حوار| المنتج أحمد عبد العاطي: الدولة أنقذت صناعة الفن من الانهيار وأعادت التوازن للسوق المصري

المنتج أحمد عبد العاطي خلال حواره مع الأخبار

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019 - 06:37 ص

إسراء مختار

- مصر تستعيد مكانتها الفنية.. والمشهد الدرامى مبشر جداً - أهدف لتقديم فن يحمل رسالة ويعبر عن المجتمع - صناعة السينما فى تقدم والأولوية للأعمال الجيدة يعيش المنتج أحمد عبد العاطى حالة من النشاط الفنى خلال الفترة الحالية، على الصعيدين الدرامى والسينمائى، وقد بدأ عبد العاطى حياته فى عالم الفن مع بداية الألفية الثالثة، فقدم مجموعة من أهم أفلامها التى حفرت فى وجدان الجمهور، كما يغرد دائما خارج السرب، ويغامر بكل ما هو جديد، رسالته الأساسية إعادة الموضوعات القيمة للفن المصرى والدراما الهادفة وتقديم أعمال تهم البيت المصرى والعربى وتلمس وجدان المشاهد دون خدش حيائه، من أبرز أعماله السينمائية «زكى شان»، و«جعلتنى مجرما»، و«ظرف طارق» و«الدادة دودي»، وفى الدراما قدم مؤخرا مسلسل «نصيبى وقسمتك» بأجزائه الثلاثة، ويحضر حاليا للجزء الرابع، كما يعمل على مشروع يعتبره حلم حياته وهو مسلسل «مصطفى محمود»، وينافس فى الموسم الرمضانى المقبل بعمل جديد عن تفاصيل نشاطه الفنى، وعالم الإنتاج وسوق صناعة السينما والدراما فى مصر، وغيرها من تفاصيل يحدثنا عبد العاطى فى الحوار التالي:   - الصحافة كانت بوابتى لحب السينما، فعملى بالصحافة والنقد الفنى أثار شغفى بصناعة السينما، إذ كنت أعمل نائب مدير تحرير بجريدة الأهرام، وعندما لمس صديقى كامل أبو على حبى لهذا المجال، أقنعنى بمشاركته فى الإنتاج الفنى، من خلال شركة الباتروس التى توليت رئاسة مجلس إدارتها. - بدأنا العمل فى ٢٠٠١، وقدمنا سويا مجموعة من الأفلام منها: «زكى شان، ويجا، خيانة مشروعة، جعلتنى مجرما، ظرف طارق»، وأنتجنا أيضا نحو ٨ مسلسلات منها: «أحلام مريم، أولاد الشوارع، للثروة حسابات أخرى»، ومن هنا كانت الانطلاقة، وفى ٢٠٠٧ قدمت «الدادة دودي» و»السفاح»، وفى ٢٠١٠ اشتريت مسلسل مصطفى محمود وبدأنا فى التحضير له من وقتها، وبدأت فكرة «نصيبى وقسمتك» فى ٢٠١٤ مع هانى سلامة، ومازالت مستمرة. الدراما الهادفة - أنا أحب الإنتاج، وأحب التركيز فيما أقوم به لأتقنه، بالطبع أحافظ على عملى فى الصحافة وأفخر به ولم أتنازل عنه، لكن الكتابة السينمائية بعيدة عن تفكيرى، فأنا استمتع بالصناعة نفسها. - فى الفترة الأخيرة، وتحديدا بعد الثورة يناير ٢٠١٤، أحرص على تحقيق حلم قديم لى منذ عام ٢٠٠٠، وهو تقديم موضوعات ذات قيمة وتهم الجمهور وتعيدنا للدراما الهادفة، وعندما قدمت «الدادة دودي» فى ٢٠٠٧ كان الجميع يراه فيلما للأطفال لن يحقق نجاحا أو إيرادات، وأنا الوحيد الذى رأيت العكس، فإذا كان الفيلم للأطفال المفترض أن يحقق إيرادات أعلى لأن الأطفال لا يدخلون السينما وحدهم، وبالفعل نجحت التجربة، فازداد حرصى على تقديم موضوعات تهم البيت المصرى والعربى ولا يخجل أحد من مشاهدتها. - لقد تذوقت طعم النجاح المعنوى من خلال تقديم أعمال هادفة، وأكرمنى الله بأن حققت هذه الأعمال نجاح كبير، لذلك أرى أن النجاح فى تقديم رسالة أهم كثيرا من نجاح الفلوس وشباك التذاكر، وهو ما يؤدى للكسب بالفعل. رسالتى فى الفن - رسالتى هى صناعة فن يمس الناس، ويكون منهم ومن حكاياتهم وموضوعاتهم. - وجود رسالة فى العمل الفنى لا يعنى إنه يفتقد للمتعة، بالعكس إذا خلت الأعمال الفنية من المتعة تفقد رسالتها، فـ»نصيبى وقسمتك» فى كل أجزائه يقدم حدوتة بداخلها رسالة، واستمتع الجمهور بمشاهدته جدا، وكذلك «الدادة دودي»، به رسالة ومتعة وأطفال ومواضيع اجتماعية وكوميديا، فالاستمتاع يعنى أن الرسالة وصلت وحركت مشاعر الجمهور. - كل منتج حسب رؤيته ومعطياته والاتجاهات التى يحب العمل فيها، وأنا أحب اللعب فى كل الاتجاهات لكن يبقى المضمون هو أهم شيء بالنسبة لى، أن أضع المشاهد فى حالة تجعله يستمتع بمشاهدة أعمال تنور له طريقه، أو مواقف درامية تحرك مشاعره وانفعالاته. القيم الفنية - لا أمانع فى تقديم أعمال غير واقعية إن كانت تحمل قيمة فنية وإنسانية معينة، وهو ما قدمته مثلا فى بعض حكايات نصيبى وقسمتك، مثل تجربة «كله بالحب» التى تدور حول التخاطر، وحكاية «بدلة جديدة» التى تدور حول قصة شخص يعيش مع أهله من خلال تقنية الهليوجرام، فأنا لا أمانع الذهاب إلى مناطق خيالية، ولكنها فى النهاية حملت رسائل اجتماعية مهمة، وبها دروس قوية، فى النهاية هى أعمال لم تحرج حياء المجتمع وتضحكه وتبكيه من القلب وتقدم دراما حقيقية، وهذه هى العناصر التى أبحث عنها فى الورق، سواء دراما أو سينما. - لا أحب مناقشة السلبيات فى شكل دراما طويلة، وأظل أعيش معها أو مع المآسى التى تسببها، ففى النهاية السلبيات لا تمثل أكثر من ١٠ ٪ وليست هى القاعدة، لذلك قد اقدمها فى إطار بسيط للتحذير منها وليس التحبيب فيها، فأنا ضد التركيز على السلبيات أو تقديم أعمال فجة لا تتناسب مع ثقافتنا من أجل تحقيق مشاهدات، فإذا تحدثت عن البلطجة أو الإدمان يجب أن أضعهما فى الإطار الذى يبرزهما كأمور سلبية يجب تلافيها. - كان توجها شخصيا عندما بدأت التفكير بتلك الطريقة، لكن فى الفترة الأخيرة أصبح السوق تقريبا شغال بمعطيات شبه واحدة، تراعى كل ذلك، وتهتم بالنصوص لتلاشى تلك السلبيات فى الدراما، وخدمة الدراما التى تبتعد عن الإسفاف، فما كنت أفكر فيه من قبل أصبح توجها عاما حاليا، وهو أمر يسعدنى جدا. - تدخل الدولة فى الإنتاج يعيد تنظيم سوق صناعة الفن فى مصر، لأنه عندما كانت الشركات تعمل فى اتجاهات مختلفة، كل منها بتفاصيلها ومادياتها وعروضها وممثليها، أصبحت هناك أزمة، ولم يعد المنتجون يكسبون، والقنوات أيضا تشترى بأرقام كبيرة وتخسر، لكن حاليا ساهم هذا التدخل فى ضبط الأمور، فدخول الدولة هو تنظيم لتلك العملية، ويعطى ثقة للمنتج، عندما يوقع مع قناة تابعة للدولة يختلف عن التوقيع مع قناة تؤول لمالك إذا تعثر لن يجد المنتج أمواله، فتدخل الدولة أعطى ثقة وأمانا كما فى الماضى عندما كنا نوقع كمنتجين مع مدينة الإنتاج الإعلامى أو قطاع الإنتاج فى التليفزيون أو جهاز السينما، كنا نشعر بالاطمئنان على أموالنا، فقد تدخلت الدولة لإنقاذ الصناعة من الانهيار وتنظيم السوق، وقامت بضبط السوق وضبط أجور النجوم، وإعادة التوازن، وإعادة الميزانيات لمجراها الطبيعى، وهو مؤشر لبداية تضخم إنتاجى جديد. - إعلام المصريين هى كيان يحقق استراتيجية وهدفاً معيناً، وتمكنوا خلال عامين من تخفيض الميزانيات وتحقيق زيادة فى الإنتاج وتقليل نسبة الخسائر، وهو ما يعنى إنهم يسيرون فى الطريق السليم، وأن مستقبل الإنتاج سيكون أفضل، وسيحدث انفتاح كبير فيه خلال الفترة المقبلة. - أرى إنه يتجه لمستقبل جيد، فإنتاج مسلسلات على مدار العام وخارج الموسم الرمضانى، ووجود دراما طوال السنة، هو ظاهرة صحية ومهمة للإنتاج المصرى، خاصة فى ظل زحف السوريين والتونسيين وغيرهم من دول عربية، وأصبح لدينا استيعاب درامى كبير جدا، وكم كبير من النجوم فى تجمعات واحدة ومسلسلات طوال العام، فالمشهد الدرامى مبشر جدا. - إنتاج السينما جيد جدا، ولدينا أفلام تنافس بقوة، وبدأنا نأخذ مكانتنا فى السينما بشكل واضح فى الفترة الأخيرة، وهو ما يعطى تصورا إيجابيا للمرحلة المقبلة، فالسينما أصبحت ذاخرة بالأفلام المعروضة والتى يتم التحضير لها، وزيادة دور العرض جعلتها قادرة على استيعاب العديد من الأعمال الفنية، ولدينا الكثير من النجوم والأعمال المميزة، فأنا أرى إننا فى مكانة جيدة جدا فى هذا المجال. تنوع فنى - أنا ضد فرض لون معين من الفن على الجمهور، فهناك أفلام الـ سى كلاس، وأفلام الـ بى كلاس، وأفلام الـ أيه كلاس، وجميعها لها جمهورها الذى يحبها ويتعلق بها، ولها صناعها أيضا، وهذه النوعيات موجودة فى العالم كله وليس فى مصر فقط، فلا يمكننى أن ألغى أفلام لفئة معينة لأن هؤلاء الناس يحق لهم مشاهدة الأفلام التى تناسب ذوقهم وأن يكون هناك صناعة خاصة بهم، لكن أن تكون هى السائدة فى المجتمع هذه هى الأزمة التى يجب محاربتها، فيجب أن يكون المنتج الجيد نسبته نحو ٨٠٪، وتوزع النسبة الباقية على بقية المنتجات، فالحل ليس بمنع هذا الإنتاج، بل بزيادة إنتاج الأفلام الجيدة. - بمن تعمل تلك الدول فى إنتاجها الدرامي! يسعدنى أن تقدم الدول العربية إنتاجات ضخمة، لكنها فى النهاية تقدمها بممثلينا ونجومنا، فعندما نشاهد مسلسلاً مثل «ممالك النار» ونرى فيه خالد النبوى، لا يهمنا إن كان الإنتاج مصريا أم سعوديا أم إماراتياً أو أيا كان، فى النهاية هى حكاية تخصنا بها ممثل مصرى، يقدم عملا مشرفاً بتكلفة ضخمة وجودة عالية، بالعكس قد يجعلنا ذلك نفكر بإيجابية فى المغامرة بتقديم إنتاج ضخم، خاصة أن لدينا موضوعات وقصصاً كثيرة جدا إذا قدمناها تصلح للعرض فى العالم كله وليس العالم العربى فقط. انتاج مشترك ـ بالطبع، لذلك علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا كصناع سينما ودراما، فالإنتاج الضخم لا يمكن أن يقدمه أشخاص، لذلك يجب أن تكون هناك مؤسسات تندمج مع بعضها لتقديم أعمال بهذا الحجم، فمسلسل ميزانيته ٦٥٠ مليون جنيه لا يمكن أن يقدم عليه شخص، كما أن الإنتاج المشترك يساهم فى التنويع الفنى، لأن وجود شخص واحد مسئول عن العمل سيجعل الذوق واحداً، أما وجود شراكات ومنتجين مختلفين يتبعه دخول كل منتج برؤيته وفكره وسيكون هناك تنوع حقيقى. - بدأنا التحضير للمسلسل منذ عدة سنوات، لأنه مسلسل كبير جدا، يتناول تاريخ مصر من ١٩٢٠ إلى ٢٠٠٩، وعدد الممثلين فيه يتخطى ١٦٠ ممثلاً وممثلة، ويحتاج ترتيبات وتحضيرات كثيرة، لذلك أتوقع إنه لن يعرض فى ٢٠٢٠، وأظن إنه سيكون جاهزا فى ٢٠٢١. حلم حياتى ـ هذا المسلسل هو حلم حياتى، لأن الدراما الخاصة به غير عادية، فالناس يعرفون فقط مصطفى محمود صاحب برنامج العلم والإيمان، لكنى أسرد تاريخ مصر من خلال رحلته، بكل كتابها وعلمائها وفنانيها وطبقاتها المجتمعية والساسة وغيرهم فى هذه المرحلة، فهو مشروع غير عادى. - العمل مناسب لكل الأجيال، فنحن لا نقدمه بشكل تاريخى، بل نفتتح العمل بمصطفى محمود عام ٢٠٢٠، من خلال تلاميذه وأولاده والأشخاص الذين تأثروا به، ثم نبدأ فى مواصلة رحلته من المولد حتى الوفاة. - أنا كنت متوقعه، بينما كل من حولى لم يتوقعوا له النجاح إطلاقا، لذلك غامرت به وبدأت فى تنفيذه قبل التوزيع أو العرض، فقد كنت مؤمناً بمشروعى جدا فى سوق لم يكن مرحبا بالفكرة، لكنه نجح بشكل كبير، ولمس الجمهور، ومنذ أيام وقعنا الجزء الرابع من «نصيبى وقسمتك»، لم أكن أرتب لكل ذلك سوى بعد النجاح الذى حققه المسلسل، فأصبح الناس مرتبطين به جدا، وهو الذى فرض نفسه، فلم يكن فى تفكيرنا أنا أو عمرو ياسين المؤلف أن نصل إلى جزء رابع، فأى فكرة جديدة تكون مغامرة للمنتج، ولكنه يجب أن يخوضها ليذيق الناس لوناً جديداً يؤمن به. اشاعة حب - لا أفكر فى فيلم معين وأنا بطبعى أحب الذهاب إلى الجديد خاصة فى السينما، لكن الفيلم الذى أود أن أعيد إنتاجه هو «إشاعة حب»، بالطبع ستكون المعالجة مختلفة لكنها ستقوم على نفس الفكرة حول عائلة بها شخص خجول لم يعرف أى فتاة فى حياته، لكنى سآخذها فى منحى مختلف تماما. - مازلت أحضر حاليا للجزء الرابع من «نصيبى وقسمتك»، وهناك عمل آخر فى رمضان المقبل سيتم الإعلان عنه خلال أسابيع بالتعاون مع إعلام المصريين، كما أحضر أيضا لمشروع سينمائى، من بطولة بيومى فؤاد لأول مرة، ومعه مجموعة كبيرة من النجوم وضيوف الشرف، وهو من تأليف وإخراج شادى الرملى، وسيعرض فى ٢٠٢٠.