كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الأحلام المحمولة جوا !

كرم جبر

الإثنين، 04 نوفمبر 2019 - 07:52 م

ظهرت الرأسمالية فى أوروبا فى القرن الرابع عشر، فى ثياب «الجنة الموعودة»، التى تحمى المزارعين فى الحقول والحطابين فى الجبال والعجائز حول نار المدفئة، من ويلات الإقطاع، وتحمل البشرى بالحريات السياسية والاقتصادية والابداعية.
ولكن..
فى البلاد التى تنتفض حولنا، تحولت جنة الوعود التى جاء بها الربيع العربى إلى جهنم.. تحالفات إقطاعية دينية وااقتصادية وسياسية، تتمرد ضدها الشعوب المخدوعة بأحلام الحياة الأفضل، فقوبلت بالأسوأ فى كل شيئ.
ثارت الشعوب فى القارة الأوروبية على القهر المصيرى والمعيشي، فمالك الأرض كان يتحكم فى رقاب البشر، وانقسمت المجتمعات إلى سادة وعبيد، وتحالف الإقطاع مع الكنيسة، فأخذت العبودية صكوكاً من السماء.
>>>
الشعوب العربية المنتفضة تنادى بمحاربة الفساد، وسربت أرقاماً فلكية بعشرات المليارات من الدولارات، يقتنصها أفراد من استثمارات فاسدة، فأصبح الاقتصاد يُدار بطريقة « نقل الدم فى الاتجاه العكسى «.
الشعوب المنتفضة لا تستثنى منهم أحدا، وتنادى بسقوط الجميع، المؤسسة الدينية والسياسيين ورجال الأعمال.. أشباه مثلث الرعب الذى ساد أوروبا المظلمة فى القرون الوسطى، وجاءت الرأسمالية على أنقاضه.
الرأسمالية فى المنطقة العربية عملة واحدة لها ثلاثة أوجه «الدين والسياسة والثروة»، سلكت أقصر الطرق إلى نموذج عصر الإقطاع، فأخذت كل مساوئه ولم تأخذ من مميزاته شيئاً، غير حرية أصحاب الكروش الثمينة فى الامتلاء إلى حد الانفجار.
الرأسمالية العربية بأجنحتها الثلاثة ورثت العيوب التالية: تكدس الثروات والأموال فى أيدى فئة قليلة، انعدام حقوق الملكيات الفكرية، ضيق هوامش الحريات السياسية والاقتصادية، عدم توافر العدالة فى توزيع الثروة والدخل، تفشى البطالة والفقر، وتمهيد الطرق إلى الثورات والاحتجاجات.
>>>
الرأسمالية العربية تحكم على نفسها بالسقوط.
وأصبحت الشعوب تبحث عن «نظام جديد»، ومظلة حماية تقيها العوز المعيشى والفقر وامتصاص الثروات، ولا تجد سبيلا إلا المطالبة باستعادة دورالدولة الوطنية، التى تغير الدفة لصالح الشعوب، وليس تقسيم الغنائم بين السياسيين ورجال الدين والأثرياء.
المحاكاة العربية كما أخذت أسوأ ما فى الاشتراكية، ضخمت أسوأ ما فى الرأسمالية، ولم تنتبه للأمراض التى أدت إلى وفاة الاشتراكية، ولم تأخذ بالضوابط التى تمنع تحول الرأسمالية إلى وحش كاسر.
السبب: الديمقراطية المزعومة التى هبت على المنطقة،كانت بالغزو والصواريخ والدبابات وليست بإرادة الشعوب، وسلّمت جيوش الاحتلال مفاتيحها للتيارات الدينية المسلحة، وانكشف كذب «وعد كونداليزا رايس»: «نموذج الديمقراطية فى العراق، سوف يكون الجنة التى تهب نسائمها على بقية دول المنطقة».
فصعد مثلث الرعب على سطع المجتمعات، فاشية دينية متحالفة مع ثروات فاسدة متحالفة مع سياسيين غير صالحين.
لم تأت الأحلام المحمولة جوا بالحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، جاءت فقط بالظلم والفقر والاحتياج والتبعية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة