البنك الدولي يتوقع تراجع التحويلات العالمية بنسبة 20%

ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي

الجمعة، 24 أبريل 2020 - 03:30 م

شيماء مصطفى

توقع البنك الدولي، أن تنخفض التحويلات العالمية على نحو حاد بحوالي 20% في 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا (COVID-19) وتدابير الإغلاق. ويرجع الانخفاض المتوقع، الذي سيكون أكبر انخفاض في التاريخ الحديث، إلى حد كبير إلى انخفاض أجور ومعدلات توظيف العمالة المهاجرة، وهي الشريحة الأكثر تعرضًا لفقدان الوظائف والأجور في أي أزمة اقتصادية في البلد المضيف. ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بنسبة 19.7% لتصل إلى 445 مليار دولار، مما يمثل خسارة في الموارد المالية الأساسية للأسر المعيشية الضعيفة والأولى بالرعاية. وتظهر الدراسات أن التحويلات تعمل على التخفيف من وطأة الفقر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتحسين النواتج التغذوية، وترتبط بارتفاع الإنفاق على التعليم، وتحد من عمل الأطفال في الأسر المعيشية المحرومة. ويؤثر انخفاض التحويلات، على قدرة الأسر على الإنفاق على هذه المجالات حيث سيتم توجيه المزيد من مواردها المالية لحل نقص الغذاء واحتياجات سبل العيش الفورية. وفي هذا الشأن، قال ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي: "تمثل التحويلات مصدرًا حيويًا للدخل بالنسبة للبلدان النامية. وللركود الاقتصادي المستمر الناجم عن جائحة كورونا أثر شديد على قدرة المهاجرين والمغتربين على إرسال الأموال إلى أوطانهم، ويجعل من الضروري اختصار الوقت اللازم للتعافي بالنسبة للاقتصادات المتقدمة. وتساعد التحويلات الأسر على تحمل تكاليف الغذاء والرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية، ومع قيام مجموعة البنك الدولي بتنفيذ إجراءات واسعة النطاق وسريعة الوتيرة لمساندة البلدان، فإننا نعمل على إبقاء قنوات التحويلات مفتوحة، وحماية قدرة المجتمعات المحلية الأشد فقرا على الحصول على هذه الاحتياجات الأساسية. ويساعد البنك الدولي البلدان الأعضاء فيه في متابعة تدفق التحويلات من خلال قنوات مختلفة، وتكاليف إرسال الأموال والظروف الملائمة لذلك، وضوابط حماية السلامة المالية التي تؤثر على تدفقات التحويلات. كما يعمل مع بلدان مجموعة العشرين والمجتمع العالمي لخفض تكاليف التحويلات وتحسين الشمول المالي للفقراء. ومن المتوقع أن تنخفض تدفقات التحويلات في جميع المناطق التي تعمل فيها مجموعة البنك الدولي، لا سيما في أوروبا وآسيا الوسطى (27.5%)، تليها أفريقيا جنوب الصحراء (23.1%)، وجنوب آسيا (22.1%)، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (19.6%)، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (19.3%) وشرق آسيا والمحيط الهادئ (13%).  ويأتي الانخفاض الكبير في تدفقات التحويلات في 2020 بعد أن وصلت التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل المنخفض والمتوسط إلى رقم قياسي بلغ 554 مليار دولار في 2019. وحتى مع هذا الانخفاض، من المتوقع أن تصبح تدفقات التحويلات أكثر أهمية بوصفها مصدرًا خارجيًا لتدفقات الأموال المتأتية للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إذ من المتوقع أن يكون الانخفاض في الاستثمارات الأجنبية المباشرة أكبر (35%). وفي 2019، أصبحت تدفقات التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويعد ذلك بمثابة مؤشر مهم لرصد تدفقات الموارد إلى البلدان النامية.  وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ستتعافى وسترتفع بنسبة 5.6% لتصل إلى 470 مليار دولار في 2021. ولا تزال آفاق هذه التحويلات مشوبة بعدم اليقين بقدر انعدام اليقين في تحديد أثر جائحة كورونا على آفاق النمو العالمي وعلى تدابير الحد من انتشار هذا المرض. وفي الماضي، كانت التحويلات المالية تقوم بدور في مواجهة التقلبات الدورية عندما يرسل العاملون المزيد من الأموال إلى أوطانهم في أوقات الأزمات والشدائد. ولكن هذه المرة، طال أثر هذه الجائحة جميع البلدان، وخلقت المزيد من الريبة وانعدام اليقين.  وفي سياق متصل، قال ميكال روتكوفسكي، المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والوظائف بالبنك الدولي "إن أنظمة الحماية الاجتماعية الفعالة غاية في الأهمية لحماية الفئات الفقيرة والأولى بالرعاية في هذه الأزمة في كل من البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء. وفي البلدان المضيفة يجب أن تدعم الإجراءات التدخلية الخاصة بالحماية الاجتماعية المهاجرين أيضًا"، ولا يزال متوسط التكلفة العالمية لتحويل 200 دولار مرتفعًا حيث بلغ 6.8% في الربع الأول من 2020، أي أقل بقليل من العام السابق. ولا يزال متوسط التكلفة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء هو الأعلى بحوالي 9%، غير أن المهاجرين داخل المنطقة يشكلون أكثر من ثلثي جميع المهاجرين الدوليين من المنطقة.  وفي معرض حديثه، يقول ديليب راثا، المؤلف الرئيسي للموجز ورئيس شراكة المعرفة العالمية بشأن الهجرة والتنمية: "من شأن الإجراءات السريعة التي تسهل تحويل الأموال وتلقيها توفير المساندة التي يحتاج إليها المهاجرون وأسرهم بشدة، ويشمل ذلك التعامل مع خدمات التحويلات بوصفها ضرورية وغاية في الأهمية وجعلها ميسورة المنال للمهاجرين. الاتجاهات الإقليمية للتحويلات النقدية نمت تدفقات التحويلات إلى منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 2.6% تقريبا في 2019 لتصل إلى 147 مليار دولار، وهي نسبة أقل بواقع 4.3 نقطة مئوية مقارنة بمعدل نمو 2018. وفي 2020، من المتوقع أن تنخفض تدفقات التحويلات بنسبة 13%. ومن المتوقع أن يكون التباطؤ مدفوعًا بانخفاض التدفقات الواردة من الولايات المتحدة، وهي المصدر الأكبر للتحويلات إلى المنطقة. وقد يرى العديد من البلدان التي تعتمد على التحويلات، مثل تلك الواقعة في جزر المحيط الهادئ، أن الأسر المعيشية ستواجه مخاطر مع انخفاض الدخل المتأتي من التحويلات خلال هذه الفترة. ومن المتوقع حدوث انتعاش بنسبة 7.5% للتحويلات الواردة إلى هذه المنطقة في 2021. تكاليف التحويلات: انخفض متوسط تكلفة تحويل 200 دولار إلى منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ ليصل إلى 7.13% في الربع الأول من 2020 مقارنة بالفترة نفسها في 2019. وبلغ متوسط التكلفة بالنسبة لقنوات التحويل الخمس الأقل تكلفة في المنطقة 2.6%، بينما بلغ 15.4% بالنسبة لقنوات التحويل الخمسة الأعلى تكلفة في الربع الأخير من 2019. ظلت التحويلات إلى البلدان في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى قوية في 2019، وقد نمت بنحو 6% لتصل إلى 65 مليار دولار في 2019. وظلت أوكرانيا أكبر متلق للتحويلات في المنطقة حيث وصلت قيمة التحويلات إلى رقم قياسي بلغ حوالي 16 مليار دولار في 2019. واستفادت الاقتصادات الأصغر حجما التي تعتمد على التحويلات في المنطقة مثل جمهورية قرغيز وطاجيكستان وأوزبكستان بصورة خاصة من استمرار تعافي النشاط الاقتصادي في روسيا. وتشير التقديرات إلى انخفاض التحويلات بنسبة 28% في 2020 بسبب الأثر المجمع لجائحة كورونا وتراجع أسعار النفط على مستوى العالم. تكاليف التحويلات: تراجع متوسط تكلفة تحويل 200 دولار إلى منطقة أوروبا وآسيا الوسطى تراجعًا طفيفًا ليصل إلى 6.48% في الربع الأول من 2020 نزولا من 6.67% قبل عام. وتعتبر فروق التكلفة بين قنوات التحويل في المنطقة كبيرة؛ وكانت أعلى تكلفة للتحويلات من تركيا إلى بلغاريا، بينما كانت أقل تكلفة من روسيا إلى أذربيجان.  نمت تدفقات التحويلات إلى منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسبة 7.4% لتصل إلى 96 مليار دولار في 2019. وكان النمو في تدفقات التحويلات إلى الداخل متفاوتاً على مستوى بلدان المنطقة. وشهدت البرازيل وغواتيمالا وهندوراس زيادة في التحويلات بأكثر من 12% في 2019. كما شهدت كولومبيا وإكوادور ونيكاراغوا وبنما زيادة تجاوزت 6%، بينما انخفضت التحويلات إلى بوليفيا وباراغواي بنسبة 3.8% و 2.2% على التوالي. وتشير التقديرات إلى تراجع تدفقات التحويلات إلى المنطقة في 2020 بنسبة 19.3%. تكاليف التحويلات: بلغ متوسط تكلفة تحويل 200 دولار إلى المنطقة 5.97% في الربع الأول من 2020. وفي خضم أزمة تفشي فيروس كورونا، يمكن أن تزيد تكاليف التحويل إلى المنطقة بسبب التحديات التشغيلية التي يواجهها مقدمو خدمات التحويلات (إغلاق مكاتب الوكلاء ومكاتب التحويل، وعدم توفر السيولة النقدية، والتذبذب في سعر النقد الأجنبي، والحالة الأمنية) وتكلفة الامتثال لضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.