نسمة علاء

كان أمله في الحياة أن يحصل على تذكرة في الصف الأول ليستمع إلى أم كلثوم، وفي البداية لم تتحقق له هذه الأمنية، فقد كان ثمن المقعد في الصف الأمامي بعيدًا عن آماله وأحلامه هو الملحن العبقري بليغ حمدي. والتحق بليغ بكلية الحقوق وبالمعهد العالي للموسيقى، ولكنه لم ينجح في الجامعة أو المعهد، وهام على وجهه في شارع علوي باحثًا عن صوت يؤدي الألحان المزدحمة في رأسه فلم يجد أحدًا. واستمعت لجنة الإذاعة إلى ألحانه التي غناها بنفسه ونصحته اللجنة بأن يترك التلحين ويغني فقط، وقال لهم: لماذا ؟، وقالت اللجنة: لأن ألحانك رديئة. وكان قد غنى لهم أغنية بعنوان «ليه لأ»، وقد اعترفوا به كمطرب ورفضوا أن يعترفوا به كملحن، وسألوه في سخرية: لماذا تلحن.. أنت لا تصلح إلا مغنيًا!، فقال لهم: أنا ملحن ولست مطربًا. وغني بليغ في الإذاعة ألحان غيره من الملحنين، ولم ينجح كمطرب فقد كان يغني ألحان رديئة، فترك الإذاعة وبدأ يشق طريقه بسرعة من جديد. اقرأ ايضا||بعد قصة حب كبيرة.. سر عدم زواج بليغ حمدي من سامية جمال   وأخذ الملحن الناشيء يتسلق صوت «فايدة كامل» بنفس اللحن الذي سبق أن رفضته لجنة الاستماع، وغنت فايدة اللحن ونال الجائزة الأولى في برنامج «ما يطلبه المستمعون»، ثم بعد ذلك لحن لفايزة أحمد وصباح وعبدالحليم، ولمع اسم بليغ حمدي بجوار الموجي وكمال الطويل. وفي حوار له مع جريدة أخبار اليوم في 9 أبريل 1960، بدأ بليغ الحديث وقال بمرارة للمحرر: هل تعلم أن الإذاعة لم تعترف بي كملحن إلى اليوم ؟ قال المحرر: كيف ذلك ؟ إنها لم تحدد لي أجرًا ومعنى ذلك أنها لا تزال مترددة في الاعتراف بي! سأله المحرر: والألحان التي تذيعها في كل يوم بأصوات كبار المطربين والمطربات ؟ كلها أسطوانات أو أشرطة تذاع مجانًا. وتناول بليغ العود وأخذ يدندن بمقدمة اللحن العاشر له أو أروع ألحانه جميعا وقال: حب أيه اللي أنت جاي تقول عليه أنت عارف قبله معنى الحب أيه لما تتكلم عليه ؟ وقال له المحرر: من سيغني هذه الملحمة ؟ قال بليغ: لقد كان كل أملي في الحياة الحصول على تذكرة في الصف الأول لاستمع إلى أم كلثوم. قال المحرر: ولكنك قلت أنه لم يتحقق لك هذا الأمل! وقال بليغ وهو يضحك: لقد تحقق أخيرًا أملي كله، لقد وجدت المقعد، سأجلس غدًا في السابعة مساءً لاستمع إلى أم كلثوم العظيمة وهي تغني هذا اللحن في البروفة الأخيرة، وسوف أكون – أنا وحدي – المتفرج الوحيد الذي يجلس في الصف الأول. بليغ عبد الحميد حمدي مرسي ولد عام 1931 في حي شبرا، وكان يعمل والده أستاذًا للفيزياء، لحن لكبار المطربين والمطربات، كما قام بوضع الموسيقى التصويرية لكثير من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية، توفي عام 1993 عن عمر يناهز 62 عامًا بعد صراع مع مرض الكبد. المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم     اقرأ ايضا||انتحار الفنانة المغربية.. «لواء شرطة» يدفع ثمن الوفاء لبليغ حمدي