صورة موضوعية
صورة موضوعية


«جروبات» الفضفضة على السوشيال ميديا «خراب بيوت»!

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 18 مارس 2020 - 09:19 ص

- مجموعات نسائية على فيسبوك وواتساب تبث السموم بين الأزواج وتؤدي للطلاق والمشاكل الزوجية


- «أميرة»: نصائح مسمومة تسببت في طلاقي


- «حنان»: تعرضت لابتزاز مالي وجسدي بسبب عرضي مشكلة


- مسئولة «جروب»: حالات فردية.. ونقدم خدمات للأعضاء


- خبراء: مرضى يستغلون «فضفضة السيدات» ويبتزوهن ويجب التصدي لها وإغلاقها 

 

جروبات فيسبوك والواتس آب والتي صارت بمثابة «عالم السيدات السري» حيث أصبحت المتنفس لكثير من السيدات والفتيات الأنقياء الذين بادروا في السعي لمساعدة غيرهن ولا ضرر من طلب بعض النصائح حال الوقوع في مشكلة كونهم كغيرهن في هذا العالم السري للسيدات البعيد كل البعد عن الرجال.. متناسين القلوب السوداء والنوايا الخبيثة لبعض السيدات أو لبعض المرضى من الرجال الذين يختبئون خلف حسابات سرية بأسماء وهمية كالذئاب تبحث عن فريسة.. ففي هذا العالم السري عاده ما تجد تلك « الست الحشرية» والتي تتلذذ في معرفة أسرار البيوت بل وتلقى سهامها المسمومة لإشعال الحرائق بين الأزواج تحت ستار « أنا عايزة مصلحتك»، ولا مانع من إلقاء شائعات أو أخبار كاذبة، وما المانع من وصف علاج لطفل إحدى السيدات دون الحاجة للكشف الطبي، أو اقتراح برنامج غذائي للتخسيس، كل هذا دون مراعاة للاختلافات شخص وأخر، ورغم الهدف السامي لبعض تلك الجروبات المغلقة والتي عادة ما تختص متابعيها فقط من السيدات والفتيات لأمور تخصهن، إلا أنها تحولت إلى أداة للتدخل في شئون الغير وطريق سهل لخراب البيوت من خلال نصائح هدامة أو تدخل في أمور الحياة الخاصة أو طريق سهل للإبتذاذ.

 

مع التقدم التكنولوجي وانتشار الهواتف الذكية، وخصوصا مع السيدات التى وجدن فيها خيارا أمثل لتقضية وقت الفراغ الكبير، ومع انتشار مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع فيسبوك وتطبيق المحادثة الواتس آب، أصبحت الجروبات التي تنشأ على هذه المواقع والتطبيقات من أساسيات الحياة اليومية، فتجد جروبا خاصا بسيدات العمارة وأخر خاصا بسيدات العائلة وجروب أولياء أمور المدرسة وأخر للأصدقاء وجميعها لا تهدأ ولا تمل يوميا في نشر المحادثات، ولكن أخطرها تلك الجروبات الخاصة بالفتيات والتي فتحت مساحة لتبادل الحديث وتقديم النصائح السامة والتي تسببت في «خراب البيوت» لكثير من الأسر.

 

خراب بيوت

 

ومن اخطر أنواع الجروبات تلك الخاصة بالفتيات والسيدات والتي تحمل عدة أسماء وتمنع دخول الرجال إليها لتشكل مجتمعا أنثويا يناقش ويحلل ابرز القضايا الخاصة بالسيدات، ثم اتجه بصورة أو أخرى إلى بث السموم بين الأزواج وتحريض السيدات ضد أزواجهن من خلال نصائح مسمومة لها قد تشكل نهاية لعلاقة الأزواج بعضهم ببعض، بخلاف التحريض على ممارسة بعض حيل التجسس أو متابعة الزوج والحث على افتعال المشاكل مما يصل حياتهم الزوجية بنهاية الأمر إلى طريق مسدود وينتهي بالطلاق وتشريد الأطفال.

 

وتحكى أميرة عاطف، أنها كانت مدمنة على مثل هذه الجروبات قبل زواجها فكانت تتسابق لجني المزيد من الإعجاب والتعليقات على ما تنشره من صور وقصص مختلفة على احد تلك الجروبات، إلى أن تمت خطبتها ثم الزواج، لتبدأ رغبتي الملحة في نشر يومياتي في عالم الزواج خاصة أنى كنت أتطوق لأحكي لأعضاء الجروب من الفتيات يومياتي كزوجة وتحضير الأكل والغسيل وغيرها من الأمور التي تكون عادة سببا من أسباب حديث السيدات بعضهن إلى بعض.

 

وعند أول مشكلة بيني وبين زوجي عقب زواجنا بثلاثة أشهر على الأكثر، بادرت بالشكوى في الجروب لما فعله زوجي، وهنا جاء التحريض من العديد من الفتيات بضرورة عدم السكوت وتكبير الأمر وافتعال حيل وقصص للرد على زوجي، وبالفعل بدأت أستمع إليهن وأطبق ما يقولونه وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلة بينى وبين زوجى وتدخل الأهل وانتهى الأمر بالطلاق.

 

وقالت، أعترف أنى تماديت في البداية ولكن ردة الفعل وتطور الأمور كان سريعا ولم يدع مجالا للمناقشة وكان الطريق الوحيد هو إنهاء علاقة الزواج بعد أقل من أربعة أشهر فقط من الزواج.

 

حنان تلك الفتاة العشرينية والتي اختارت ذلك الاسم المستعار «حنان» لتفادى الإفصاح عن هويتها فطبقا لتعبيرها « اللي أتلسع من الشربة ينفخ في الزبادي» فقط سبق وأن تعاملت بعفوية بشخصيتها وتعرضت لأكبر خداع في حياتها، بدأت حنان أنها قررت أن تحكى قصتها لمحاولة منع أخريات من الوقوع في نفس الفخ، تقول أنها كغيرها كانت عضوة في أحد الجروبات على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وكانت تتابع أولا بأول كغيرها ما ينشر من أسئلة وصفتها «تافهة» مثل « يا بنات حبيبي جاي يتقدملى النهاردة ألبس لون أيه» أو كأسئلة ومشاكل حقيقية، وضمن تلك المشاكل مشكلة لفتاه تدعى «ريم» وشعرت أنها مكسورة وتحتاج من يقف بجانبها وبشكل تلقائي تركت لها تعليق تضامن وخلال دقيقة وجدتها ترسل لى رسالة خاصة، لم أتردد فى التحدث إليها فهى تحتاج إلى من يكون بجانبها في مثل ذلك الوقت.

 

بعد ذلك بدأت تسألني عن نفسي وعن حياتي وبدأت أتحدث لأطمئنها وأن الجميع لديه مشاكل وهى فتاة مثلى ولا تعرفني ولا أعرفها فتحدثت عن مشكلة حساسة مع زوجي، وبدأت تسألني عن تفاصيل التفاصيل وكنت بشكل طبيعي أتحدث، وعند طلب هاتفي لم أتردد، وهنا كانت الكارثة جاء صوت الهاتف يرن فقد سارعت فى الاتصال وعندما أجبت وجدت صوت رجل، يبدو أن الرقم خاطئ ولكنه قال اسمي وكافة التفاصيل وهنا علمت انه حساب مزيف، وبدأ هذا الشخص في ابتزازي في سبيل عدم إخبار زوجي تارة بطلب مبلغ كبير من المال أو طلبات جنسية، مهددا بإخبار زوجي بتفاصيل الحديث الذى دار بيننا خاصة بعد أن تمكن من معرفة الحساب الخاص بزوجي من خلال حسابي، أكدت «حنان» أنها لجأت إلى الشرطة واستطاعت أن تنهى تلك الأزمة بمساعدة صديقة محامية، ولكنها كانت تجربة «قاسية» كما وصفتها لتكون نهاية تواجدها على الفيسبوك.

 

للجروبات وجه آخر

 

ودافعت نجلاء عامر، عن تلك الجروبات كونها واحدة من المشرفين على أحد اكبر جروبات الفيسبوك الخاصة بالفتيات والسيدات، وقالت إن جميع الجروبات تهدف فى الأساس إلى مساعدة الفتيات من خلال عروض ملابس أو مستحضرات تجميل، وهناك أيضا متسع لمن تريد أن «تفضفض» بالمشاكل التي تواجهها لتجد الدعم، وإن كان هناك بالطبع توجيه سيء ولكن هناك أيضا مساعدات قدمتها تلك الجروبات لغير القادرات وهذا جانب جيد، ولكن ما حدث من بعض الجروبات من التدخل فى الحياة الشخصية والتحريض على الطلاق وخراب البيوت بالطبع مرفوض ولكنه يشكل نسبة أقل، فكل الجروبات لديها مشرفون يعملون على تنقية المنشورات بما يتناسب مع سياسة كل جروب.

 

ولم يقتصر دور جروبات الفيسبوك على تقديم النصائح الهدامة فقط ولكن وصل الأمر إلى انتشار عدد من «الهاشتاج» تحت أسماء مختلفة في بعض الجروبات جميعها فى أطار نشر صور الشباب المرتبطين أو المخطوبين لفتيات بالجروب للتأكد من عدم خيانتهم أو أن أخريات يعرفونهم، وهو ما تسبب في أزمة ومشاكل لا نهاية لها ونشرت خلالها العديد من الفتيات صورا للشباب بل وأنشأت عددا من الجروبات التي تحمل اسم هذا الهاش تاج، وهو ما يعد تشهيرا وانتهاكا لخصوصية الآخرين، بل وفتح المجال لإدعاءات البعض بمعرفتهن بزوج أو خطيب أخرى بهدف خلق مشاكل بينهم.

 

وفى الجانب الأخر بدأ عدد من الشباب في الحذو بالمثل من خلال إنشاء مجموعات ونشر «هاشتاج» للرد بالطريقة عينها من خلال نشر صور فتيات وطلب معلومات عنهن، وهو ما تسبب في العديد من المشاكل للعائلات وخاصة في المناطق الريفية والصعيد، مما تسبب في اشتعال الأزمة.

 

وقالت سوسن فايد، إن المجتمع يعانى حاليا من الجهل المركب، وهو محاولة غير المختص والجاهل من إعطاء نصائح غير صحيحة وعلى غير دراية وبدون تأكيد، وهو ما يعد بيئة خصبة لخلق الشائعات ونشرها من خلال الوسائل الإلكترونية.

 

وأضافت أن جروبات الفيس بوك والواتس آب هى البيئة الخصبة التي ساعدت بعض هؤلاء في نشر أكاذيبهم دون وعى من المتلقين وخاصة السيدات اللاتي يتمتعن بعاطفة أو خوف أو تضامن يجعلهن يصدقن بدون تدقيق كل ما ينشر على هذه الجروبات.

 

وأوضحت أن غياب دور الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المجتمع ساهم في تزايد حالة الفراغ النفسي وسط الضغوط اليومية، التي نمر بها وأصبح الفيسبوك هو المتنفس الوحيد لتفريغ الشحنات النفسية وطلب المساعدة دون الحرص من طبيعة مرتادي تلك المواقع أو شخصية وقدرة من يعطى النصائح.

 

وأكدت أن الكثير من دول العالم توظف أخصائيين اجتماعيين ونفسيين للأسر لمتابعتهم أولا بأول وإعطاء النصائح وحل المشكلات، وهو ما يعزز من تفادى وقوعهم في مشاكل وتشكيل جبهة حماية للأطفال والذين عادة ما يكونون ضحية هذه الصراعات، ولذلك عادة لا تلجأ سيدات تلك الدول إلى الفيسبوك لعرض مشكلاتها لتأكدها أن هناك مختصا على دراية ودراسة بالأمور الاجتماعية والنفسية.

 

وأضافت أن عدم تفعيل دور الآلاف من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والذين لجأوا إلى مهن أخرى غير تخصصهم، سيساهم في سد حالة الفراغ النفسي والاجتماعي ويساهم أيضا في تعزيز فهم السيدات لمحاولات نشر الشائعات واستغلال تلك الجروبات في غير موضعها لأهداف أخرى هدامة.

 

كما طالبت بضرورة أن تقوم الدولة بمشروع ثقافي اجتماعي لمواجهة الجهل المركب من خلال تضافر الجهود بين وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات الدينية والهيئات المختصة بالمرأة بهدف رفع ثقافة الأمهات والفتيات وتحسين المناخ الطارد للشائعات وحماية لتماسك المجتمع ومواجهة الظواهر السلبية.

 

مع التأكيد على ضرورة إنشاء موقع الكتروني متخصص لتقديم المساعدات النفسية والاجتماعية من خلاله خاصة أن السيدات أصبحن أكثر استخداما للتكنولوجيا، يديره متخصصون في علم النفس والاجتماع، بالإضافة إلى تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين في المدارس والنوادي.

 

وقالت سمر سمير، أخصائية نفسية، أن الخطر الأكبر من تلك الجروبات، عدم معرفة روادها من الفتيات والسيدات، الخطر الناتج عن غياب الأمان والتهديد الذي من الممكن يطالهم جراء عرض مشاكلهن على الجروب، مؤكدة أن هذه الجروبات ليست المكان المناسب لعرض المشكلات وانتظار حلول أو على الأقل دعم، كون روادها أو المشرفين عليها ليس من المختصين القادرين على التعامل مع الحالات النفسية المختلفة.

 

مؤكدة أن مع اختلاف الثقافات وطبيعة رواد تلك الجروبات تختلف الردود في التعليقات والتي قد يتسبب بعضها في تزايد المشكلة وتفاقمها بل من الممكن أن تدفع بعضا ممن يعانون من ميول انتحارية إلى الانتحار، وكذلك بالنسبة للمشكلات الخاصة بالأزواج أو طريقة تربية الأطفال وأحيانا العلاج.

 

بخلاف عدم التأكد من طبيعة كافة المتواجدين في الجروب وهو ما يسمح بدخول بعض المرضى من الرجال الذين يستغلون عرض تلك المشكلات لاستغلالها ومحاولة ابتزاز أصحابها، فمجتمع النساء ليس هناك ضامن من وجود مندسين.

 

وأوضحت أن التعامل مع المشكلات الزوجية يحتاج إلى شخص مختص فالمعالج دائما ما يتحدث مع الزوج والزوجة ويتعرف على طبيعة كل شخصية منهم على حدا ويحللها ويطلع على الظروف المعيشية العادية وبعدها يمكن أن يستمع ويحدد طرق حل المشكلة بناء على الكثير من المعطيات وليس بردود سطحية.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة