عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

النيل وحماته

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 27 مايو 2021 - 07:30 م

لماذا تتصلب إثيوبيا وترفض حتى الآن التوصل إلى اتفاق منصف قانونى وملزم لتشغيل سد النهضة، كما يطالب شركاء النيل الأزرق ( مصروالسودان )، رغم أنها تعانى بشدة من أزمات داخلية حادة جدا أكثرها حدة الآن ازمة اقليم تيجراى الذى مازال يشهد عنفا واضطرابا ويعانى سكانه من كارثة إنسانية فادحة ؟!
يرى البعض ان تلك الأزمات تحديدا التى تعانى منها اثيوبيا هى التى تفسر تصلبها هذا فى ازمة سدها.. فهى تحتاج لان تستعيد وحدتها الوطنية التى تهددها الصراعات بين الكيانات العرقية الأساسية فيها، والتى لا تقتصر على ازمة اقليم تيجراى فقط.. ولذلك سعت حكومتها ورئيسها ابى احمد إلى حشد الاثيوبيين حول قضية وطنية هى قضية السد، واخترع لهم عدوا خارجيا حتى لا يصوبوا فوهات غضبهم تجاهه وانما ضد هذا العدو الخارجى الذى اخترعه لهم.
بينما يرى البعض الآخر ان تصلب اثيوبيا فى ازمة السد يرجع أساسا لوجود قوى ودول تحرضها عليه وتدعمها حتى تستمر فى هذا التصلب ولا تستجيب للطلب المصرى المدعوم بالقانون الدولى واتفاق النوايا الموقع عام٢٠١٥ القاضى بضرورة التعاون معا بين شركاء النيل الأزرق بدلا من الصدام الذى سيلحق الأذى بالسلم والأمن الدوليين.
وكلا التفسيرين له وجهته ويمكن قبوله.. فإن الأزمة الداخلية التى تعانى منها اثيوبيا حادة جدا وقابلة للانفجار فى اى وقت لتعم الصراعات اراضيها كلها وليس اقليم تيجراى وحده الذى يستأثر باهتمام دولى الآن بسبب الكارثة الانسانية التى يعانيها سكانه واختراع عدو خارجى امر تكرر حدوثه فى بلاد اخرى عانت مما تعانى منه اثيوبيا الآن..اما وجود قوى ودول تريد ازعاج مصر بأزمة حياتية خطيرة فهو امر ليس صعبا رصده سواء فى الماضى او الحاضر.. ولذلك فإنه فى الوقت الذى تعلن فيه مصر للجميع تمسكها بحقوقها فى مياه النيل وتجرى مناورات عسكرية واسعة وشاملة مع القوات السودانية على ارضى السودان يطلق عليها اسم حماة النيل، فإنها مازالت تمد يد التعاون لإثيوبيا وتتجنب الحديث رسميا عن ازماتها الداخلية، خاصة أزمة اقليم تيجراى المتفجرة.. وفى ذات الوقت فإن مصر تسعى لزيادة نفوذها الاقليمى ومكانتها دوليا عبر خطوات محسوبة ومدروسة وسياسات توسع من هذا النفوذ وتقوى من هذه المكانة، من بينها المناورات العسكرية والاتفاقات الأمنية والحضور النشط فى محاولات حل ازمات المنطقة.. وقد بدأت مصر تجنى مؤخرا ثمار هذا السعى، وهو ما يؤكد صحة المقولة التى كنّا نرددها دوما وهى ان مصر لا يمكنها ان تحبس نفسها داخل حدودها ولا تُمارس دورا خارجيا لتتفرغ لبناء قوتها الاقتصادية، وانما يتعين ان تنشغل بمحيطها الاقليمى بشكل فاعل ونشط لان ذلك يزيد من نفوذها ومكانتها، وهو ما سيحد من نفوذ من يحرضون اثيوبيا فى ازمة سد النهضة، ويشجع القوى الدولية على ان تبذل جهودا اكبر لإقناعها ان التعاون مع مصر افضل من الصدام معها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة