إحياء مسار أطول طريق مقدس فى العالم
أيقونة السيدة العذراء بالكنيسة
الإثنين، 11 يناير 2021 - 02:16 م
أخبار الأدب
لسنوات عديدة ظل ملف االعائلة المقدسةب قيد الدراسة لكن دون تحرك على أرض الواقع من جانب وزارة الآثار لتنفيذه، إلا أنه خلال الفترة الماضية بدأ المشروع يرى النور، حيث خصصت الوزارة مؤخرًا مبلغ ٦٠ مليون جنيه من هيئة التنمية السياحية، لتنفيذ البنية التحتية الخاصة بمسار العائلة المقدسة،
الأسبوع الماضى تم افتتاح أولى نقاط المسار فى المحافظات الثماني، بعد الانتهاء من أعمال تطوير مشروع مسار العائلة المقدسة بمدينة سمنود وتحديدًا كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب بتكلفة مقدارها 7.5 مليون جنيه، حيث يضم مسار رحلة العائلة المقدسة ٢٥ نقطة تمتد لمسافة ٣٥٠٠ كم ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، ويحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر.
فرص استثمارية جديدة
فى حديث له لأخبار الأدب قال الدكتور أحمد النمر المسئول عن ملف العائلة المقدسة بوزارة السياحة والآثار: ابدأ مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة منذ بداية القرن الحالي، حيث بدأته هيئة التنمية السياحية، وفى عام ٢٠١٦ نسقنا كوزارة آثار مع وزارة السياحة -قبل الدمج- لعمل مشروع متكامل، وبدأنا بالفعل فمسار العائلة المقدسة غير محدد فهناك اختلاف فى الروايات ما بين ٢٥ إلى ٥٠ موقعا أثريا، لكن الذى تم الاتفاق عليه طبقًا للكنيسة المقدسة هى ٢٥ نقطة زارتها العائلة المقدسة، وهذه النقاط الـ٢٥ بها ٨ مواقع أثرية مسجلة، والمواقع المسجلة هي؛ تل الفرما بشمال سيناء، وتل باسطة بالزقازيق، وكنيسة العذراء والشهيد أبانوب بسمنود، وأديرة وادى النطرون، وكذلك شجرة مريم بحى المطرية وكنيسة أبو سرجة بمصر القديمة، وجبل الطير بالمنيا، وأخيرًا دير المحرق بأسيوط.
فهذه هى المناطق الأساسية المسجلة، وبخلاف ذلك فهى مواقع تراث فقط لكن غير مسجلة، لذلك نسقت وزارة الآثار مع الكنيسة لترميم المواقع الأثرية، فرممت كنيسة العذراء بسمنود فى ٢٠١٦، وكنيسة أبو سرجة مع مجمع الأديان فى العام نفسه، وكذلك شجرة مريم تم تطويرها وصيانتها فى عام ٢٠١٩، وجار حاليًا تنفيذ مشروع ترميم دير المحرق. فالذى يحدث خلال الفترة الحالية هو أنه بات هناك تنسيق مع التنمية المحلية والمحافظات ومع لجان عليا مختصة، لتأهيل البنية التحتية لهذه المواقع وتأهيلها، فى الـ٢٥ نقطة التى تم وضعها ضمن مسار العائلة المقدسة.
ويضيف النمر: بدأنا بتجهيز الطرق والخدمات حول هذه الأماكن، فمسار العائلة المقدسة هو أطول مسار فى العالم، ويمتد من شمال سيناء حتى أواسط الصعيد وتحديدًا أسيوط، لذلك فالدولة بدأت بتأهيل البنية التحتية وتأهيل الأثر بشكل جيد، وهذا سيساعدنا فى المستقبل على فكرة الطرح الاستثمارى لمحيط الأثر لخلق فرص استثمارية.
وفقًا لإعلان هيئة التنمية السياحية فإن البنية التحتية للمشروع انتهت، وبالنسبة للآثار فالعمل جار حتى الآن على تنفيذه، وقد تم ضخ مبلغ مالى يقدر بـ٦٠ مليون جنيه لتنفيذ المشروع، ونحاول إدراج ملف العائلة المقدسة على قائمة التراث العالمى (اليونسكو) حيث أن هناك ملفين فى هذا الموضوع وهما التراث المادى وهو يخص أديرة وادى النطرون كنموذج من محطات العائلة المقدسة، وهذا الملف سلمناه لليونسكو بالفعل، وحاليًا يخوض دورة التحكيم فى اليونسكو لتقييمه، فوفقًا لهذا المشروع فستتولى إدارة الدير الإدارة الداخلية للموقع الأثرى، أما محيطه فستتم إدارته، من جانب الأديرة، وهيئة التنمية السياحية، ووزارة السياحة والآثار، لأنه بالنسبة لنا مشروع قومى استثمارى كامل يهدف إلى تحقيق عائد مادي، بالإضافة إلى أنه مشروع دينى روحانى وجميع الهيئات تعمل على ذلك، لأنه كما ذكرت لك هو مشروع فريد من نوعه نظرًا لأنه المسار الوحيد فى العالم الموجود للعائلة المقدسة فهما لم يزورا الكثير من البلدان لذلك فمصر لديها نوع من التفرد غير موجود فى دول العالم، كذلك نحاول ربط هذه المواقع الأثرية بأخرى محيطة بها سواء كانت مواقع أثرية أو ثقافية، أو ترفيهية، وهذا ما نستهدفه من خلال هذا الملف، فمثلًا منطقة شجرة مريم بالمطرية سيتم ربطها بمسلة سونسرت القريبة منها، وهذا هو دور شركات السياحة أيضًا التى ستروج للأمر، فالأمر سيصبح أشبه بما نسميه بالعرض والطلب فستطرح العديد من البرامج السياحية ويختار السائح من بينها، وبشكل عام فإن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة كان بموافقة بابا الفاتيكان، لذلك يستهدف أكثر من ٢ مليار إنسان حول العالم.
سمنود.. هنا احتمت العذراء مريم
الأنبا بيشوى كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم والشهيد أبانوب بسمنود، يقول: الكنيسة ضربها الإهمال لسنوات لكن ما حدث أن وزارة الآثار بدأت بترميم الكنيسة تحت إشرافها، وقامت بإزالة ما حول الكنيسة من مخالفات عدة لضمه لمشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة وهو مشروع تحت رعاية فخامة الرئيس، فسمنود هى أول مكان فى مسار العائلة المقدسة تم الانتهاء من تطويره، وتم افتتاحه خلال الأسبوع الماضى بحضور وزير السياحة والآثار ووزير التنمية المحلية، بالإضافة إلى محافظ الغربية.
وأضاف: سمنود هى المحطة رقم ٥ فى رحلة العائلة المقدسة عندما ارتحلت إلى مصر وحين نزلوا هذه المنطقة شربوا من بئر لازالت موجودة حتى يومنا هذا داخل فناء الكنيسة، على عمق ١٢,٥ متر من سطح الأرض، وهناك أيضًا االماجورب وهو عبارة عن طبق حجرى صنع من الجرانيت كانت تستخدمه السيدة العذراء فى العجن، وهو موجود أيضًا داخل الكنيسة، ويقال إن الماجور كان مهدى للعائلة المقدسة من أهالى سمنود نفسها. وقد مكثت السيدة العذراء هنا ١٧ يومًا، فهناك الكثير من الأماكن كانت ترفض استقبال العائلة المقدسة، لكن أهالى سمنود استقبلوا العائلة بحفاوة، والأماكن التى مرت عليها العائلة المقدسة لم تكن أماكن دينية بالطبع، لكن ما حدث أنه مع دخول المسيحية لمصر سنة ٦٠ ميلادية تحديدًا عن طريق القديس مارمرقس الرسول، تحولت جميع الأماكن التى زارتها العائلة المقدسة إلى كنائس وإلى أديرة. وهذه الكنيسة شيدت فى القرن الأول الميلادي، لكن المبنى الحالى هو مبنى حديث بنى عام ١٨٤٩ على أنقاض كنيسة قديمة، والتى كانت تتعرض للغرق فى فترة الفيضان، ووفقًا لما ذكره أبو المكارم أن الأقباط كانوا يضطرون للنزول على سلالم للوصول إلى الكنيسة ومع قدوم فيضانات النيل كانت الكنيسة تُغمر بالمياه، لذلك كانت هناك فكرة إنشاء مبنى آخر حديث..
أضاف الأنبا بيشوى أن الكنيسة عُرفت فى البداية باسم كنيسة السيدة العذراء بسمنود، وظلت بهذا الاسم إلى أن وصلت رفات الشهيد أبانوب، وتحديدًا فى بداية القرن الـ١٣ فى سنة ١٢٠٠ ميلادية، وهذا الشهيد كان مولده فى القرن الرابع الميلادى بقرية نهيسة، وهى الآن باسم كفر العرب بمركز طلخا، فقد عاش وحيدًا لأنه فقد والديه وعمره ١٢ عامًا، وتركا له ثروة ضخمة قام بتوزيعها على الفقراء فى القرن الرابع، ورفض عبادة الأصنام وتمسك بالدين، فى عهد الحكم الرومانى الوثني، وقد اعترف بالإيمان المسيحي، رغم صغر سنه، أمام الوالى الروماني، فتفنن الولاة فى تعذيبه إلى أن قطعوا رأسه بالسيف.