غسان محمد عسيلان
غسان محمد عسيلان


نقطة ارتكاز

الإسلام الذى لا يعرفه ماكرون!!

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 30 نوفمبر 2020 - 05:49 م

 

غسان محمد عسيلان

لا جدل فى أن الجمهورية الفرنسية تعدُّ نموذجًا فى التنويروالحرية عند الكثيرين حول العالم، ولكن لا شكَّ فى أن النظر لأى أمرٍ فى الحياة من زاوية واحدة يُعدُّ خطأً فادحًا سواءً من الناحية العقلانية والمنطقيَّة المجرَّدة، أو من ناحية الإنصاف والموضوعيَّة فى الحكم على الأشياء أو الأشخاص أو الأفكار.
وموقف الرئيس الفرنسى (إيمانويل ماكرون) من الدين الإسلامى وتحيُّزه ضده موقفٌ غريبٌ لا ينسجم مع ما يَدَّعيه من الوقوف مع حرية الإنسان سواء كانت حرية الرأي، أو حرية التعبير، أو حرية العقيدة، أو حرية ممارسة الشعائر الدينية التى تتفق مع العقيدة التى يعتنقها كل إنسان بكامل رغبته وقناعته الشخصية ودون أى إكراه أو إجبار، وينبغى توفير هذه الحريات لجميع الناس بكل مساواة وعدل وإنصاف ودون أدنى تحيُّزٍ ضد أى إنسان بغض النظر عن لونه، أو دينه، أو جنسه، أو انتمائه العرقي، أو الطائفى أو المذهبي، هذا من الناحية المبدئية.
أما على المستوى المنطقى والموضوعى فمن حقنا أن نسأل ونتساءل: هل تعلَّم الرئيس ماكرون شيئًا عن الإسلام؟!! هل يعرف عقيدته وشريعته؟!! وهل درس ما يدعو إليه الإسلام من مكارم الأخلاق،ومحاسن الصفات وما ينشره من مُثُلٍ عُليا، ومبادئ وأخلاقيات ومنظومة قيميَّة متكاملة؟!! ولو كان قد عرف ذلك أو درسه أو وقف عليه من خلال ما يُقدمه له مستشاروه من تقارير ومعلومات ونصائح فليخبرنا إذن عمَّا لا يعجبه فى الإسلام؟!! ليخبرنا بكل وضوح وشفافية لماذا يكره الإسلام؟!! ومن أين استقى نظرته أن الإسلام يدعو للعنف؟!! ليخبرنا بالضبط عمَّا ينقمه علينا فى ديننا وما الذى لا يعجبه فيه؟!!
إن الإسلام يدعو إلى الفضائل والعدل بين الناس فى كل شيء، قال تعالى:﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾«الأنعام: 151».
ويحرِّمُ الإسلام قتلَ النفس بغير حق،قال تعالى:﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾«الإسراء: 33».
ويشدد الإسلام فى مسألة قتل النفس البريئة بغير حق، قال تعالى:﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾«المائدة: 32».
ومن يراجع أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذى يؤيد (ماكرون) السخرية منه والإساءة إليه بزعم حرية التعبير يجد أنه نبى عظيم، وأن سيرته العطرة مليئة بالرحمة والعطف والحثِّ على مكارم الأخلاق والإحسان إلى الضعفاء والمساكين، كما يدعونا إلى نشر الخير فى الحياة، والتخلى عن الضغائن والأحقاد، فمن وصاياه صلى الله عليه وسلم قولُه: «لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». (رواه البخاري)، وقولُه: «واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ!! قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟! قالَ: الذى لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائقَهُ، قيلَ: وما بوائِقُه؟ قال: شَرُّه». (رواه البخارى وأحمد)، وعَنه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فِيما رَوَاه عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فى الحديث القدسى أنَّهُ قالَ: «يا عِبَادِى إنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا». (رواه مسلم).
والقائمة تطول وتطول... ويمكننا القول: إنه صلى الله عليه وسلم لم يترك خيرًا إلا ودعانا إليه وأمرنا به، ولم يترك شرًا إلا ونهانا عنه وحذَّرنا منه، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمخلوقات أنه اعترض على تحميل جمل ما لا يطيق، ونهى عن تعذيب عصفورة بصغيرها الذى أخذوه منها، وقال معترضًا عليهم ومعلمًا لهم: «من فجع هذه بولدها، ردُّوا عليها ولدها».
كلمة أخيرة أرجو أن تبلغ فخامة الرئيس الفرنسى ماكرون وهى أن الله تعالى خلقنا جميعًا نحن البشرليختبرنا ويبلونا، قال تعالى:﴿ الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا  وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾«الملك: 2» وكلنا سنموت ونُبعث، ونقف بين يدى الله تعالى، ونُسأَل عمَّا فعلنا فى حياتنا، فلينظر كلُّ واحدٍ منا ماذا سيقول لله تعالى غدا؟! ولنتبصَّرْ عواقب أقوالنا وأفعالنا!! ولنتأمَّلْ عواقبَ استفزازِ مشاعر المسلمين بالسخرية من معتقداتهم، والإساءة إلى رموزهم ومقدساتهم الدينية، هل هذا يخدم البشرية ويساعد فى نشر المحبة والعيش فى أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ فوق هذه الأرض؟!!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة