كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

«مصالحة» تساوى «محاصصة»!

كرم جبر

الإثنين، 11 نوفمبر 2019 - 07:48 م

 

مصالحة مع الإخوان تساوى محاصصة، والدعوة إليها ظاهرها «المصلحة»، وباطنها «الفتنة»..الحكاية مش «يا بخت من وفق راسين فى الحلال».
مصالحة توحى بأن الدولة والجماعة الإرهابية قوتان متنازعتان على الأرض، وآن الأوان ليجلسا ويتفاوضا لإبرام اتفاقية صلح، وكأنهما دولتان فى حرب سكتت بنادقها، وحان وقت السلام.
لو فتحنا باب المصالحة فلن يغلق و«السقف يعلى»، عايزين مصالحة مع الأقباط، مع العمال، مع الالتراس، مع الأساتذة، مع المحامين.. وكلما مست القوانين جماعة، يخرج اهل الفتوى «عايزين مصالحة».
المصالحة ضد دولة القانون، فلماذا تُمنح جماعة صكوك الاستقواء مكافأة لتمردها على القانون؟.. والعدالة لا تستقيم إلا بفرض سطوتها على الجميع، من قتل وحرض وأحرق ودمر، يذهب إلى المحكمة وليس إلى مصالحة.
المصالحة ضد المساواة، وتمس وقوف الدولة على أرض عادلة بالنسبة للجميع دون تمييز ولا اضطهاد ولا اقصاء ولا ابعاد، بل احتواء الجميع تحت مظلتها، التى لا تفرق ولا ترفع إلا راية العدل والمساواة.
فى مصر يعيش آلاف من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أساتذة وأطباء وتجاراً وموظفين وعمالا وفلاحين ونساءً وشباباً وغيرهم، كسائر المصريين يتمتعون كغيرهم بحماية الدولة ورعايتها، ولم يقترب منهم أحد، ولم تمسهم أية إجراءات أو قرارات، هم مصريون ولهم سائر الحقوق وعليهم نفس الواجبات، إلا من خالف القانون وحرض ورفع السلاح.
>>>
مصر ليست كالدول المتحاربة حولنا، ولا يجوز التشبيه كمدخل للدعوة للمصالحة، ففيها جيش واحد قوى يمسك بزمام أمنها وسلامتها، ومؤسسات راسخة، ولا توجد شيع أو احزاب أو فئات مميزة، والمجتمع متصالح مع دولته.
فى الدول المتحاربة وصل المتنازعون إلى حد الإنهاك، وليس امامهم سوى «تعايش المهزومين» وفقاً لموازين القوى، فلا تخلطوا الاوراق، مصر تختلف.
الدعوة للمصالحة فيها رائحة غر مريحة، لتكريس مفهوم حول جماعة بأنها تناطح دولة، ولن تسلم مصر إلا إذا انصهرت الجماعة فى المجتمع كغيرها من البشر، دون استقواء بأهل وعشيرة، أو زعم بأنها تمتلك مفاتيح الاسلام.
>>>
لم يحدث فى تاريخ مصر، أن تصالح ملك أو رئيس مع تلك الجماعات منذ نشأتها، لا قبل ثورة يوليو ولا بعدها لأنهم رجال دولة، ويعرفون معنى كلمة دولة، ولا يفرطون فى ثوابتها.
حكام مصر جميعاً منحوا تلك الجماعات فرصاً للحياة السلمية كسائر المصريين، ولكنهم اضاعوا كل الفرص، وخانوا الجميع واغتروا بقوتهم وبحثوا عن جماعتهم وليس وطنهم، لعبوا مع عبد الناصر وقتلوا السادات وانتقموا من مبارك، وانتزع السيسى «شرعية الارهاب» قبل أن يغتالوا شرعية الوطن.
لم يقل لهم احد «متتصالحوش»، عيشوا كغيركم من المصريين، ولن تكونوا فى حاجة لمبادرات المكر والدهاء.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة