أنت تسأل و العلماء يجيبون
الامتناع عن المصافحة
الخميس، 30 سبتمبر 2021 - 04:03 م
اللواء الإسلامي
إعداد: عبدالعزيز عبدالحليم
ما حكم الامتناع عن المصافحة خوفًا من الإصابة بعدوى فيروس كورونا
العدوى كما عرفها المختصون هى: انتقال الكائن المسبب لها من مصدره إلى الشخص المعرض للإصابة، وإحداث إصابة بالأنسجة قد تظهر فى صورة مرضية أعراض أو لا، وهو ما عرف به العلماء فى كثير من الأمراض الوبائية؛ كالجُذام، والجرب، والجدرى ونحو ذلك.
وقد سبق الإسلام إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية والاحتراز من تفشيها وانتشارها؛ منعًا للضرر، ودفعاً للأذى، ورفعاً للحرج. فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخارى فى «صحيحه».
وفى رواية: «اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد»
وعن الحسين بن على عليهما السلام أن النبى صلى الله عَليْهِ وآله وسلَّم قال: «لا تُدِيُمواْ النَظَرَ إلى المَجَاذِيمِ، وَمَن كَلَّمهُ مِنْكُم فَليُكَلِّمه وَبَينهُ وَبَينَهُ قِيدُ رُمْحٍ».
ولا يتعارض ذلك مع الحث على المصافحة باليد، وأنها من السنن المجمع عليها، إتماما للتحية وإظهاراً للمودة وسببا فى المغفرة.
أما عند وجود المرض فينبغى للإنسان أن يتجنبها، ويكتفى فى التحية بإلقاء السلام بالقول المأمور به؛ كما فى قوله تعالى: «فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً» (النور: 61)، وقوله سبحانه: «إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ» (الذاريات: 25)، وكما فى الحديث القدسى الشريف: أن الله تعالى قال لسيدنا آدم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم السلام: «اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلائِكَةِ، فَاسْتَمعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ» متفقٌ عليه.
وهذا القدر من التحية هو الأصل فى السلام المأمور به، والذى أراد الشرع إفشاءه بين العالمين؛ ليحصل به الأمان والمؤانسة، ويزداد به الإيمان، وتترسخ به معانى المحبة والوئام؛ فعن أنس رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَضَعَهُ اللهُ فِى الْأَرْضِ، فَأَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» أخرجه البخارى فى (الأدب المفرد).
ويزداد النهى ويتأكد فى حالات الوباء التى انتشر فيها المرض وتفشَّى؛ كفيروس (كورونا كوفيد-19) أحد فيروسات كورونا التاجيَّة، والذى أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنه ينتشر بسرعة فائقة عن طريق العدوى بين الأشخاص، سواء عن طريق الجهاز التنفسى والرذاذ المتناثر من الأنف أو الفم .
وبناء على ذلك وفى واقعة السؤال: فاجتياح فيروس كورونا لأنحاء العالم يوجب شرعًا اتخاذَ الإجراءات الوقائية والاحترازية من الإصابة بعدواه، ومنها تركُ المصافحة باليد لمن يُخشَى انتشار العدوى منه أو إليه؛ حذرًا من الإصابة بعدوى الوباء القاتل، لِما ثبت من سرعة انتقاله بين الأشخاص عن طريق العدوى والمخالطة؛ حفاظًا على الأرواح، وأخذًا بأسباب النجاة، ويكتفى الإنسان حينئذ بالتحية قولًا، بما يُحصِّل القدرَ المأمورَ به شرعًا لإفشاء السلام.
القاضى غير المسلم فى الدولة الحديثة
يتيح القانون المصرى أن يكون القاضى مسيحيًّا؛ فهل هذا يتعارض مع الشريعة الإسلامية فى شيء؟ وهل ينفذ قضاء القاضى حينئذ؟
لا مانع شرعًا من أن يكون القاضى فى الدولة المصرية الحديثة مسيحيًّا، وينفذ قضاؤه ما دام قد صار حكمًا نهائيًّا باتًّا، وفق المنظومة الإجرائية المعمول بها؛ فالقاضى فى الفقه الموروث له مواصافات معينة، وطبيعة عمله وصلاحياته تختلف عنها فى قاضى الدولة الحديثة فى أمور كثيرة؛ منها الولاية شرعية التى تجعل حكمه نافذًا إذا حكم بأى مذهب فقهى معتبَر، ما لم يخالف نصًّا جليًّا أو إجماعًا قطعيًّا، من غير أن يتقيد بقانون ملزم، أما فى الدولة الحديثة المبنية على المواطنة فالأمر يختلف؛ حيث تتعدد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وتتكامل فيما بينها، ويحكمها القانون الملزم للقاضي، ولا تشترط فى القاضى أن يكون مجتهدًا يحكم بما يراه أرجح فى نظره من المذاهب بقدر ما تشترط فيه فهم القانون والقدرة على تنزيله على الوقائع والقضايا؛ بحيث يكون القاضى جزءًا من المنظومة القضائية التى لا تتوقف عليه، ويكون هو مؤتمنًا على تطبيقها؛ فينقض حكمه إذا خالف القانون، ويوضع عليه من القيود فى تنفيذ حكمه ما لا يجعله نافذًا حتى يراجَع من قِبَل الاستئناف، ثم النقض بعد ذلك إذا تم الطعن فيه، وبهذا نكون قد خرجنا من السلطة الشخصية للقاضي، إلى سلطة المحكمة التى يعتبر القاضى جزءًا منها، والتى ينقض حكمها إذا خالف القانون أو تفسيره الصحيح، ولا يسمح لحكمها بالتنفيذ إلا بعد أخذ حقه فى المراجعة والنظر فى الدرجات القضائية الأعلى عبر محكمة الاستئناف، ثم محكمة النقض والتى تحاكم الحكم لا المتهم، كل هذا فى إطار السعى الحثيث فى رفع الظلم وإقرار العدل.