كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الغـل!

كرم جبر

الثلاثاء، 12 يناير 2021 - 08:33 م

 

ظلوا على مدى 50 عاما يُقسمون بأنهم لم يحاولوا اغتيال الرئيس عبد الناصر فى المنشية، وأنها كانت تمثيلية للتنكيل بهم، ولكن بعد 25 يناير اعترفوا بالجريمة وتفاخروا علناً بأن مجموعة انتحارية تتكون من محمود عبد اللطيف وهنداوى الدوير ومحمد النصيرى، هى التى قامت بالعملية.

وبعد أن سجل الإخوان ما أسموه ملاحم التعذيب فى سلخانات عبد الناصر، ورصدت زينب الغزالي فى كتاب "حياتى" قصصاً يشيب لها الولدان، عن الكلاب المتوحشة التى كانت تنهش جسدها فى السجن الحربى، وجلدها بالسياط وتعليقها فى الفلكة وإغراقها فى حوض مياه.. اعترفوا بعد سنوات طويلة بأن الكتاب لا تعرف عنه زينب الغزالى شيئا، وأنه من تأليف على جريشة، الذى أطلق العنان لخياله لشحذ الهمم ضد عبد الناصر.

مخطئ من يتصور أنهم استسلموا للعيش فى أمن وسلام، أو أنهم تخلوا عن الخدع والأكاذيب وألقوا السلاح، إنها فقط فترة كمون تعودوا عليها، ولن يبرأ جسد الوطن من الداء، إلا إذا استمرت حالة اليقظة القصوى لما يتم تدبيره من مؤامرات.

لا يدركوا أن مصر أصبحت آمنة ولا مستقرة، بعد أن كانت تنام فى أحضان الخوف وتستيقظ على أصوات الرصاص والتفجيرات، وأن سياسة "الأرض المحروقة" التى يستخدمونها سوف تحرقهم قبل غيرهم، ولم يستوعبوا أبدًا دروس عام الرمادة الذى حكموا فيه مصر، فكان وبالًا عليهم وشؤما على قادتهم، إما فى السجون أو هاربين بعد أن جاءتهم فرصة ذهبية للاندماج فى الوطن.

الإخوان يعتقدون أن إنقاذهم فى خراب مصر وتجويع شعبها، وأن الناس سوف يثورون إذا اشدت الأزمات وساد الغضب، فيعودون إلى الحياة من بوابات النار والفوضى، وتزداد معاناتهم وأزماتهم النفسية، كلما انفرجت أزمة وساد الارتياح، ومن ينام فى أحضان الغل لن يجنى غير الأشواك.

الفاشلون

"لوبى صناعة اليأس"، لهم فى تاريخنا السياسى باع طويل، كان نموذجه الفادح قبل حرب أكتوبر، عندما عمموا شعار "اللاسلم واللاحرب"، وبعد الانتصار شغلّوا أسطوانة "خيانة القضية"، وبعد استرداد الأرض ظلوا يشيعون روح الهزيمة، ويهاجمون ما أسموه "سلام الاستسلام"، ولكن المصريين اكتشفوا خداعهم مع رفع الأعلام المصرية عالية فوق سيناء، وتغلب الوعى الوطنى على روح التشكيك والإثارة.

فى وضعنا الراهن يتكرر نفس السيناريو بحوار مختلف، مضمونه محاولات خلق شعور عام بالغضب، ظناً من صناع اليأس أنهم يهيئون المسرح لحالة أقرب مما كان سائداً قبل 25 يناير، واختراق رصيد التأييد الشعبى للدولة المصرية، التى تعى جيداً حجم المشاكل والتحديات وتسابق الزمن لعبورها، يدعمها ظهير شعبى مازال مسلحاً بالوعى.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة