دراسة أكاديمية ترد على: كيف تعاملت الجارديان مع الأرهاب في مصر؟
الباحثة تتوسط لجنة الاشراف
السبت، 18 سبتمبر 2021 - 04:12 م
أخبار الأدب
منى نور
ثمة اهتمام كبير من قبل الباحثين بدراسة المنظمات والجماعات الارهابية من حيث نشأتها وتكوينها واستراتيجيتها فى الهجوم، وأساليب مكافحة الارهاب وطرق الوقاية. أما هذه الدراسة فقد أخذت صاحبتها منحي آخر حيث عنيت بدراسة (الخطاب الصحفى الالكتروني الخاص بقضايا الارهاب الدولى كموجه لتعليقات القراء)، وهى دراسة تحليلية مقارنة لعينة من الصحف المصرية والامريكية والبريطانية،حصلت عنها الباحثة أسماء أحمد عبدالحميد على درجة الماجستير (بامتياز) فى قسم الإعلام، جامعة المنيا.
أرادت الباحثة أن تتناول خطابات قضايا الارهاب وعلاقاتها بتعليقات القراء ومدى تأثير السياسة التحريرية والأيديولوجية فى تعليقات القراء،وقامت برصد الأساليب الاقناعية ومسارات البرهنة والحجج التى استخدمها الصحفى والمقارنة بين صحف الدراسة، ورصد الأهداف التى يسعي القراء لتحقيقها من خلال تعليقاتهم على خطابات الصحف.
تهدف الدراسة إلى رصد وتحليل الخطاب الصحفي المتعلق بالقضايا محل الدراسة، المتمثل في الصحف عينة الدراسة،وذلك خلال فترة زمنية محددة.
كما تهدف إلى رصد وتحليل خطابات تعليقات القراء فى مواقع صحف الدراسة والمقارنة بين خطابات الصحف محل الدراسة تجاه قضايا الدراسة وهذه الصحف هى (اليوم السابع، الجارديان، يو اس تو داى).
وترجع أهمية الدراسة إلى كونها تمزج بين تحليل الخطابات الإعلامية للصحف وبين تحليل تعليقات القراء في تناول القضايا الارهابية حيث تقوم الباحثة بمحاولة تفكيك وتحليل أبعاد الخطابا الإعلامى والربط بينها وبين تعليقات القراء، ومدى تأثير هذه الخطابات فى محتوى التعليقات وكيف أن هذه الدراسة أضافة جديدة لمجال البحث العلمى، حيث تتناول ظاهرة إعلامية حديثة نسبيا، وهي تعليقات الجمهور بوصفها أحد التقنيات الجديدة في مجال الصحافة والإعلام، وهنا من الممكن أن تفيد نتائج هذه الدراسة في وضع قواعد وأسس محددة لصياغة الخطاب الصحفي الخاص بقضايا الارهاب، وكشف مدي تأثير الأيديولوجيا فى أساليب المعالجة الإخبارية.
وعن الاطار المنهجى للدراسة، تنتمى هذه الدراسة إلي الدراسات الوضعية التحليلية التي تسعي الي رصد ووصف ظاهرة الارهاب، ودراسة العلاقات الارتباطية بين متغيرات الدراسة، والوصول إلي إجابة على تساؤلات الدراسة لاستخراج نتائج تفسيرية بشأن هذه الظاهرة، وتعتمد الدراسة على منهجين يعدان أساسيين في مجال الدراسات الإعلامية، وهما: منهج المسح الإعلامى، وأسلوب المقارنة المنهجية.
أما مجتمع الدراسة فهو يتمثل فى المواقع الالكترونية للصحف المصرية والدولية الناطقة باللغة العربية واللغة الإنجليزية، أما عن تعليقات القراء فتتمثل فى مواقع التواصل الإجتماعى.
ولتحديد عينة المواقع الإلكترونية للصحف الدولية، قامت الباحثة بمتابعة أشهر ١٠٠ موقع للصحف على مستوى العالم على موقع اليكسا، وكان دخولها فى ديسمبر ٢٠١٧، ثم مرة اخرى فى أكتوبر ٢٠١٨ ثم مرة آخرى فى مارس ٢٠١٩ وقامت باختيار أعلى صحيفة مصرية وامريكية وبريطانية وهى (اليوم السابع، الجارديان،
يو إس اى تود اى.
أما عن عينة المضمون، فقد قامت الباحثة بالمسح الشامل لجميع الخطابات التي تناولت قضايا الدراسة علي موقع الصحف، حللت الخطابات المتاحة على مواقع التواصل الإجتماعى فقط.
اما عينة القضايا التي قامت بمتابعتها فهى.
١- قضية هجوم بئر العبد (نوفمبر ٢٠١٧).
2- قضية مقتل جمال خاشقجى ٢٠١٩.
٣- قضية تفجيرات سريلانكا ٢٠١٩.
وكان التساؤل الرئيسى للوصول إلى نتائج هو: كيف اثرت كل من الأنظمة الملكية والسياسة التحريرية للصحف عينة الدراسة في اتجاهات خطابها حول قضايا الارهاب محل الدراسة؟
وللاجابة علي هذا التساؤل، قامت الباحثة بتحليل خطابات الصحف محل الدراسة خلال الفتنرة من ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧ إلى أول أغسطس ٢٠١٩.
وجاءت نتائج الدراسة لتؤكد وجود تأثير واضح لكل من الأنظمة الملكية والسياسة التحريرية للصحف عينة الدراسة في اتجاهات خطابها حول قضايا الارهاب محل الدراسة.
أما بالنسبة لتساؤل كيف تناولت الصحف عينة الدراسة ظاهرة الارهاب وتداعياتها
فقد جاءت نتائج الدراسة لتؤكد أن هناك اختلافا واضحا بين تناول صحف الدراسة لقضايا الإرهاب محل الدراسة، وأن منتجى الخطابات لايهتمون بعرض القضية بشكل موضوعى، بما يعكس ادراك هذه الصحف لدورها في تشكيل الرأى العام العربى أم العالمى، حيث تعتمد اغلب خطابات الدراسة على عرض وجهة نظر واحدة مما يعكس تحيزا واضحا فيما يخص قضايا الارهاب الدولى وبالتحديد مقتل جمال خاشقجى.
اما بالنسبة للتساؤل عن اوجه التشابه والاختلاف بين ملامح الخطاب الصحفى الخاص بكل صحيفة من صحف الدراسة تجاه قضايا الارهاب محل الدراسة؟
فجاءت نتائج الدراسة لتؤكد وجود اختلاف واضح بين ملامح خطابات الصحف المحللة فى تناول قضايا الارهاب موضوع الدراسة، حيث كشفت النتائج انعكاسا للسياسة التحريرية على ملامح واتجاهات الخطابات المحللة ويتضح ذلك من خلال أن النتائج كشفت عن أن صحيفة اليوم السابع كانت أكثر الصحف اهتماما بحدث الإعتداء على مسجد الروضة ببئر العبد وبعدد ضحاياه وقد ظهر ذلك فى عناوين ومضمون الخطابات حيث ارتفعت نسبة الخطابات المرتبطة بسرد الحدث واعتمدت على شهود العيان بشكل واضح فى قضية مسجد الروضة، وعلى نقيض ذلك جاءت صحيفة الجارديان التى اهتمت وبشكل واضح بالبرهنة الهجومية على النظام الحاكم والسلطة السياسية فى مصر من خلال الاشارة وبشكل مباشر الى السياسة الداخلية المصرية فى التعامل مع الهجمات الإرهابية، ويبرر ذلك فى المصطلحات المستخدمة داخل خطابات الصحفية، حيث تم ذكر الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى اغلب الخطابات المحللة تحت مسمى «الجنرال» أو القائد العسكرى، وليس تحت مسمى رئيس الدولة، وتختلف ملامح خطابات صحيفة «يواس أى توداى» فى الصحف السابقة فلقد اهتم منتجو الخطابات بالبرهنة الدينية وإظهار جانب الاضطهاد الدينى الذى تعيش فيه الطرق الصوفية فى سيناء وقد ظهر ذلك من خلال الاعتماد على سرد أحداث تاريخية كمقتل الشيخ الصوفى وتحديد مشايخ الطرق الصوفية ومنعهم من إقامة حلقات الذكر الخاصة بهم.
وقد جاءت النتائج لتؤكد أن أغلب الخطابات تحمل الطابع الأيديولوجى الذى يتفق مع سياسات الدولة التابعة لها..
وفى نهاية عرضها التحليلى لحوادث الإرهاب كما جاءت فى الصحف التى اختارتها للدراسة، اقترحت الباحثة بعض التوصيات التى يمكن أن تفيد فى مواجهة الأفكار الإرهابية ودارسة قضايا الإرهاب وفى هذه التوصيات طالبتا بضرورة منع تحميل وتصفح المجلات الخاصة بالجماعات الإرهابية وتتبع حسابات وصفحات المتطرفين وإغلاقها أولا بأول وعدم الاكتفاء بمجادلتهم أو الرد عليهم وذلك من خلال التنسيق بين الجهات الحكومية والجهات المختصة بذلك...
ولفتت فى توصياتها على وضع إطار الإرهاب تحت الاختبار وعلاقته بالظروف الجغرافية والسياسية لمكان الصراع وملاحظة اختلافه مع مرور الوقت.
فضلا عن اهتمام المؤسسات الاعلامية بتوظيف مواقع التواصل الاجتماعى والتفاعل مع القراء لخدمة أهدافها مع زيادة مستوى الوعى العام بخطورة شبكات التواصل الإجتماعى ودورها فى نشر الفكر المتطرف وذلك من خلال استثمار المغردين وأصحاب الحسابات المعروفين لدى الشباب والاكثر تأثيرا فيه.
وأشارت الباحثة فى ختام عرضها إلى أن نتائج هذه الدراسة محدودة بحدود الوقت الذى أجريت عليه، وعلى الرغم من تحليل فى الفترة من ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧ إلى أغسطس ٢٠١٩ فى ثلاث صحف مختلفة فإن الدراسات المستقبلية تحتاج الى دراسة مدد زمنية أطول أو أقل من مدة هذه الدراسة فى عالم الصحافة الإلكترونية الدولى ومواقع التواصل الإجتماعى.
هذه الدراسة لم تناقش الصور المصاحبة للخطابات الصحفية للعمليات الإرهابية ومدى تأثيرها على إدراك الجمهور لمفهوم الارهاب التى تتناول قضايا الإرهاب تأثير قوى على إدراك الجمهور لمفهوم الارهاب ولهذا اقترحت الباحثة أن يكون ذلك الموضوع محل دراسات أو أبحاث قادمة فى مجال الاعلام الدولى.
وطالبت الباحثة بعمل دراسات عن اتجاهات الجمهور الاجنبى والعربى نحو الإرهاب مع المقارنة بينها وربطها بنوعية وخلفيات المصادر التى يتعرضون لها.
وإجراء دراسة عن التغطية الصحفية للإرهاب باستخدام نظرية الاجندة واختبارها على القائمين بالاتصال فى غرف الأخبار، حيث إن تأثير الأجندة التى يصنعها المسئول الإعلامى عن نشر الخبر هى التى تحدد اذا كان هناك حدث إرهابى أهم من آخر، فقد تصاحب بعض الأحداث غزارة فى الخطية دون أخرى..
وطالبت أخيرا باجراء دراسة تحليلية حول أساليب التنظيمات الإرهابية فى الدعاية والحرب النفسية المستخدمة من جانب التنظيمات ضد الأطراف الفاعلة الآخرى..
جاءت الدراسة فى أربعة فصول تناولت الباحثة فى الأول منها الاطار المنهجى والاجرائى للدراسة أما الثانى فكان بعنوان «الارهاب الدولى» وفى الثالث تناولت نتائج الدراسة التحليلية للخطاب الصحفى وفى الفصل الرابع والأخير قدمت الباحثة نتائج الدراسة التحليلية لتعليقات القراء للخطاب الصحفى..
تمت مناقشة الرسالة فى قسم الإعلام بكلية الاداب جامعة المنيا بإشراف الدكتورة إيمان السعيد جلال أستاذ الدراسات اللغوية بكلية الالسن، جامعة عين شمس، والدكتورة سلوى أبو العلا شريف، أستاذ الصحافة المساعد بآداب المنيا وضمت لجنة المناقشة د. محمد سعد إبراهيم، د. محمد زين عبد الرحمن.