محلاها عيشة الفـلاح
السبت، 18 سبتمبر 2021 - 11:49 ص
آخر ساعة
نهضة زراعية شاملة واكتفاء ذاتى من المحاصيل وزيادة الصادرات
حياة كريمة غـيرت ملامح القرى والنجوع
هانئ مباشر
محلاها عيشة الفلاح.. مطمن قلبه ومرتاح.. يتمرغ على أرض براح.. والخيمة الزرقا ساتراهب.. أغنية كتبها الشاعر بيرم التونسى ولحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب وغنتها أسمهان عام 1939، صحيح أنها أطربت آذان عشاق الطرب وتمايلوا عليها، لكنها وقتها أزعجت عقول أهل السياسة والوطنيين وأثارتهم لفترات طويلة، فهى ترسم صورة وردية للقرية والفلاح فى حين أن الواقع كان شديد القبح، ففى ذلك الوقت كان الفلاح أشبه ما يكون عاملاً بنظام السخرة ويجرى استغلاله وسرقة رزقه.
صحيح أنه فى سنوات تالية حدثت محاولات لإصلاح أحوال الفلاح، مثل صدور قرار الإصلاح الزراعى وتمليك الفلاحين الأراضي، لكن هذه المحاولات لم تنجح بالشكل الكافى أو تستمر، فزاد الواقع سوءاً فى الريف المصري.. إلى أن جاءت سنوات تحمل ضمن طياتها الكثير من الخير، 7 سنوات من الإنجازات تحققت فيها نهضة زراعية شاملة فى الفترة من 2014 إلى 2021، 7 سنوات انتصرت فيها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للفلاح وللريف المصرى بعد عقود من التهميش والإهمال.. مشروعات تنموية كبرى جرى تنفيذها وأسهمت فى تحقيق نهضة زراعية شاملة، مع استمرار قطار التنمية الزراعية فى التحرك بكل ربوع مصر.
يقول الدكتور محمد الفرجاني، مستشار رئيس الوزراء للقطاع الزراعى والري: اشهدت مصر طفرات كبيرة فى القطاع الزراعى خلال السنوات السبع الماضية، ورغم أزمة جائحة كورونا ارتفعت الصادرات الزراعية 4٫6 مليون طن خلال الفترة من يناير حتى نهاية أغسطس 2021، فى حين لاتزال مصر متربعة على قائمة الدول المصدِّرة لمحصول البرتقال للعام الثالث على التوالي، واحتلت المراكز الأولى فى تصدير الموالح والفراولة المجمدة وإنتاج الزيتون، ويوجد أكثر من 350 حاصلة زراعية تم تصديرها لأكثر من 150 دولة، وهناك أكثر من 38 سوقاً تم فتحها آخر ثلاث سنوات منها 11 سوقاً تصديرية لـ7 محاصيل تصديرية خلال عام 2020.
يتابع: اعدد المشتغلين بنشاط الزراعة يبلغ نحو 5٫2 مليون شخص، بما يمثل 19٫2% من إجمالى المشتغلين، حيث تعتبر أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين فى الأنشطة الاقتصادية خلال الربع الثانى من 2021، فيما وصلت نسبة مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى لـ14٫8% عام 2019/2020، إذ بلغت 669٫8 مليار جنيه مقارنة بـ278٫5 مليار جنيه عام 2014/2015، وذلك بالأسعار الجارية.
فيما يقول الدكتور على حزين، رئيس مجلس إدارة الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة بوزارة الزراعة: االقطاع الزراعى من القطاعات التى تسهم بحوالى 15% من الناتج القومى و17% من إجمالى الصادرات المصرية، ولم يحدث فيه أى نقص فى السلع الغذائية أثناء جائحة كورونا، بل يوجد زيادة فى الصادرات خلال العامين الماضيين وصلت نسبتها إلى أكثر من 25%ب.
ويضيف: اهناك أكثر من 320 مشروعاً زراعياً تنموياً بتكلفة تجاوزت 40 مليار جنيه، وكذلك مشروع (الدلتا الجديدة) الذى يعتبر أضخم مشروع استصلاح فى المنطقة بتكلفة 250 مليار جنيه، فضلاً عن مشروعات بتوسع أفقى تستهدف أكثر من مليونى فدان، وإجمالى ما تم تمويله للمحاصيل الاستراتيجية وفى إطار دعم الفلاحين بلغ 6 مليارات جنيه سنوياً بفائدة ميسرة 5%، وتتحمل الدولة عنها دعماً بواقع 7% بما يعادل أكثر من 500 مليون جنيه سنوياً، كما بلغ حجم الإقراض من برنامج التنمية الزراعية 5٫2 مليار جنيه لصالح 111 ألف مستفيد لتمويل الأنشطة الزراعية والحيوانية، وفى مجال الإنتاج الحيوانى تم دعم 28 ألف مستفيد من المشروع القومى للبتلو بإجمالى 4٫6 مليار جنيه.
أما الدكتور ناصر مندور، عميد كلية الزراعة بجامعة قناة السويس، فيوضح أن ما حدث خلال السنوات الأخيرة يعد أكبر إنجاز تحقق وجعل الفلاح المصرى يعيش أزهى عصوره، وذلك نتيجة الاهتمام الكبير من القيادة السياسية بالقطاع الزراعى وعناصره المختلفة وأهمها الفلاح، والدليل على ذلك اهتمام الدولة بتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية للإنسان المصرى خاصة فى الريف، حيث أطلق الرئيس حملة (100 مليون صحة) للكشف عن الأمراض غير السارية والقضاء على فيروس سى الذى كان يحصد أرواح المصريين، خاصة الفلاحين بالقرى والتجمعات الريفية، وقد نجحت هذه الحملة فى علاج ملايين المصريين وتحويلهم من مرضى غير فاعلين أو منتجين إلى مواطنين أصحاء يستطيعون العمل والمساهمة فى العملية التنموية بالبلاد.
يتابع: أيضاً أطلق الرئيس فى عام 2019 مبادرة احياة كريمةب التى تكشف بما لا يدع مجالاً للشك، أن مصر تولى اهتمامها الأكبر بالقطاع الريفى لتقديم الحوافز اللازمة لأهل الريف، ومعاونتهم على مواجهة الصعوبات البالغة التى تقف حائلا بينهم وبين تطوير القطاع الزراعى، من حيث توفير مساكن مناسبة للأسر الفقيرة بالتجمعات السكنية والقرى الأكثر احتياجا، ورفع كفاءة المنازل ورصف الطرق بين القرى والتجمعات السكنية فى المناطق النائية وربطها بالمدن لتسهيل عملية نقل وتسويق الحاصلات الزراعية، علاوة على مد شبكات المياه النظيفة والصرف الصحى والكهرباء وتطوير وإنشاء الوحدات الصحية لتلك القرى والتجمعات الريفية.
ويشمل المشروع أيضاً دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل لأبناء الريف المصرى مع رفع كفاءة وإنشاء 1100 فصل دراسى لخفض الكثافات الطلابية بالفصول بحوالى20%، ومع انطلاق المرحلة الثانية للمبادرة فإنها تستهدف 315 قرية وتجمعاً سكنياً، خاصة فى محافظات الصعيد، وتم إطلاق عدد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى التى تعتبر الركيزة الأساسية للتنمية فى خطة مصر التنموية 2030، ومنها مشروع 1٫5 مليون فدان وكذلك مشروع الصوب الزراعية المتطورة التى تستطيع توفير آلاف فرص العمل للفلاحين والمشتغلين بالقطاع الزراعى لتوفير الغذاء بالداخل وتصدير الفائض للأسواق العالمية.
كما أن إطلاق المشروع القومى لتبطين الترع والمجارى المائية ساهم فى رفع كفاءة الترع وتبطينها لتقليل الفاقد من مياه نهر النيل والمياه الجوفية والأمطار والمياه المعالجة التى تقدر بـ15- 19 مليار متر مكعب مياه، علماً بأن أطوال الترع فى مصر تبلغ 33٫5 ألف كيلو متر، علاوة على إزالة التعديات على مجرى نهر النيل والترع وتنظيفها من الحشائش والقمامة، حتى تستطيع المياه الوصول للأراضى الموجودة بنهايات الترع التى لا يصلها الماء على الإطلاق وتنتظر الدور كل 4-5 أيام للرى.
وكذلك تم إنشاء مجمع الإنتاج الحيوانى المتكامل بالفيوم بتكلفة 1٫5 مليار جنيه ليستوعب 18 ألف رأس ماشية بالإضافة إلى مجزر آلى لتوفير البروتين الحيوانى لأبناء الشعب بأسعار مقبولة. وأيضاً تم إطلاق المشروع الوطنى لإنتاج التقاوى الذى يستهدف توفير تقاوى الخضر بأسعار مقبولة تزيد من أرباح المزارعين، مع العلم أن مصر تستورد 95-98% من تقاوى الخضر بتكلفة تتراوح بين 2 و7 مليارات جنيه سنوياً، والكثير من هذه التقاوى يدخل مصر عن طريق التهريب من الدول المجاورة.
وفى مجال الثروة الداجنة، بلغت الاستثمارات 100 مليار جنيه، وتوفير 3 ملايين فرصة عمل، كما تنتج مصر 1٫4 مليار طائر و13 مليار بيضة سنويا، فضلا عن إتاحة فرص استثمارية جديدة، وإنشاء وتطوير خط جديد لإنتاج لقاحات الدواجن وزيادة الطاقة الإنتاجية من 120 مليونا إلى 2 مليار جرعة سنوياً.
ويقترب الانتهاء من المشروع العملاق الخاص بإنشاء صوامع الحبوب بجميع محافظات مصر والموانى بطاقة استيعابية قدرها 1٫5 مليون طن، علاوة على رفع كفاءة الشون والصوامع الموجودة التى بلا شك سوف تقلل من الفاقد عند التخزين ورفع جودة الحبوب.
من جانبه، يقول هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب: إن قطاع الزراعة من أهم القطاعات التى شهدت اهتماماً كبيراً من قبل القيادة السياسية خلال السنوات الأخيرة، مما انعكس أثره على الفلاح بصورة مباشرة وعلى القطاع عموماً، ومثال على ذلك إطلاق منظومة كارت الفلاح الذكى فى 23 محافظة حتى الآن، وميكنة خدمات الحجر الزراعى وربط الموانئ المصرية وخدمات المعامل لتقديم الخدمات بشكل رقمي، وتدريب 8 آلاف مستخدم فى الجمعيات الزراعية على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فضلا عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى حصر مساحات المحاصيل، مما أسهم فى حدوث طفرة غير مسبوقة.
ولم يغب الجانب التشريعى عن المشهد، فقد قُدمت حزمة تشريعية متكاملة حفظت للفلاحين حقوقهم وأعطت لهم الحرية فى زراعة المحاصيل الزراعية كيفما يشاؤون، أهمها قانون الرى والموارد المائية، والتعديلات الأخيرة على قانون الزراعة، ورفع الغرامات عن الفلاحين فى زراعة الأرز.
الخلاصة.. الآن فقط من حق الفلاح المصرى أن يغنى من أعماق قلبه: امحلاها عيشة الفلاح.. مطمن قلبه ومرتاحب.