الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020 - 07:30 م

أحيانا ما يكون الواقع أغرب من الخيال، حيث أقدم الأب على ذبح طفلتيه الصغيرتين (٥ سنوات)، (٣ سنوات)، وكأنهما عصفورين تم ذبحهما وينتفضان على الأرض، يحاولان أن يستنشقا الهواء، وينقلبان على جنبيهما لآخر، ويهدئا مرة، في مشهد تقشعر له الأبدان، وتنفطر له الأكباد.

وقف الأهل، والجيران والأبصار كلها معلقة بباب غرفة العناية المركزة بالمستشفى العام بالإسماعيلية، حيث ترقد الصغيرتان، لا تشعران بالقلوب الباكية، ولا العيون التي ترقب أنفاسهما، بدموع وصوت متدفق يمتزج بالحزن، والألم والغصة، ودعاء، وأمل من السماء، وما إن خرج عليها أطباء المستشفى، وانهمرت جيوش من الدموع لكنها دموع الفرح، والشكر لله بعدما نجح الأطباء في إنقاذهما، حيث شاءت إرادة المولى أن يمتد بهما الأجل لتروي كل منهما الفجيعة، ولتكونا شاهدتين بالصدق على الأب الذي ارتكب جريمته بمداد قاتم، وعقل هائم، فكاد إن يهلك نفسا بريئة، ويزهق روحا مطمئنة، وأشربهما كأس الموت مرا، وعلقما.

اقرأ أيضا| قصص وعبر| مأساة طفل قتيل الزبالة والجوع

تعود أحداث الواقعة عندما احتدمت الخلافات بين الزوج، وزوجته، ووصلت إلى طريق مسدود، وبعدما ألقى عليها يمين الطلاق مرتين، وفي آخر مشادة كلامية نشبت بينهما، انقض عليها كالأسد المجروح، يسدد لها الضربات، والركلات، وسط بكاء ونحيب طفليهما، وقام بطردها من المنزل، تدخل الأهل والأقارب لتهدئة الموقف لكن دون جدوى مما اضطر الزوجة إلى تقديم بلاغ تتهمه فيه بالاعتداء عليها بالضرب، وطردها من منزل الزوجية، وقررت النيابة تمكينها من الشقة، وحضانتها للصغيرتين.

وما إن علم الزوج بقرار النيابة، سابقت قدماه الرياح وتوجه إلى الشقة، وقام لإفاقتها من الداخل، ورفض السماح لها بالدخول، وعدم تنفيذ قرار النيابة، وتجمع الجيران والأقارب في محاولة لاستقطابه، لكنه توعد بذبح الطفلتين، إن لم تنصرف الأم، أعتقد الجميع بأنه كلام ساعة غضب، لكن اشرأبت الرقاب، وانطلقت الصرخات مدوية عندما أمسك بالسكين وذبح الطفلة الكبيرة، وأخذ يهرول ويلوح بيده بالسكين في وجه كل من يحاول إيقافه، حتى تمكن من السيطرة على الطفلة الأخرى، وقام بذبحها أيضا، ووصلت الدماء على الأرض، ونظرات يشوبها غيظ وانتقام، للأم التي انفطر قلبها على طفلتيها، من البكاء، والعويل، وما إن أفاق الأب وألقى بالسكين نجح الجيران في شل حركته، وقيدوه بعدما حاول الجري، والقذف من بلكونة الشقة محاولا الانتحار.

وأمام المستشار خالد متولي، رئيس نيابة الإسماعيلية، اعترف الأب بجريمته، وذكر بأنه اشتاط غيظا بعد قرار النيابة بتمكينها من الشقة، وحضانتها للطفلتين، فلم يشعر بنفسه، وهو يقوم بذبح الطفلتين، وأنه نادم على رعونته، وتسرعه، ولم يدر كيف ذبحهما، لكنه كان يريد النيل من زوجته فيه تستحق التطبيق.

تقرر حبس الزوج ٤ أيام على ذمة التحقيقات، ومراعاة التجديد، وعرض الطفلتين على الطب الشرعي، بعدما نجح الأطباء في جراحة لإعادة وصل أربعة الرقبة، وشرايينها، ويواصل الأطباء جهودهم في الإشراف الطبي حتى يتماثلان للشفاء.