صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

أستاذى الذى أعرفه

صالح الصالحي

الأربعاء، 21 أبريل 2021 - 06:18 م

استيقظت الخميس الماضى على خبر وفاة أستاذى مكرم محمد أحمد.. خبر مفجع فى وفاة أستاذ جليل عملت معه على مدار أكثر من ٣ سنوات. كنت محظوظا بالعمل معه. وجدت فيه الأستاذ الكبير الداعم لمن حوله الذى يشجع كل عمل جيد. المتمسك المعتز بمهنيته حتى آخر لحظة فى حياته.. تمسك بلقب الاستاذ ورفض أى ألقاب أخرى يتطوع الآخرون بمنحها لمن يجلس على الكرسى من فئة البيه والباشا والوزير!! كان يرفض دائما أن يسير فى كوكبة لإفساح الطريق له.. لم يغادر القلم يده.. فكان دائما مثل التلميذ النجيب الذى يسجل كل كبيرة وصغيرة فعاش كبيرا فى كل شيء.. صاحب قضية ومبدأ ولديه أحلام لصالح المهنة والعمل الإعلامى لآخر لحظة فى عمره.. فأحيا الدورات التدريبية للصحفيين والإعلاميين ودعم العديد منها بمنح المتدربين أجهزة كمبيوتر لتقديم الدعم التكنولوجى لتطوير مهنتهم.. كان كثير الحديث عن جيل الوسط فكان يراه مظلوما حتى أنه كان يعد الدورات الداعمة له لتأهيله لتولى القيادة.
لا تستطيع أن تفرق بين كونه رئيسا للمجلس الأعلى للإعلام وشخصية النقيب فكان يشعر بكل العاملين فى المجال. وكثيرا ما كان يرفض أن يقسو على المخطئ وكان يردد «أنا ناظر إسكولا»، أصوب الخطأ ولا أقطع رقبة المخطئ.. هى حكمة الشيوخ.. وعلى الرغم أنه لم يتدخل فى عمل لجان المجلس.. فكان كل مقرر له الحق فى وضع التقارير الخاصة بلجنته وكان يعتمدها بعد مناقشة فينحاز لرأى الأغلبية حتى وإن كانت مخالفة لرأيه، فكثيرا من قرارات لجنة الشكاوى ما كان يراها قاسية، فيحاول تخفيف العقوبات الخاصة بها ولكن إذا وجد إجماعا لصالح ضبط المشهد الإعلامى توافق معه.. كنت أصغر الاعضاء سنا وتنبه الأستاذ مكرم لهذا الأمر فكان حريصا على أن يضيف فارق عمره لى ليمنحنى الثقة الكاملة ويؤكد دائما ان من حق الشباب أن يتبوأ مقعده وان نترك لهم الأمر ليتولوا زمامه مكررا «عيب على شيبتى أن أنافس الشباب».. تولى مسئولية المجلس الأعلى للإعلام وكان كيانا مستحدثا.. وكان علينا جميعا أن نرسم ملامح هذا الكيان الذى لم يخل من تحديات وصعوبات حتى نصل لما عليه الآن، لم يتوان الأستاذ مكرم أن يجمعنا لساعات طويلة، وكنا نندهش من شبابه الذى فاق قدرات أعمارنا.. فكان ينسى آلامه وتوجعاته طوال عمله حتى أننا كنا نخجل من شكوى ارهاق العمل.. تعلمنا منه الكثير والكثير.. فكان دائما سندا وعونا لنا جميعا.. فلم نشعر معه اننا اعضاء لكيان بل اننا تلامذة أمام أستاذ كبير لم يبخل على أحد بخبرات السنين.. وعلى الرغم انه كان شيخا كبيرا للمهنة إلا انه كان كثير السؤال والاستفسار يهتم بأدق التفاصيل بحثا عن الأمانة والصدق.. كان بسيطا مكتبه مفتوح للجميع فلم نعرف وجود سكرتارية أو لمبة حمراء تمنعنا من التواصل معه فى أى وقت.. اختفت معه البروتوكولات المعطلة للعمل الجماعي.. فكنا نتواصل ليل نهار ومن شدة بساطته رغم كبر سنه وثقل حركته إلا أنه كان يأتى إلينا فى مكاتبنا ويخجل من استدعائنا لنأتى إليه.
هو مكرم محمد أحمد الذى خاض معارك نقابة الصحفيين فهو الوحيد الذى كانت تجمع عليه قوة المعارضة قبل أبناء المؤسسات القومية.. حقق المعادلة الصعبة فى معاركه.. فكان يحصد أعلى الأصوات الانتخابية ليجمع البيت الصحفى تحت لواء واحد.. رحم الله الأستاذ.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة