محمد قناوي
محمد قناوي


محمد قناوي يكتب.. "يسرا" سيدة الشاشتين

محمد قناوي

الأربعاء، 27 مايو 2020 - 05:14 م

تظل النجمة يسرا سيدة الشاشتين الصغيرة والكبيرة ؛ فلا توجد فنانة استطاعت أن تحتل القمة سينمائيا وتليفزيونيا لسنوات عدة غيرها؛ والعام الذي تغيب فيه عن دراما رمضان تصبح الدراما بلا طعم وكأن شيئا ينقصها فهي بمثابة "ملح" الدراما الرمضانية التي لا نستيطع تذوقها بدونها؛ وعندما عادت خلال رمضان هذا العام بـ"خيانة عهد" جعلت للموسم الدرامي طعما آخر؛ فقد عادت وتألقت وحصدت الإعجاب من الجمهور قبل النقاد؛ ولما لا ؟ وهى عينها دائما على جمهورها؛ الذي يعشقها وينتظر عملها من العام للعام؛ ولم تخذله يوما فهى بمثابة أيقونة الدراما المصرية ودائما تقدم الجديد والمتنوع؛ ودائما تهتم بقضايا الأسرة والمرأة المصرية كأنها أخذت على عاتقها أن تقدم النماذج الإيجابية ومشاكلها؛ قدمت نماذج نسائية تتصف بالقوة والحزم مرات، وأيضا نماذج تتصف بالضعف والعجز في مواجهة الصعاب مرات أخري؛ وهى لا تبحث عن النماذج السلبية التي تصيب المجتمع بالإحباط وتفقد الجمهور القدوة، واختارت هذا العام أن تطل على جمهورها بـ"خيانة عهد"، والذي كان يحمل في بداية الإعداد له عنوان "بيت العيلة" ثم "دهب عيرة" إلى أن تم تقديمه باسم "خيانة عهد"، و"عهد" نموذج للمرأة المصرية الحقيقية الإيجابية، فشخصية "عهد" تمتلك الكثير من الجوانب الإنسانية البارزة في علاقتها بكل المحيطين بها سواء ابنها الوحيد أو أشقاؤها أو حتى جيرانها؛ نموذج يصدر دائما طاقة إيجابية لمن حولها؛ ولكن "عهد" تكتشف تصدع العلاقات الأسرية داخل أسرتها بسبب تنامي مشاعر الحسد والكره بين الأشقاء؛ فرغم حبها لأشقائها "فرح ومروان"؛ ومساعدتهم وحل مشاكلهم ماديًا ومعنويًا إلا أنها لا تواجه منهم إلا الحقد والجحود بل والغدر والخيانة؛ فـ"عهد" سيدة من طبقة متوسطة، أصبحت تملك مصنع ملابس ودخلت بسرعة إلى عالم الأثرياء وأصحاب النفوذ، وهى تحرص على حل مشاكل إخوتها المادية والاجتماعية؛ ولكنها بسبب انشغالها تهمل ابنها الذي دخل في دوامة إدمان المخدرات وتستنجد "عهد" بأشقائها لمساعدتها على علاج ابنها أو إخراجه من مستنقع الإدمان إلا أنها لا تجد منهم إلا الجحود وخيانة عهد وروابط الأسرة والإخوة فيتسببوا في قتل ابنها وإحداث مشاكل في عملها.

يسرا بمسلسلها "خيانة عهد" قدمت طرحًا لقضايا تهم كل بيت مصري وعربي؛ أبرزها تصدع العلاقات الأسرية وكشف مافيا المخدرات وتأثيرها على العائلة والمجتمع دون ضجيج أو صراخ؛ دقت ناقوس الخطر حول ما يمكن أن تصل إليه العلاقات الأسرية إذا دخلت مشاعر الحسد والكره بين الأشقاء؛ كما ناقشت قضية المخدرات وتأثيرها على الجيل الجديد دون فذلكة.

في هذا العمل امتلكت يسرا كعادتها صدق الأداء بدون مبالغة؛ وقدمت "درساً في التمثيل"، في كل مشاهدها وأبرزها مشهد رؤية جثة ابنها في المشرحة، وطريقة تعبيرها عن إنكارها للواقع والانهيار الهادئ للأم التي فقدت فلذة كبدها، وأيضا مشهد وداعه؛ فقدمت أداءً رائعا يمزج بين إحساسها بالانهيار واضطراب الواقع حولها؛ قدمته بدون مكياج أو مبالغات فتفاعل معها الجمهور، الذي سالت دموعه معها، وهو ما عبروا عنه على صفحات التواصل الاجتماعي، وهذه الحالة لن تصل إليها إلا الممثلة الصادقة في أدائها.

وبعيدًا عن "خيانة عهد".. يسرا كما قلت عنها في مقال قبل أربعة عشر عاما في جريدة الشرق الأوسط اللندنية، كانت ومازالت كتابًا مفتوحًا لكل من يجيد القراءة الإنسانية أو يفك خط أبجدية الحب والصداقة والوفاء ويفهم معاني "الجدعنة" و"الشهامة".. على من يريد الاقتراب من عالمها أن ينازع عن نفسه أساليب المناورة واللف والدوران فهي إنسانة بسيطة صريحة ومباشرة، الحوار معها فيه الكثير من الإنسانية.. حيث لا حدود أو حواجز، ولأنها بقلب مفتوح وعقل ناضج، فلديها قدرة على أن تأخذك من حكاية لحكاية وأنت مشدود إليها، والسبب أن كل ما في قلبها تجده على لسانها، ورغم الذكاء الشديد الذي تتمتع به والمكانة الفنية التي وصلت إليها إلا أنها شديدة التواضع أمام الآخرين حتى إذا كانوا أقل منها في السن والمستوى الفني والاجتماعي.. وربما يكون هذا سر الشفافية العالية التي تتمتع بها في إحساسها بالآخرين وخاصة من تحبهم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة