صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

مشكلاتنا مزمنة

صالح الصالحي

الأربعاء، 24 فبراير 2021 - 07:42 م

الكل يحلم أن تنتهى مشكلاتنا، ويعيش الجميع فى رفاهية ورغد.. الجميع يحلم بمسكن صحى وسيارة وتعليم جيد لأبنائه.. الكل يحلم بدخل يحقق له أحلامه ويرسم السعادة على وجهه.. دخل يجعله يعيش مرتاحا دون معاناة آخر الشهر.
الجميع يطالب الحكومة دائما بحلول سريعة لكل مشكلات الإسكان والنقل والمواصلات والتعليم والصحة فى كل العصور والأزمنة.
الواقع يؤكد أن مشكلاتنا التى نحياها مزمنة.. والمشكلة السكانية ليست وليدة هذا العقد وحده، فهى موجودة ونعانى منها منذ عقود، وكلما حاولت الدولة أن تحلها بطرق وسائل مختلفة بدءا من الحملات الإعلامية ومرورا بتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان وعقد مؤتمرات للسكان واستحداث وزارة للسكان ثم ضمها لوزارة الصحة.. وأخيرا استراتيجية لمواجهة الزيادة السكانية ضمن رؤية مصر 2030.
كلها جهود من قبل الدولة ومع كل ذلك فإن الزيادة السكانية فى اطراد  حتى أننا نزداد كل عام ما يقرب من سكان دول عديدة.
هكذا تعودنا دائما نقترب من المشكلة وتأخذ كل همنا فى أوقات.. ثم تعود وتتزاحم مشكلات أخرى لتبعدها عن بؤرة المشهد.. وكأننا فى صراع من المشكلات.. يظهر على السطح بعضها وتختفى الأخرى.. وفى الوقت نفسه تتولد من رحم المشكلة أخريات.. ربما أكثر شراسة ولكن الأصل واحد كما يحدث فى الزيادة السكانية التى خلقت معها أزمات فى التعليم.. فتحاول الدولة جاهدة بناء مدارس وفصول لاستيعاب هذه الزيادة.. وتكتظ الفصول.. وتتدنى الخدمة التعليمية.. كما تلقى المشكلة السكانية بظلالها على الصحة وتحاول الدولة بشتى الطرق بناء مستشفيات وتطوير أخرى وخلق مبادرات لعلاج الأمراض المزمنة.. ثم تخرج مشكلات أكثر تعقيدا.. السكان يزدادون.. وضاقت الأرض بالسكان فى الوادى.. وتلتهم الزيادة الأراضى الزراعية بالبناء عليها وتجريفها.. وتظهر العشوائيات.. لتخلق قنابل موقوتة.. تحاول معها الدولة إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة ليعيش الناس فى مساكن كريمة بمبادرات كريمة لحياة كريمة.. وتحاول الدولة تطوير العشوائيات.. ويزداد السكان وتقل فرص العمل... وترتفع البطالة وتزدحم المواصلات والطرق وتقيم الدولة مشروعات للنقل فوق الأرض وتحت الأرض لتستوعب هذه الأعداد..
ويزداد السكان ويزاحم الناس بعضهم بعضا فى المأكل والمشرب.. ويخلق الزحام أمراضا نفسية وظواهر اجتماعية غريبة.. وتقيم الدولة المشروعات التنموية لمواجهة ذلك.. وينخفض متوسط نصيب الفرد كل يوم عن اليوم السابق من عوائد التنمية والناتج المحلى..
ماذا بعد أن أصبحت كل مشكلاتنا المزمنة أعراضا لمرض واحد ، هو الزيادة السكانية التى تبتلع كل جهود التنمية؟.. هل سنظل هكذا حتى نستيقظ على خبر ارتفاع عدد السكان إلى 200 مليون نسمة بحلول 2050!!.. علينا جميعا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال كيف سيعيش أبنائنا فى هذه الأيام التى يصل فيها عدد السكان 200 مليون نسمة؟!.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة