المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى


حكم نهائى.. «الإدارية العليا» تؤيد قرار وزير الأوقاف بـ«الخطبة الموحدة»

فاطمة مبروك

الثلاثاء، 10 أغسطس 2021 - 11:41 ص

أثبتت شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، فى أغسطس 2021 نهائية الحكم التاريخي الذي أصدره المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة رئيس محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة، بتأييد قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة ليوم الجمعة للأئمة والدعاة والخطباء على مستوى المساجد والزوايا بجمهورية مصر العربية، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً. 

وطالب المدعون وعددهم ثمانين مواطنًا فى دعواهم القضائية أمام المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي بإلغاء قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة للخطباء بالمساجد الزوايا وطالبوا الأخذ برأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بترك الخطيب حرًا على حد زعمهم وطالبوا أيضًا بخضوع المساجد لمشيخة الأزهر دون وزارة الأوقاف.

وتأتى أهمية الحكم فى وقت يستبين فيه للشعب حقيقة الجماعات المنحرفة الذين يتخذون من الدين ستارًا عبر المنافذ الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى وهم غير مؤهلين للبت فيه.

اقرأ أيضا| 28 أغسطس.. نظر طعون طلاب الثانوية الفنية في قضية الغش الجماعي

وقضت محكمة القضاء القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة للخطباء والأئمة بالمساجد والزوايا على مستوى الجمهورية.

وأكدت المحكمة في حكمها التاريخي على مجموعة من المبادئ والقيم الدينية التي تحفظ للأوطان كيانها بأن الخطبة الموحدة ضرورة تحفظ لمصر والأمة العربية والإسلامية وجودها وتحميها من الفكر المتطرف المناهض لوجود الدولة، وأن مصر تؤرخ لدور عالمي وليس إقليميا وتواجه بقوة وثبات وتضحية دعاة التطرف والإرهاب حماية للإنسانية مؤكدة أن منظومة ثنائية بين الأزهر الشريف وزارة الاوقاف لخدمة الإسلام الوسطى المستنير، وأن بعض الخطباء استخدموا المنابر لتحقيق أهداف سياسية وأخرى تحريضية لشق الصف متخذين من الدين ستارا، وأن المسجد ذكرًا لله بالارشاد والوعظ لتقرب العبد إلى ربه وليس مصدرًا للتحزب والاختلاف الفكري والمذهبي.

ووضعت إطارًا للخطباء والأئمة فليس من حق الخطيب أن يوجه الناس لرغباته ويملي عليهم قناعاته الشخصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيوهمهم أنه الحق المبين فيؤدى إلى الاحتقان الشعبي فى البلدان الإسلامية والعربية وأن الخطيب يتمتع بحرية فى طريقة اَداء الخطبة شفاهة ارتجالا أو مكتوبة مقروءة بما لا يخرج عن مضمون الخطبة الموحدة لإبراز ملكاته ومواهبه لجمهور المصلين، وأن الخطبة لا تكون طويلة مملة أو قصيرة مخلة ولا تزيد على عشرين دقيقة وتقصيرها علامة على فقه الخطيب، فلا يطيل فينسى الناس بآخر كلامه أوله، وهو هدي النبي في خطبه الراتبة .

قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أنه وفقا لوثيقة إعلان الدستور المصري فإن مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية وفي أرضها شب كليم الله موسى عليه السلام وتجلى له النور الإلهى وتنزلت عليه الرسالة فى طور سنين وعلى أرضها احتضن المصريون السيدة العذراء ووليدها ثم قدموا اَلاف الشهداء دفاعاً عن كنيسة السيد المسيح عليه السلام .وحين بعث خاتم المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق فانفتحت القلوب والعقول لنور الإسلام فكانوا خير أجناد الارض جهاداً فى سبيل الله لنشر رسالة الحق وعلوم الدين فى العالمين وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع , وتلك الوثيقة تأخذ حكم طبيعة النصوص الدستورية ذاتها وقوتها بحسبانها تكون مع الأحكام التى تنتظمها كلاً غير منقسم bloc de constitutionnalité  أو نسيجًا دستوريًا واحدًا .

وأضافت المحكمة أن الدستور نص على ان الإسلام  دين الدولةواللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وجعل من الأزهر الشريف هيئة اسلامية علمية مستقلة , يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم كما عهد المشرع العادي إلى وزارة الأوقاف التي تمثل الجانب المادي الملموس في الحقل الديني الإسلامي لمرفق المساجد والزوايا التابعة لها مهمة إدارتها والإشراف عليها بعد تسليمها وضمها إليها والتزام الخطباء بالخطة الدعوية لها وذلك ضماناً لقيام هذه المساجد برسالتها فى نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه احترامًا لقدسية المنبر وتطهيراًلافكار الدعاة وصونًا لجوهر الدعوة وبهذه المثابة فثمة منظومة ثنائية بين الأزهر الشريف باعتباره هيئة إسلامية علمية مستقلة تعد المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية ووزارة الأوقاف السلطة الفعلية القائمة على إدارة المساجد والزوايا وفق خطتها الدعوية واحتياجاتها وتوزيعها للخطباء على المساجد فكلاهما فى مجاله المرسوم له دستوريًا وقانونيًا في خدمة الإسلام الوسطي المستنير.

وأشارت المحكمة أنه من أفضل منن الله على المسلمين أن جعل لهم مواسم للخيرات، يتلقوا فيها أعلى الدرجات ويكفر عنهم السيئات، ومنها يوم الجمعة إدراكا لفضلها واغتنامًا لأجرها وخطبة الجمعة موعظة أسبوعية عامة توقظ القلوب المتغافلة وتشحذ الهمم المتخاذلة وتصل النفوس الطاهرة بخالقها جل علاه، لتعبد ربها بذكره عن علموبصيرة ويساعد على ذلك ما يقدمه الأئمة وخطباء المساجد كلجمعة من جرعات إيمانية مستقاه من الدين الحنيف مما يقتضى وضع منهج لمواجهة المشكلات التى تواجه المجتمع الإسلامي والأزمات التي يتخذها المتشددون الذين يتسترون من وراء الدين لتحقيق أهداف سياسية ولضبط النشاط الدعوى المستنير ولتلافى حصول بعض النواقص والأخطاء من بعض الخطباء، نتيجة عدمالإلمام ببعض الأحكام الفقهية للخطبة كان لزامًا توحيدها فى موضوع محدد كل أسبوع لتصحيح مسارالدعوة مما كشفت الأحداث التى تلحق بالعالم من الفكر المنحرف عن صحيح الدين واستغلال المساجد من الجماعات المتشددة. 

وأوضحت المحكمة أن التحديات المعاصرة كشفت عن أن التشدد والتطرف والإرهاب كان نتيجة الإنحراف عن مفاهيم الدين الصحيح والخلل الذي أصاب مسار الفكرالديني مما يتعين معه على الدول الإسلامية والعربية ومصر فى قلبها النابض محاربة الفكر المتطرف لدعاة التشدد والغلو الذين يستخدمون الشباب وقودًا لفكرهم المنحرف مما يستلزم تصحيح المسار وتطوير الخطاب الدعوى عن طريق إعداد الدعاة وصقل تكوينهم وتوسيع مداركهم لبيان حقائق الإسلام السمحة ودحض الباطل والحث على مكارم الأخلاق وماجاء به  الإسلام من حفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال  ليعيش المسلم في هذه الدنيا آمنا مطمئناً يعمل لدنياه وآخرته فنظام الدين لا يقوم إلا بنظام الدنيا وإن لم تراع الضرورات الخمس فسوف ينعدم الأمن فى المجتمع ويصاب النظام الاجتماعي بالخلل والانهيار الأمر الذى يستلزم مواكبة روح العصر من تقنيات وسائل الاتصال لتصل إلى عقل وقلب المتلقى وتوظيفها فى خدمة الدعوة بالوسائل  الصحيحة ومناهجها للتذكير بالخير وما يرقرق القلب بتلطف دون مخاشنة أو تعنيف.

وذكرت المحكمة أن الواقع المصرى كشف عقب ثورتى الشعب فى 25 يناير 2011 و 30 يونيه 2013 أن بعض خطباء الجمعة استخدموا المنابر لتحقيق أهداف سياسية متخذين من الدين ستارا لهم بعيدًا عن واقع المجتمع وحولوا موضوع خطبة الجمعة إلى تحقيق أغراض حزبية وسياسية وأخرى تحريضية وشق الصف عبر المنابر، بما يخدع البسطاء على الرغم من قدسية المسجد وأن الجمعة  شرعت لتكون جرعات إيمانية أسبوعية تعالج قضايا وهموم المجتمع وتعطي للمسلمطوق النجاة من الوقوع في المعاصي والآثام فأصبح توحيد موضوع الخطبة ضرورة لمواجهة المخاطر التي تواجه مصر والأمة الإسلامية والعربية كما يرسخ قيم المواطنة.

وأضافت المحكمة أن طريقة اداء الخطبة شفاهة وارتجالا أو مكتوبة مقروءة أمرًا اختياريًا للخطيب فى ضوء ما يمكنه من أداء رسالته وبما لا يخرج عن مضمون موضوع الخطبة المحدد فيترك لكل خطيب قدر من إبراز ملكاته ومواهبه فى ايصال موضوع الخطبة الموحدة لجمهور المصلين بالأداء الذى يمكنه من الوصول على عقولهم وقلوبهم فطريقة أدائها ليست الزامية على وجه معين فمن شاء ألقاها شفاهة وارتجالا ومن شاء ألقاها مكتوبة مقروءة وفى الحالتين يلتزم بموضوع الخطبة الموحدة ذلك أن الارتجال الواعي لا يستطيعه كل خطيب ويظل لبعض أصحاب الموهبة من الخطباء القدرة على الإدراك والتجديد والإبداع فى ذات موضوع الخطبة بما لا يحيد عنها ومن ثم تحقق الخطبة الموحدة مصلحة معتبرة.

وأشارت المحكمة أن زمن إلقاء موضوع الخطبة  بما بين خمس عشرة إلى عشرين دقيقة أمرا لازماً , ذلك أن تقصير خطبة الجمعة علامة على فقه الخطيب ، حيث يستطيع جمع المعاني الكثيرة في كلمات يسيرة ، ولا يطيل فينسى الناس بآخر كلامه أوله ، وقد هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه الراتبة، بل هو أمرُه، وهو أكمل هدي ، كما كانت مواعظه قليلة ؛ ليُحفظ عنه يا يعظ به الناس ، فخطبة الجمعة قصيرة ، والمواعظ قليلة.

وبهذا الحكم يعد المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة من أكثر قضاة مصر والعالم العربى إصدارًا للأحكام التاريخية التي تواجه النشاط الديني والفكر المنحرف للجماعات المتطرفة منها حكمه بحظر الإفتاء من غير المتخصصين ومناشدة المشرع تجريمه لوجود فراغ تشريعى وليس شرعيا لتنظيم عملية الافتاء وحكمه برفض اعتلاء المتشددين للمنابر وتحديد 9 اَليات لتجديد أساليب الخطاب الدينى , وحكمه بضم المساجد والزوايا لإشراف وزارة الأوقاف وحكمه بحماية دور العبادة وحظر هدم الكنائس ووجوب ترميمها وهو الحكم الأول من نوعه على مستوى العالم لقدسية دور العبادة لقيام المجتمع الأوروبى ببيع الكنائس وحكمه بإحالة المتعدين من ذوى الفكر الدينى المتطرف على المنشاَت المدنية المؤمنة بالجيش للقضاء العسكري وحكمه برفض نقل رفات حاخام يهودي إلى إسرائيل لسماحة الإسلام ونظرته لأهل الكتاب ونبذ نبش قبور موتاهم ورفض نقل الرفات للقدس لأنها عربية ولا يجوز نقل رفات رجل دين يهودي إليها وهو ما يجعله علامة بارزة في التاريخ القضائي المصري والعربي الحديث.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة