صالح الصالحى
صالح الصالحى


يوميات الأخبار

من أين تؤكل الكتف ؟

صالح الصالحي

الإثنين، 08 يونيو 2020 - 07:26 م

يا عزيزى من وضع كتفك فى حساباته.. سيأخذها فى أى لحظة دون أن تستطيع أن تحميها.

البعض يتصور أننى أكتب خطة تتضمن خطوات للوصول لأفضل الطرق لالتهام الكتف.. الذى من المفروض أنه ألذ مكان فى الضحية!.. أو بعبارة أخرى أهم مكان يشبع بعدها من يلتهمه ويحصل على الغذاء المفيد الذى يخزنه لأوقات قادمة حتى يحصل على كتف جديد.
ولكنى أخذلكم.. فلا أعرف طريق الكتف على الإطلاق.. وليست لدى الخصلة الهجومية التى أنقض بها على الفريسة لأخذ هذا الطعام الكافى الشافى، ولا أعلم لماذا الكتف بالذات أعين المنتهزين دائما عليه، لينالوا ما يريدونه ويحصلوا على مكاسبهم.
المفروض أن الطعام أذواق وألوان.. ولكن هذا النوع بالذات لا يقدم على الموائد.. أنه كتف فريد.. يحتاج من آكليه الدهاء والمكر حتى يحصلوا عليه.. وهو لا يرى بالعين المجردة.. فالذين يرونه مختلفون عن الآخرين.. يبذلون من الجهد أقل من غيرهم.. يحددونه هدفاً.. ويحصلون عليه.. وكأنهم مدربون على ملء بطونهم بكنوز الأكتاف..
ويبدو أن الكتف له أهمية متعددة فى قصص الصعود.. فيقولون لقد صعد فلان على كتف فلان.. ويعنى ذلك أنه تسلقها وأضاف طوله له.. فبلغ الضعف من الطول.. ويقولون ده لمس أكتاف.. وهى حركة يقضى من خلالها المصارع على خصمه.
إذا فالكتف هى الجزء المهم فى التصارع والالتهام والصعود وتحقيق المكاسب!
هل المفروض أن يحمى الإنسان كتفه مثلما يحمى ظهره حتى لا يلتهمها أحد أو يصعد عليها.. أو أو أو.. وتكون الهزيمة.
يا عزيزى من وضع كتفك فى حساباته يغير عليها ويأخذها فى أى لحظة دون أن تستطيع أن تحميها.
ومن أراد أن يسبقك ويلتهم كتف غيرك ليشبع وحده لن تشعر به على الإطلاق.. وإذا استعرضت مشوارك ستجد نفسك مررت برحلة الاكتاف كثيراً وكثيراً.. سواء شعرت بها أو لم تشعر بها فى حيل عديدة من المغافلة.. فالبعض يحزن.. والبعض الآخر لا يلتفت لهذه المغافلة.. ولكن المؤكد أن ملتهم الأكتاف لديه من الشخوص ما يكونون مجندين لتحقيق هدفه بدون أن يشعروا.. فهو يتعامل معهم من خلال طرق جديدة قد تقترب من التخدير أو التنويم المغناطيسى ليكونوا طيعين فى يده ويقدموا له الكتف وهم راضون مخدوعون لحيلته..
أما من يصعد على كتف الآخر فهذا أمر شائع.. لأن الصعود لايستتر فيكون فى العلن.. وعلى مرأى ومسمع من الآخرين.. وربما يكون فى أشكال استعراضية مختلفة.. البعض ممتع والآخر مقرف.. لكن المؤكد فى هذا الشو أنه على مسرح وأمام مشاهدين.. ربما يكون فريقا مقابل فريق.. وربما تكون عروضا فردية.. حسب نص المسرحية.. لكن فى النهاية فريق فى الأعلى وآخر فى الأسفل.. ودائما ما يصفق الجمهور للأعلى ولا يتعاطف مع من يحمله فى الأسفل.. حتى وإن تألموا أو ماتوا.. دورهم ثابت فى الأسفل يحملون غيرهم على أكتافهم.. الذين يسعدون بالرؤية من أعلى.. والسؤال هل سيستمرون فى الأعلى؟!.. الإجابة على حسب شطارتهم فى الحفاظ على القمة بالجلوس على الأكتاف. ربما يأتى غيرهم ليصبحوا هم فى الأسفل.. ويصعدوا مكانهم.. وربما يتحول المشهد لمباراة لمس أكتاف.. لكن المؤكد أن الذى فى الأسفل لن يصعد لأعلى إذا لم يمت أصلا.. أخباره لم تعد تهم.. انتهى وجاء غيره.. وهكذا وهكذا وهكذا.
واقف مكانى
كم مرة سأل الكثير منا نفسه هذا السؤال؟ هل أنا واقف مكانى لم أتحرك؟!.. وربما كنت أتحرك ببطء شديد مع سرعة وتلاطم الأحداث التى تشبه الزلازل.
تجد نفسك واقفا مكانك.. والكل يتحرك ويتطور ويتغير بقانون العصر.. فأصبح الأفضل بلا منازع.. الأفضل فى أمور عديدة فربما هو الأفضل عن جدارة فى كفاءة وإصقال لمواهبه وقدراته.. فاستطاع أن يحصل على مكانة فعلية.. حتى وإن لم يعترف بها الآخرون لأنه خارج مواصفاتهم.. لكنه مع قوانين الإنصاف والعدل هو الأفضل.. بأن أصبح أكثر نضجا وأحسن مستوى.. فهو الأفضل حتى فى درجة رضائه عن نفسه فهو لم يضيع وقته وعمره بأن تجمد مكانه.
أما الشواهد الأخرى فى أحوال الناس أنك عندما تمر سنوات على المدى المتوسط وتقارن بين نفسك وأقرانك أو حتى أقاربك ربما تجد نفسك واقفا مكانك.. فهناك علامات عديدة لذلك.. منها ان الفعل الماضى يلازم أحاديثك ومنها ان معظم من تعرفهم تركوا أماكنهم أو حتى دخلوا فى قائمة الله  يرحمهم.. وهذا لا يعنى أنك وصلت لسن متقدمة.. ربما تكون فى هذه الحالة وأنت فى سن متوسطة.. ولكن تتبدل الأحوال ويفرض عليك قانون الزمن مع تقصير منك فى عدم تطوير نفسك فى أن تظل مكانك.. وبدلا من أن تشارك فى أحداث فى عجلة الحياة أصبحت فى صفوف المشاهدين وبعدها فى صفوف المتقاعدين.. وربما هذه الحالة فرضت عليك لأن قانون العصر فرض على البعض من الذين لا ينسجمون مع بعض القيم والمبادئ ما جعلهم فى ذيل القائمة.. أو ربما خرجوا من القائمة.. صحيح انهم قد يكونون راضين عن أنفسهم.. وان يكون ذلك تم عن قناعة ذاتية منهم.. لكن أحيانا يكون شيئا ثقيلا على النفس ان يتجمد الانسان مكانه ويشعر بأنه طاقة مجمدة خاصة انه فى قمة عطائه المهنى والعملى ولكن الظروف فرضت عليه ان يخرج برة الدائرة.. فقط الظروف!!
وماذا ينتظر إذا ليعود لهذه الدائرة.. البعض يتحول لشخص محبط.. والآخر ينتظر وينتظر.. ولكن المؤكد أنه سيظل ينتظر وينتظر.. وان التغيير بالأمس القريب كان غير مناسب له.. فخرج من المشهد والدائرة.. فلابد انه بعد مرور الزمن أصبحت عودته أصعب وأصعب.
والبعض الثالث يتجه للرضا والقسمة والنصيب.. ويكرر على نفسه انه دفع ثمن قيمه ومبادئه.. ولكنه يطلب من أصدقائه المقربين وأهله ان يصبروه بأنه الافضل وده حال الدنيا.. الظلم وارد.. ومحدش يعرف الخير فين.. وماذا سيحدث.. هل ستظل الدوائر مقسمة هكذا بين فائز وخاسر ومنتظر لأمور لن تتحقق أبدا.. الحقيقة نعم.. فكل زمن له رجاله وأدواته وآلياته. ولم يحدث ابدا ان زمنا حاليا استدعى رجالا من زمن ماض.. فمن يخرج من الدائرة مستحيل يعود.. وان عاد سيلاحقه الفشل.. لانه ترس فى ماكينة مختلفة ومتطورة عنه.. الجديد جديد.. والقديم قديم حتى ولو كان أفضل فهو قديم.. والجديد له بريقه ولمعانه.
المعادلة صعبة
لماذا دائما المعادلة صعبة على الرغم ان طرفيها متساويان دائما كما تعلمنا فى الرياضيات؟ لكن الاجابة ليست فى صدق الناتج عن العملية الرياضية.. انما الاجابة فى كيفية تحقيق تساوى طرفى المعادلة.. فستظل صعبة حتى يتساوى الطرف اليمين مع الطرف اليسار.
ولماذا الحديث عن الصعوبة طالما كل معادلة لابد ان تحقق التساوي؟.. أقول لك إذا قمت بعملية حسابية بسيطة كما تعلمنا فى الصغر فى المرحلة الابتدائية.. فيكفيك العد فقط حتى تحقق العملية الحسابية سواء بالجمع أو الطرح.. أما إذا تقدمت فى الدراسة فأنت تدرس الجبر وعليك ان تحقق التساوى بين طرفى المعادلة برموز فرضية.. وبتطبيق هذه المعادلة على أمورنا المعنوية الحياتية سعيا لتحقيق النجاح.. فتجد انك تجمع بين صفات بشكل معين تخلق معها النجاح بمقادير دقيقة لتجمع بين الطيبة والحسم..  لاننا تعودنا مثلا ان الشخص الطيب أهبل.. فلا يمثل احد لقراراته.. ولكن المثل يقول «أتق شر الحليم إذا غضب» وكيف تكون عادلا وتعمل سيف الحق حتى مع من يرتبطون معك بصلات صداقة او قرابة فالعدل هنا هو أقرب للتقوى.. ويكون أشد مع اعدائك فى كيفية تحييد أهوائك الشخصية لتقيم الشهادة بالحق.
معادلة صعبة.. ان تقسو على أبنائك لتعلمهم وتقدم لهم الحنان والرحمة فى ذات الوقت.. ان تصبر على الفقر والمرض والجوع.. وان تكون نفسك راضية مطمئنة محسنة الظن بالله.. ان تجاهد فى نفسك الرذيلة وخطوات الشيطان.. وتقاوم سوء نفسك لتحتفظ بعفتك وطهارتك.. ان تمسك نفسك عن الحقد والحسد على اعدائك ليعطيك الله من فضله.. ألا تنجر فى الشماتة فى اعدائك حتى لا تتحول لشخص مثلهم خوفا ان يعفيهم الله ويبتليك.. وان تقاوم كل مغريات الرزق الحرام وترضى برزقك المحدود طمعا فى البركة.
كلها معادلات صعبة فى حياتنا نمر بها ونعيشها كلنا بلا استثناء وسيظل الأجر والثواب على قدر الجهد.
إذا كانت الحياة اختبارات وابتلاءات فالنتيجة هى نجاحك فى تحقيق معادلات حياتك الصعبة دائما فكلنا متساوون فى الشقاء والمعاناة وأفضلنا من يحقق النجاح فى تساوى طرفى المعادلة لتصبح «واحد يساوى واحد».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة