جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

العجل هرب .. هاتوا السكاكين

جمال حسين

السبت، 24 يوليه 2021 - 07:50 م

.. وانتهت أطول إجازة عيد ربَّما فى تاريخنا المعاصر، والتى استمرت أسبوعًا أو يزيد.. تكدَّست الشواطئ والمصايف بملايين المصطافين، الذين هربوا من الحر الخانق إلى المدن الساحلية؛ بحثًا عن نسمات من الهواء العليل، تحملها الأمواج العابرة للحدود..

انتقل الزحام إلى المدن الساحلية، التى ضاقت رغم رحابتها، وتضاعفت أسعار الشاليهات والشقق الفندقية بها إلى أرقامٍ خياليةٍ، وتكدَّست السيارات بطول طريق الساحل الشمالى، الذى يمتد لمسافة ٤٠٠ كيلو متر.. وحسنًا فعل الرئيس السيسى، الذى وجَّه برفع كفاءة شبكة طرق الساحل الشمالى، خلال جولة له فى العيد؛ حتى تستوعب الزيادات المستقبلية لهذه المنطقة الواعدة.

ازداد تكدس المصطافين بالإسكندرية، عروس البحر المتوسط .. الشوارع الرئيسية والفرعية شهدت زحامًا شديدًا، الأمر الذى جعل عددًا كبيرًا من أهالى الإسكندرية يهربون إلى مطروح والساحل الشمالى، بينما التزم الكثيرون منازلهم بسبب الزحام الرهيب.

وهنا مربط الفرس، حيث ظهرت بعض الصفحات الغاضبة، التى تحمل صرخات استغاثة بإنقاذهم من المصطافين وسلوكيات البعض منهم، وأعتقد أن أصحاب هذه الصفحات جانبهم الصواب فى تدشينها.. وأقول لهم ربما نتفهَّم ونُقدِّر غضبكم من الزحام، لكن عليكم أن تعلموا أن الإسكندرية عشق الجميع؛ لِما لها من مذاقٍ خاصٍ، وذكرياتٍ جميلةٍ لدى كل المصريين.. نُحب الإسكندرانية المشهور عنهم الجدعنة وكرم الضيافة، ونُؤيد حقكم فى البحث عن الهدوء والسكينة والحفاظ على درة مدن البحر المتوسط فى أجمل صورةٍ، لكن ليس من حقكم حرماننا منها.

وعلى النقيض تمامًا كان الوضع فى القاهرة الكبرى.. سادت حالة من الهدوء والسيولة المرورية جميع شوارع القاهرة والجيزة، وظهرت الشوارع خاليةً من المواطنين والسيارات إلا قليلاً.

لكن من أهم المظاهر السلبية التى شهدها عيد الأضحى، انتشار ظاهرة ذبح الأضاحى بالشوارع، فى تحدٍ صارخٍ لقرارات السادة المحافظين، الذين صدعونا قُبيل العيد، مُتوعدين المخالفين بالويل والثبور وعظائم الأمور، والحبس والغرامة لكل من يتجرَّأ ويذبح أضحيةً بالشارع، ورغم إعلان معظم المحافظين عن فتح مجازر المحافظات بالمجان أمام المواطنين، فإن الواقع جاء عكس ذلك تمامًا، وتحوَّل الكثير من الشوارع إلى بحرٍ من الدم، وتحوَّل الكثير من العاطلين إلى جزارين، بعد محاضرات شفهية من أصحاب المهنة؛ حتى محلات الجزارة خالفت قرارات السادة المحافظين، وأقامت شوادر الذبح أمام محلاتهم، وأخرجت لسانها للجميع.

وكانت مشاهد «هروب العجول» من سكين الجزار هى الأكثر إثارةً، وتحوَّلت هذه المشاهد إلى هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعى، تلقفتها برامج لقنوات فضائية كبرى، وعرضتها على شاشاتها للعالم كله، ربَّما للفكاهة والتسلية، لكننى أنظر إليها بشكلٍ مُغايرٍ، وأُؤكد أنها تحتاج إلى وقفةٍ ونقطة نظام.

مشاهد هروب العجول من الذبح أثارت الذعر والرعب، وربما تسبَّبت فى إصابة أو قتل طفلٍ قاده حظه العثر لأن يكون متواجدًا فى طريق ذلك العجل الهائج.

وقد تصدر هاشتاج «العجول الهربانة» تريند موقع التدوينات بتويتر بمشاهد مضحكة؛ لفرار الأضاحى وسط ذهول وضحكات وتعليقات الجميع، وكان أطرفها «العجل هرب هاتوا السكاكين».

 كل عيد وأنتم بخير.. والمهم نتعلم من أخطائنا ونُصلح من سلوكياتنا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة