جلال عارف
في الصميم
البشر أولاً وأخيراً.. هكذا يتحدث تقرير النيابة!
الأحد، 11 أبريل 2021 - 07:21 م
تقرير النيابة العامة عن حادث تصادم القطارين بسوهاج صادم كما هو الحال فى العديد من الحوادث المأساوية التى أصبحت ترافق السكة الحديد منذ سنوات طويلة. كم الإهمال والتسيب والسلوك الشخصى الذى لا يتحمل المسئولية من البعض يكشف عن حاجتنا إلى جهد مضاعف للتعامل مع العديد من قضايانا انطلاقاً من أن العامل البشرى هو الأساس.. تراجعه يسبب المآسى، وإصلاحه يعنى أن يمضى قطار الإصلاح والتقدم فى مساره الصحيح.
لم يكن تفادى الحادث الذى أودى بحياة عشرين مواطناً وأصاب العشرات يحتاج إلا لأن يقوم العاملون فى قيادة القطارين والمراقبون والمشرفون وكل المسئولين بعملهم.. لا أكثر ولا أقل!!.. ساعتها لن نجد سائقاً أو مساعداً له أو مراقباً فى أبراج المراقبة يتعاطى المخدرات أو الترامادول(!!) ولا نجد خللاً فى تحذير القطار القادم ليتوقف فى الوقت المناسب (!!) ولا نجد ما أثبته تقرير النيابة من أن سائق القطار الأسبانى القادم من الخلف ومساعده لم يكوناً فى كابينة القيادة وقت الحادث، وأن الفرامل الآلية كانت معطلة، والفرامل اليدوية كان يمكنها وحدها ـ لو استخدمت فى الوقت المناسب ـ أن توقف القطار وتمنع الكارثة!!
جهود تحديث قطارات السكة الحديد الحيوى مستمرة منذ سنوات بعد إهمال طويل.. لكن ماذا عن العامل البشرى الذى يتسبب فى أكثر من ٨٠٪ من الحوادث؟ وكيف مازال هذا المستوى من التسيب موجوداً؟ وهل تمت محاسبة القيادات المتعاقبة عن مسئوليتها عن هذه الأوضاع القادرة على إفساد أى محاولة للإصلاح الحقيقى فى مرفق لا يتحمل أى تهاون أو تسيب أو إهمال من أى عنصر فيه، لأن نتيجته تمس أرواح البشر وسلامة المواطنين.
نريد للإصلاح الحقيقى أن يبلغ مداه. ولن يحدث ذلك إلا بأن يكون البشر أولا، وأن يكون التعليم والتدريب واستعادة قيم العمل وتحمل المسئولية أساساً فى كل حياتنا. ونحن نستطيع ذلك بكل تأكيد، وليسأل الجميع أنفسهم: لماذا استطاعت الإدارة المصرية لقناة السويس على مدى ٦٥ عاماً أن تقدم هذا النموذج الرائع لقدرة المصريين على تحقيق الأفضل على مستوى العالم؟
الإجابة الصحيحة تكشف الطريق لإصلاح حقيقى يبدأ وينتهى عند البشر، ولا يعتمد إلا العلم والعمل، ولا يترك مجالاً لإهمال أو تسيب أو بقايا فساد وتقاوم نهايتها!