفمبر 2019 - 07:29 م

السيد النجار

افتحوا النوافذ.. أضيئوا الأنوار فى بيوت الثقافة والأندية ومراكز الشباب وفى المدارس والجامعات.. اشعلوا نوراً محل الظلام فى عقول ونفوس ابنائنا

فى مدن وقرى ونجوع مصر المحروسة، تنتشر الآلاف من مراكز الشباب وقصور وبيوت الثقافة.. ولكن المؤسف إن الاغلب منها.. تسكنها الأشباح.. مظلمة.. كئيبة.. أثاثها، شوية كراكيب.. شاغلوها، كثير من الموظفين، الأكثرية منهم، لا علاقة لهم بالمكان سوى دفتر الحضور والانصراف.. وعادة ما يتبادلون التوقيع. أما الجمهور والأنشطة والحياة الثقافية والفنية والرياضية، المفروض ان تدب فى هذه المواقع، ليلا ونهاراً، لا وجود لها. قليل منها، ما تجد فيه قليلا من الرواد، إذا تصادف وتولى المسئولية فيها، أحد الموهوبين، المبدعين، هواة الفن والرياضة.
فى أحد لقاءات الشباب، عقب خروج مصر من البطولة الافريقية.. عقب الرئيس عبد الفتاح السيسى.. قال فأوجز، حدد الداء، ووصف العلاج.. تساءل.. أين البحث عن النجباء.. من الممكن أن نجد ألف لاعب، وألف مبدع وفنان.. أين المسرح.. أين الملعب فى مراكز الشباب والأندية وقصور وبيوت الثقافة.. أين مسابقات الجامعات، ووزارة الثقافة لدينا ٢٢ مليون طالب من ابتدائى وحتى الجامعة، كيف نكتشف من بينهم المواهب.. كيف نوفر لهم المناخ ونذلل العقبات، المجاملة وعدم الاكتراث لا يحققان النتائج المرجوة.. مطلوب إصلاح آلية التنفيذ، وطريقة الاختيار والانتقاء، وأسلوب التقييم والمتابعة.
ما يطرحه الرئيس فى لقاءاته المتنوعة، مفروض أن يتحول الى برامج، تقوم على تنفيذها الحكومة والجمعيات الاهلية.. يجب ان نتلقف الفكرة ونحولها إلى واقع.. وخلية نحل تذلل العقبات وتوفر الامكانيات.
وإذا كان حديث الرئيس قد جاء فى إطار رعاية المواهب واكتشاف المبدعين، فى الرياضة والفنون والآداب، الا أنه ، كان اشارة إلى ما هو أوسع وأهم.. بجذب عامة الناس، الاسر والشباب والأطفال الى مراكز وبيوت الثقافة. وأن نتذكر أن الهدف منها، لم يكن سوى بناء الإنسان، أحياء وجدانه، وإثراء عقله، وتنمية مهاراته ورعاية مواهبه. وللمفارقات الغريبة ان يغيب هذا الدور، فى الوقت الأكثر إلحاحاً وضرورة لمواجهة ظاهرة العنف وتغييب الوعى وتطرف الفكر، وكلها ظواهر تواكبت مع خفوت أنوار مشاعل التنوير.
اضيئوا الانوار.. افتحوا النوافذ فى بيوت الثقافة ومراكز الشباب.. فى المدارس والجامعات.. اشعلوا نوراً محل الظلام فى عقول ونفوس ابنائنا.. انطلقوا.. إبدعوا.. أجذبوهم للمكتبات والمسارح وقاعات السينما..وورش الفنون، وملتقى الندوات، أحيوا وجدانهم.. أثروا عقولهم، هذا ليس المستحيل.. ولا يحتاج من الأموال إلى خطط وموازنات.. بالقليل من الفلوس نستطيع أن نحيى أمة.. حينها نقول.. بدأنا صح لمواجهة التطرف والإرهاب.
لا تهينوا شباب مصر بذرائع واهية تخفون بها قصور الفكر، وكسل وروتين الأداء، وغياب الإحساس بالمسئولية، فتركتم الساحة للدخلاء على العقل والروح والوجدان المصرى، وانفرد من يلهث وراء المال، فكان من الطبيعى فكر هابط وذوق متدن وسلوكيات منحدرة. لو كان شباب مصر هكذا، لما جاء شباب مصر من كل حدب وصوب بالآلاف لمشاهدة حفلات الموسيقى بمهرجان القلعة، تعدوا عشرين ألف مشاهد فى حفل عمر خيرت.. ينشرح القلب وتسمو الروح سعادة بحضور شباب لحفل موسيقى، ليس رقصا ولا غناء.. اندهشت عندما وجدت المسرح امتلأ عن آخره لحضور عرض لفرقة المولوية للإنشاد الدينى والغناء الصوفى وأشعار الحب الراقية، وفوجئت بجمهور يطلب من الفنان عامر التونى قصائد بعينها. ومفاجأة أخرى.. لا مكان شاغرا فى حفل فنى للمطربة الشابة ياسمين على، صاحبة الأغانى ذات الكلمات الراقية والذوق الرفيع.. شباب وعائلات مصر تبحث عن فن راق وتذاكر فى متناول اليد، لو كان شباب مصر هكذا.. كما يحلو للبعض أن يروج إما باحث عن الإسفاف، أو منصرف للتطرف.. ماشارك الآلاف منهم فى مهرجان إبداع للرياضة والفنون الذى تنظمه وزارة الشباب.
نقدر جهود وزارتى الثقافة والشباب وبعض الجمعيات الاهلية فى تنظيم المهرجانات والمسابقات.. ولكن لا نريدها.. احتفالات أو لعدة أيام.. نريدها طابع حياة. ونشاطاً يومياً فى كل ربوع مصر وليست فى القاهرة فقط وبعض المدن الساحلية.
الاختراعات والشباب
محمود المالكى.. مخترع شاب.. قصته تؤكد ضرورة تعديل قانون أكاديمية البحث العلمى فى مصر، وأن يتعدى دورها صك براءة الاختراع، إلى دور فعال فى التنفيذ مع الوزارات والجهات المعنية، وأن يستمر اشرافها حتى يرى الاختراع الجديد النور.. هذه بداية.. إذا كنا فعلاً نريد الحفاظ على شبابنا من المبدعين والمخترعين. والا يكون بلدهم طاردا لهم.. تتلقفهم الجامعات ومراكز البحث العلمى فى العالم.. محمود المالكى نموذج لآخرين، تناولهم ملف صحفى هام. قرأته فى صحيفة ٦ أكتوبر التى يصدرها قسم الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم. وأجرت الحوار المتميز معه الزميلة أغادير أحمد.
محمود حصل على براءات اختراع.. مجالاتها يطول شرحها، ولكنها ظلت حبيسة الأدراج.. ويقف التمويل لتنفيذ الاختراعات عائقاً أمامه.. هو وغيره من الباحثين. وأمام العديد من العراقيل يفكر محمود المالكى الطالب بكلية الهندسة فى البحث عن فرصة للسفر للخارج حتى ترى اختراعاته النور. وتكون اختراعاته إضافة لاسهامات العلماء المصريين فى خدمة الإنسانية.
فى يوميات سابقة.. تناولت قصة العالم الشاب عمر عثمان تحت عنوان «طردوه طالباً وكرموه عالماً».. وما قصة محمود وعمر إلا تجسيد لمشوار عشرات العلماء الشباب والقصص التى لا نعلمها.. ولكن بالتأكيد وزارة البحث العلمى تعرف الكثير.. فهل نتحرك لفعل شىء؟
درويش والاستاذ
كنا تلاميذ للجيل الثانى بعد استاذ الصحافة المصرية مصطفى أمين.. ومن بين التلاميذ، كان منهم الأكثر نجابة ونباهة وثقافة، من اعطى لأقرانه درساً، ألا يصمت ابداً على مجرد خطأ فى معلومة، وألا يكتم رأيه حتى لو كان أمام العملاق مصطفى أمين.. عن الكاتب الصحفى محمد درويش مدير تحرير الأخبار أتحدث.. كنا نحبو الخطوات الأولى فى بلاط صاحبة الجلالة. تعودنا من محمد درويش، ألا يكتم رأيه فى خبر منشور، أو فكرة تحقيق صحفى وأسلوب معالجته، أما المفاجأة أن رأيه هذا هو الدرس الأهم الذى صار نهجاً لمشوار جيل.
تصادف فى إحدى سهرات الطبعة الثانية من جريدة الأخبار أن قرأ محمد درويش مقال «فكرة».. أهم وأشهر أعمدة الصحافة المصرية للكاتب الكبير مصطفى أمين. توقف درويش أمام معلومة فى المقال الذى كتبه مصطفى أمين بمناسبة وفاة الراحل أحمد بهاء الدين، كتب مصطفى بك أن  بهاء الدين بعد اختلافه مع الزعيم السادات، ترك رئاسة تحرير الأهرام وسافر للعمل فى الكويت رئيساً لتحرير مجلة العربى، وعاد بعد وفاة السادات رئيساً لتحرير الأهرام لمدة عام، ثم تفرغ كاتبا بها. تلفت درويش حوله موجها حديثه للزملاء قائلاً إن بهاء الدين عاد كاتباً بالأهرام ولم يتول رئاسة تحريرها مرة أخرى بعد عودته. قال  بعضهم يا عم أنت بتراجع على مصطفى أمين. ولكنه تمسك برأيه وموقفه.. أبلغ نائب رئيس التحرير المسئول، طلب منه مراجعة المنشور مع الأصل بخط الاستاذ، لم يجد اختلافاً.. أبلغوا رئيس التحرير، الذى طلب الاتصال هاتفياً مع مصطفى أمين.. اتصل درويش بالاستاذ وعرفه بنفسه وأخبره بالمعلومة الصحيحة.. وأردف.. اتصل بسيادتك بعد شوية لتملى التعديل.. لا.. وتتصل ليه تانى.. أكتب يا محمد ما قلته وشكراً لك.
من حينها.. ومع بداية حياته الصحفية، اشتهر محمد درويش بين أبناء جيله بالاستاذ الذى «عدل» لمصطفى أمين .. أو فى مزحة «صاحب فكرة».. وأطلق عليه الكاتب الكبير ياسر رزق فيما بعد لقب «الكبير».. ولم.. لا.. ومحمد درويش بقايا مهنة ليست الاستاذية فيها لمناصب، أو المهنية لدرجة وظيفية.. تعلمنا من موقفه.. ألا يهاب الصحفى أحداً.. وأن يتمسك بالتعبير عن رأيه وغيرته على صحيفته وكاتبه الأكبر، والالتزام بالمسئولية والأمانة الصحفية.. كما كان الموقف فرصة لدرس العملاق مصطفى أمين.. تشجيع الشباب على الرأى والثقة بأنفسهم وقدراتهم.
هكذا دائماً.. محمد درويش.. مرهف الإحساس.. ذو ذوق رفيع.. واسع الثقافة.. يمتلك ناصية اللغة، فى أسلوب سهل مباشر رشيق.. شديد التواضع.. ودون قصد منه بالطبع، كان اختيار عنوان مقاله بالأخبار «نقطة فى بحر».. فمهما كانت سعة معرفته ورجاحة رأيه، إلا أنه لا يرى غير أن ذلك لا يمثل إلا نقطة فى بحر.. وهو متابع جيد للأحداث.. امتلك فراسة قراءة ما بين السطور، والفرق بين الغث والسمين من الرأى والتحليل الصحفى.. ولذلك كان طبيعياً ان يتولى مسئولية صفحات الرأى والمقالات بجريدة الأخبار.
بائع صحف.. هو الأغنى
سألوا أغنى رجل فى العالم.. هل ترى أن هناك من هو أغنى منك..؟.. قال .. نعم.. أجاب.. بائع صحف فقير.. وإليكم القصة.. قال بيل جيتس فى مقتبل حياتى.. توجهت لبائع صحف أمام المطار لشراء صحيفتى المفضلة لتكون رفيقى فى السفر.. ولم نجد «فكة» لثمن الصحيفة.. قال لى الشاب البائع خذها بدون مقابل.. والغريب أن نفس الموقف تكرر مع نفس الشاب . وأصر على اعطائى الصحيفة.. ويكمل جيتس القصة.. بعد ان حدث ما حدث واصبحت الثرى صاحب الشركات بذلت جهداً مضنياً للوصول الى هذا الشخص، واحضرته إلى مكتبى وقلت له.. اتذكرنى.. قال.. لا.. ومن أنا بالنسبة لك، فرويت له القصة.. وقلت.. أنتظر أمرك.. ماذا تريد، رداً على فضلك.. ابتسم الرجل وقال.. لا أريد شيئاً.. سألته.. لماذا.. قال عندما أعطيتك الصحيفة، كنت استمتع ويسعدنى هذا التصرف بصرف النظر عن فقرى.. اما أنت اليوم تريد رد الجميل بعد أن اصبحت ثرياً، وأنا لا أريد منك ذلك.. وأصر على موقفه.. واستطرد جيتس.. أعتبر هذا الرجل هو الأغنى منى.. فهل نتعظ؟!
همس النفس
معك.. كانت صحبة لا تعرف شكا ولا ريبا.. كنت الصديق الوفى وحبيب سطر فى العشق حروف كتابى.. إن فكرت فى البين بيننا.. جادت العين بالدمع من فرط الجوى.. وبكت النفس على نفسى، فما بعد فراقك وصل ولن يعرف القلب الهوى.. وكيف يسعد مقلة العين من بعدك نظر.. وما للموت من خشية سوى الحزن أن ينقضى به حبى.. لا تسأل ما بى، فالله به أعلم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة