ذاكرة مؤقتة وصورة ذهنية مستمرة

نسرين موافق

الخميس، 26 أغسطس 2021 - 11:50 م

بوابة أخبار اليوم

بقلم: نسرين موافي هل يمتلك العالم فعلا ذاكرة مؤقتة؟ هل من المنطقي أن ينسى البشر تاريخًا عايشوه؟..أم أن الإعلام فعلا هو الدجال في هذا العصر ؟ أشعر بأن هناك قليلين في هذا العالم يتكلمون بل و يصيحون  بصوت في صم بكم عمي لا يفقهون ، يحذرون مرارا أن هذا خطر و لا يشعر بهم أحد ، يذكرون بما حدث و بويلاته و لا يوجد من يدرك وجودهم ، حتى أصبحت أنا نفسي أشك في وجودهم . كيف يتعامل العالم مع حدث جلل مثل عودة طالبان للسيطرة علي أفغانستان بكل هذه اللامبالاه.. هل لأن السيناريو الركيك للأحداث و الإخراج المهين هوليوودي ، أمريكي الجنسية ؟!  عمل معه لا مجال للحديث عن حقوق الانسان ، الرحمة ، الديموقراطية ، المواطنة ، حقوق المرأة و العيش الكريم . فلنقبل الإنتاج و الإخراج الهزيلين و لنقبل عملا وحشيا على انه مسار طبيعي للامور فقط لأنهم يحملون الجنسية الأمريكية .  سيناريو تُزهق فيه أرواح مدنيين و عسكريين من كل الأطراف لأن هناك من يتستر تحت راية نشر الديموقراطية و ليقبل الجميع بثمن هذا المعني النبيل ، ثم ينسحبوا من الأرض بعد أن يسلموها لمن جاؤا لضحدهم و تخليص العالم من شرورهم . و كيف لا ، فقد اعتادنا أن هذه المصطلحات  حق يراد بها باطل عندما تصدر من الغرب . فهم  لا يهتموا لأمر أحدا حقًا حتي لو كان أشد الحلفاء إخلاصًا او حتي كان خاضعاً ذليلاً بلا هدف إلا الطاعه ، فهي أجندة و جدول أعمال بأهداف واضحة لا ينكرها أحد بل لا يتحملوا عناء محاولة تجميلها أو إضفاء أي شرعية عليها ، أبله هو من يعتقد أن هناك من يساند الخائن أو العميل حتي لو كان فعله تحت مسمي الحق و السعي لحياة أفضل لوطنه.  طالبان  … صناعة أمريكية بامتياز سُخرت فيها المخابرات الباكستانية صُنعت في تسعينيات القرن الماضي بأيديولوجية إسلامية اصولية متشددة  لتصبح شوكة و موطئ قدم في مكان استراتيجي هام بالغ الحساسية و في وقت الحرب الباردة  ، موطن للتطرف اختارته بعناية ليصبح مصنع اعضاء الجماعات الارهابية المدربة و لتصبح مركز انتشار للفكر الإرهابي . اختارت امريكا هذه الايديولوجية لتضمن شرعية بين قاعدة المسلمين العريضة . وبعد فشل الصنيعة الجديدة ( داعش ) في استنساخ طالبان في الشرق الاوسط و فشلها في السيطرة علي أهم جزء ( سيناء ) و إعلان الدولة الإسلامية ، عاد التفكير في إعادة طالبان الي المشهد لضمان شغل مقعد الإرهاب في المشهد الدولي . علموا أن لا مكان لهم هنا بعد هزيمة التنظيم الدولي و النسخة الجديدة داعش ايقنوا ان لا بديل عن النسخة الأصلية  من التطرف و ان بعدت في المكان فالفكرة سهلة الوصول . إنسحبت امريكا بشكل يوحي لأصحاب العقول المريضة بأنها هزمت حتي تصدر تعليقات بفرحة الانتصار ، و كيف ان بعد كل هذه السنين أنتصر الإسلام و هزم القوي العظمي ليكتسبوا أنصارًا و عقولاً صغيرة جديدة تكمل مسيرة تشوية الدين السمح . لتجعل هذه المنطقة ترزخ في النزاعات و الخوف وتزدهر تجارة الأسلحة و تنكسر الأقلام ليسود الظلام و يقضي علي كل أمل في غد أفضل .  وبالرغم من ذلك وحدي أراهن علي عقول نفضت عنها الخوف و كسرت تابوهات و أثارت جدل في مسلمات أن تكمل مسيراتها و ان لا تسكت عن كل ما يشوه دينها و تاريخها بالرغم من الإرهاب و التشدد .    وفي كل هذا لم ينسوا الصورة الذهنية … نعم فهي الباقية هي الأهم ، الكثير من الصور عن تشبث الاطفال بجنود الاحتلال الاميركي فهم ليسوا بمحتلين بل مخلصين كما استقبلوهم في العراق بالورود ، لكن لا أحد يتذكر لماذا تركوهم و تركوا لهم أسلحتهم بمليارات الدولارات ، فالعالم ذاكرته ذاكرة انتقائية يحددها الإعلام لم ينسوا الصورة الذهنية و نحن لا نتذكر تأثيرها ، فتصبح اعلي عمليه اجلاء رعايا قامت بها القوات المصرية بل و واحدة من اكفأها خبر صغير لا يلتفت اليه أحد فهو لم يستخدم كما ينبغي كما لم يعطي أصحابه حقهم في الشكر . لا تتخيلوا ان هذا لا يؤثر ، ابدا ! علي العكس ، قلة التقدير يصيب الروح علي المدي الطويل بالتكاسل و اللامبالاة فمن يفعل كمن لا يفعل و هنا اقصد الشعوب التي تُستهدف بالصورة الذهنية لان جنودنا  مدربين علي الفداء لا ينتظرون أجرا و لا شكوراً فقط واجبهم بفداء . التعامل مع الإعلام  علي انه مجرد عمل مكتبي و إهمال أهمية الصورة الذهنية حان الوقت لتغييره. حان الوقت لتغيير الصورة الباهته للاعلام المصري ، للبحث ليس فقط عن الكفاءة بل عن الموهبة ،  الحضور ، الابداع و التجديد و تبديلهم بمصوغات التعيين و الشلليه و المعارف. آن الاوان لظهور مبدعين تلتف الأسرة المصرية لتسمعهم يحللون ، يعيدون صياغه وعيهم و تعريفهم بقدراتهم و موارد و اهمية بلدهم و جيشهم .  آن الاوان لرسم صورة ذهنية حقيقية بلا تهويل او تهوين للشخصية المصرية للمجتمع ولما تم و يتم و سيتم بلا تطبيل او نفاق أو اچندات هدم . صورة حقيقية تستحقها مصر دائما تجدد الروح في شعبها و تعطيهم الأمل تعلمهم أنهم افضل تعيد لهم هويتهم الحقيقية و لا ابخسهم حقهم و يتأكدون معها انهم يستطيعون لانهم كذلك .