د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى


قضية ورأى

كورونا وإعادةُ بناءِ الثقةِ

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 09 يوليه 2020 - 04:54 م

د. حسام محمود  فهمى

‏ قلبَت كورونا كلَ الحساباتِ الاقتصاديةِ والسياسيةِ والصحيةِ والتعليميةِ والاجتماعيةِ، ‏أكدَت أن العالمَ فى مواجهتِها لا كبيرَ له، أسقطَت الغربَ فى الجولةِ الأولى بالضربةِ القاضيةِ الفنيةِ. واجهتَها الحكوماتُ بقدرِ المتاحِ، وانكشَفَت إمكاناتِها بقدرِ ما أدَت.
لنركزْ مع أنفسِنا. بذَلَت الحكومةُ ما تستطيعُ، ضاقَت امكاناتُها أحيانًا، واستوعبَت أحيانًا أخرى. أما الشعبُ، فأيضًا صمَدَ، اِلتَزَمَ فى حدودِ طاقةِ تَحمُلِ تقييدِ الحركةِ وفى إطارِ سماحيةِ لقمةِ العيشِ، وسطَ توجسٍِ من الضياعِ فى حالِ الإصابةِ. لابدَ لسباقِ الماراثون من نهايةٍ، اصابَ التعبُ الجميعَ، الحكومةَ والشعبَ، ‏لا مفرَ من عودةِ الحياةِ العاديةِ.
‏تهليلُ البعضِ للمسئولين عن التعليمِ والتغنى ببعدِ نظرِهم، مُبالغٌ فيه على مستوى التعليمِ الجامعى وما دونِه؛ مع تقديرِ جسامةِ المفاجأةِ، لكن سياساتِهم ليست إلا ردَ فعلٍ نَمَطيٍ. ‏لقد اِستمرَ التعليمُ إلكترونيًا ‏بفعلِ جيوشٍ مجهولةٍ من ‏أعضاءِ هيئة التدريسِ بالجامعاتِ ومُعلمى المدارسِ، الذين استخدموا منصاتٍ تعليميةٍ إلكترونيةٍ بجهودِهم الذاتيةِ دونما فضلٍ من مؤسساتِهم التعليميةِ. ‏لطالما تعرَضَ أعضاءُ هيئةِ التدريسِ بالجامعاتِ لعنتٍ أجوفٍ غيرِ ملائمٍ وأيضًا لتَسَلُطٍ ونُكرانٍ مما يُسمى الجودةُ التى كانت أولَ المُختفين فى تلكِ الأزمةِ.
‏الصيدُ فى كل مياهٍ سبوبةٌ، وقد كانت سبوبةُ كورونا ‏فرصةً لهواةِ الظهورِ وعشاقِ الكراسى ‏بلا كَلَلٍ ولا خَجلٍ. لا الغربُ يستحقُ التقليدَ فى كلِ نظمِه التعليميةِ، ‏ولا يمكنُ أن يستمرَ التعليمُ إلكترونيًا "زى برة" كما يَدعون. سيظلُ التعليمُ لقاءً مباشرُا بين الاستاذِ والطالبِ، وسيبقى التعليمُ الإلكترونى مساعدًا، فقط لاغير.
‏مع كلِ أزمةٍ لابدَ من وقفةٍ للمحاسبةِ.‏ هل المسئولون الذين لم يؤدوا حقًا كانوا وحدَهم أم أن حولُهم بِطاناتٍ تتقلبُ مع كلِ مسئولٍ ثم تنقلبُ عليه لغيرِه؟ هل الإداراتُ الجامعيةُ كلُها ‏تشعرُ بأعضاءِ هيئةِ التدريسِ وبما أدوا فى صمتٍ مُغلفٍ بالأسى؟ ‏
‏ ‏كورونا فرصةٌ لإعادةِ بناءِ الثقةِ فى الذاتِ ولعدمِ تقليدِ الغربِ، أنقذوا التعليمَ من تجاربِ ‏"المُتشعبطين" فى النظمِ الغربيةِ، وما هى إلا سُلَما خاصًا بهم. وإذا كان الغربُ قدوةً لم إذن يُنكَرُ عنه أخذُ آراءَ أساتذةِ الجامعاتِ، البعيدين عن الولهِ بالكراسى والظهورِ، فيما يخصُ أمورَ تخصصاتِهم؟ كفى تقليدًا للغربِ وكفى مُركباتِ نقصٍ، كفى تمَسُحًا بتصنيفاتٍ للجامعاتِ على كلِ شكلٍ ولونٍ. ‏اللهم اِحمْ التعليمَ الهندسى من أشخاصِ ولجانِ "تقليد الغرب" بحجةِ التطويرِ.
من يُطلِقُ أرقامًا لايكشفُ الحقيقةَ دائمًا، إنما يكشفُ نفسَه يقينًا؛ قاعدةٌ مستديمةٌ غيرُ منسيةٍ. ولمخترعى دهان الهوا والمطبلاتية اِتلموا، ولبعضِ إعلامٍ كَفاكُم تأنيبًا للشعبِ. اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،.
‏< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة