زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

الحنـــان المفقــــــود!

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 15 يناير 2021 - 11:45 م

كوب نسكافيه وشريحة من الكيك وقُبلة باردة، هو كل ما يلزم زوجى ليبدأ يوم عمله الذى يمتد لمنتصف الليل، ثم يعود ليملأ كرشه المنتفخ بصنوف من الطعام، استهلكت كثيرا من مكالماته  فى توجيهى لعملها بشكل يرضيه.

كنت ألوك معه حكايات رتيبة ونمطية، لا يمل فيها من تنصيب نفسه دور البطل الجسور الذى لا يخدعه أحد، ويتباهى فى كل مرة بأنه كشف عُمّاله الكسالى ووقع عليهم الجزاءات.

ذات يوم عاد ومنحنى حضنًا مزعجًا برائحة عرقه النفاذ، تظاهرت بأنى طبيعية، ثم قال وهو يُقَشّر تفاحة مستغربًا: تصورى صديقنا "فلان" بعد كل هذا العمر فاكر عيد الحب والكلام الفارغ ده؟

تظاهرت بأنى مشغولة بإعداد كوب الشاى ولم أجبه، فأنا أعلم رُقى إحساس صديقنا الذى أحب زوجته فى الجامعة، وكان يخترع مناسبات يتودد بها إليها أذكر منها: عيد الميلاد والحب ويوم أن اعترفا بمشاعرهما، وتاريخ عقد قرانه ويوم زفافه، ويوم أن التقاها لأول مرة.

كانت كل هذه المناسبات مقدسة لا تفوته، ولا أنسى يوم بُكائه عليها كطفل يشكو القهر، حين كانت على سرير المرض تعانى سرطان الثدى.. ولم يفارقها يوما.

كانت تخبئ خوفها فى كفه البراح، وتشبع روحه بنظرة طمأنينة تشع من عينيها. كانت هذه المشاعر الراقية فى نظر زوجى كلاما فارغا، فهو لا يؤمن إلا بالصفقات!

وحين تقدم للزواج بى كنت صفقة مفرداتها: امرأة جميلة، ومن عيلة كبيرة، وطبيبة مشهورة، ووجد فىّ كل ما يتمنى -بشهادة لسانه- أعترف أنه ربحنى كزوجة ولكنى خسرته كرجل يصلح أن يفتح مغاليق روحى.. ويتمدد فى خاطرى كلما غاب وربما إلى الأبد، ربحنى ونسى أن الرجل ربما يبحث عن امرأة يسكن إليها، ولكنه لا يعلم أن كل امرأة مرهفة تبحث عن رجل يسكن فيها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة