محمد الشماع
محمد الشماع


وقفة مصرية.. ضد من!

الأخبار

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 06:35 م

 

بقلم/ محمد الشماع

نحن نؤيد بكل قوة هذه الحملة التى تعيد لنا أملاكنا بل نعتبرها أيضا مظهراً من مظاهر قوة الدولة التى نحتمى فيها جميعاً.

كانت آخر حملة إعلامية موسعة لتنظيم الأسرة فى العام ٢٠٠٨، وكان التعداد السكاني لم يتخط الـ ٧٥ مليون نسمة، وظهرت إعلانات الحملة في ثوب جديد، حيث فوجئنا عقب مؤتمر السكان بلوحات إعلانية على الطرق والكباري تحمل عنوان - وقفة مصرية - وكانت إعلانات - حسنين ومحمدين - الشهيرة قد أثبتت فشلها، حيث أكد الجميع ذلك، وقد أظهرت الحملة مصر كبلد يعاني من الأزمات فى كل شيء، ولم تعد الرسالة مجرد أسرة صغيرة تساوي حياة أفضل، وإنما كان الإعلان الجديد يحمل تهديداً بأننا لن نجد الرغيف أو العلاج أو مقعداً فى المدرسة إذا لم نحكم عقلنا ونفكر قبل إنجاب طفل جديد..

لوحة أخرى تعرض أرغفة خبز وتقول- حنحكم عقلنا نأكل كلنا - ولوحة لمريضة على سرير فى مستشفى طبعاً - لازم نحكم عقلنا علشان نتعالج كلنا- وهكذا يشعر أصحاب الحملة بأنهم.. جابوا التايهة!

وكانت المفاجأة أن تعدادنا قبل الحملة كان ٧٢٫٨ مليون مواطن فى العام ٢٠٠٦ وبعد الحملة الشهيرة التى تكلفت مئات الملايين من الجنيهات، ارتفع مسلسل زيادة السكان إلى ٨٨ مليون مواطن فى عام ٢٠١٥، بزيادة تصل إلى ١٦ مليون مواطن خلال ٧ سنوات فقط، حيث حققت الحملة نتيجة عكسية غير متوقعة، فبدلاً من خفض معدلات الزيادة ارتفع معدل الزيادة إلى هذه النسبة المخيفة. ثم توالت الزيادة السكانية فيما يشبه المتوالية العددية لتصل بنا إلى أكثر من مائة مليون مواطن!

رغم أننا جميعاً نعرف أن مشكلة زيادة الإنجاب لاتحل بالوسائل الإعلامية، مهما كانت بليغة ومؤثرة، ولكنها عملية معقدة لها أسبابها الاجتماعية والاقتصادية، ومعروف أن زيادة الإنجاب تتركز فى الطبقات الفقيرة التى لا يهمها أن نتعالج كلنا ونأكل كلنا أو نشرب كلنا. فهذه الطبقات ترى أنها فى كل الأحوال لا تأكل ولا تشرب ولا تعالج ولا تفرق معها بعد ذلك إن كنا سنعالج كلنا أم لا.. والطفل فى هذه المستويات الفقيرة -يعتبرونه- سنداً للزمن وقوة عمل بعد سنوات من إنجابه!

كان من الممكن أن يكون ما تحقق من تنمية شاملة لجميع القطاعات وبمعدلات غير مسبوقة من العمل (٢٠١٤/ ٢٠٢٠) شهادة نجاح، يجب أن يسعد بها المصريون لأن الشعب هو البطل الحقيقى، لأنه تحمل تبعات الإصلاح الاقتصادى بكل صبر وشجاعة، وكان من الممكن أن تكون النتائج التى يجنيها الشعب المصرى أكثر بكثير مما حصل عليه لو لم تكن الزيادة السكانية التى وصفها تقرير التنمية البشرية للعام ٢٠٢١ بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائى، بأنها التحدى الحقيقى لمسيرة التنمية فى مصر، وتمثل ضغطاً على موارد مصر فيما يتعلق بالدعم وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وتخصيص موارد كافية للاستثمار فى البنية التحتية والبحث العلمى وتحسين الخدمات وتوزيعها الجغرافى.

ونعود للوقفة الإعلانية التى لم تحقق خيراً أو نجاحاً أكثر من سابقتها من الحملات الإعلامية، والأولى أن تكون وقفتنا مع النفس فى أشياء أخرى ترفع المستوى الاقتصادى للمواطن وتحافظ على كيان الدولة قوية ومرهوبة الجانب، نحن بحاحة إلى وقفة حقيقية مع النفس تختلف عن وقفة إعلانات تنظيم الأسرة التى يعرف أصحابها أنها بلا أهمية ولكنهم يطبعون الإعلانات ويرفعونها على لوحات الشوارع والكبارى كنوع من إبراء الذمة.

إبراء الذمة تنفع بالتعامل بواقعية، وهذا ما تفعله حكومات ثورة ٣٠ يونيو، فهى تسير على محورين وقدمين ثابتتين الأولى المرونة والسرعة فى بحث مطالب الطبقات الفقيرة والمهمشة.. والثانية فى الحسم وتطبيق القانون بكل شدة على ممارس البلطجة فى أى مجال كان.. فإذا لم نحكم قوانيننا فسوف (نبلطج) كلنا ونضيع فى غابة من البلطجية وضحايا البلطجة!

تغيير عنوان

إذا فتح الله على مواطن وأسرته وانتقل إلى سكن جديد، ايجاراً أو تمليكاً فعليه أول شيء هو تغيير العنوان فى بطاقة الرقم القومى.. فيذهب إلى مكتب السجل المدنى ويشترى الاستمارة المخصصة لذلك.. ويملأ بياناتها.. وكله أمل فى إنهاء الخدمة، فإذا بالموظف المختص يطلب منه إيصال استهلاك كهرباء خاص بالوحدة السكنية التى انتقل إليها ويقيم فيها.. ويرد المواطن بأن الكهرباء لم تصدر له إيصال استهلاك وأن جميع المساكن الجديدة تعمل بنظام (الكارت)، فيطلب الموظف من المواطن عقد إيجار أو تمليك بشرط أن يكون مسجلاً فى الشهر العقارى.. يرد المواطن «لسه عليّ اقساط لكى أحصل على عقد التمليك النهائى بعد سنوات»، «بلاش تمليك شوف لنا عقد ايجار مسجل»، وعقود الايجار الجديدة محددة المدة وللاعتراف بها يجب أن تكون مسجلة فى الشهر العقارى.. وغالباً ما يرفض أصحاب العقارات تسجيل عقود الإيجار أو أن يكون بتلك الوحدات المؤجرة عدادات بأسماء أخرى!
وإذا أبدى موظف السجل تعاطفه.. فيقول للمواطن.. «انا تحت امرك بس هاتلى انت عقد مسجل وأنا فورا هاخلص طلبك»!!

وهو يعلم تماما أن عملية التسجيل تستغرق عدة شهور وربما سنوات!

ماذا يفعل المواطن لكى يلحق أطفاله بالمدرسة التى ترفض قبول الطفل بسبب عدم وجود ايصال استهلاك الكهرباء.. أو عقد مسجل!! لكى تطمئن المدرسة تتعامل مع أولياء الأمور على أنهم غير صادقين فترفض قبول الطفل، لكن هل يوجد ولى أمر طفل يقيم فى شبرا أو فى العياط مثلا ويقدم لأطفاله فى احدى مدارس القاهرة الجديدة مثلا أو العكس! ويتكبد مشقة ذهاب وإياب طفله يوميا من وإلى المدرسة.. هل هذا معقول!

إذا كان ولى الأمر قد داخ السبع دوخات للوصول إلى أقرب مدرسة ليلحق بها ابناءه ليوفر الوقت والجهد والمال اللازم لانتقال أطفاله من المنزل إلى المدرسة. ما هو سر كل هذه التعقيدات الإدارية لمجرد تغيير العنوان.

هل السبب هو التوزيع الجغرافى.. ويجب أن يقدم ولى الأمر ما يثبت أن الطفل يقيم فى محيط المدرسة؟

وقد يطلب موظف السجل المدنى ايصال تليفون أرضى.. فيذهب المواطن إلى السنترال ويكون الرد (لسه الشبكة) لم يتم تركيبها بعد، وعشان لما يفتح باب التقديم لتركيب خط تجيب عقد الشقة ايجار أو تمليك وقبلهم ايصال استهلاك كهرباء!!.. فيعود المواطن بعد أن يكون استغرق أياماً وربما تصل إلى شهور متنقلا بين التربية والتعليم والكهرباء والتليفونات والشهر العقارى والسجل المدنى.. ويكون قد انفق أموالا هو فى أشد الحاجة إليها لشراء استمارات عادى ومستعجل ورسوم بتكلفة عالية.. وفى النهاية ترفض المدرسة قبول الطفل.. وقد يتقابل مع مواطن آخر استطاع أن يقفز على كل هذه الاجراءات وحصل على ما يريد بكل سهولة، فيصاب بحالة إحباط قد تؤثر على سلوكه!

كان هناك منذ فترة ما يسمى إقرار يكتبه المواطن على نفسه لكى يؤكد للمسئولين أنه صادق ومستعد للجزاء والعقاب إذا ثبتت أخطاء فى بياناته!

إزالة التعديات

حملة إزالة التعديات على أملاك الدولة، حملة غير مسبوقة من حيث الاستمرارية والشمول الجغرافى لكل محافظات مصر، فى الزمن الماضى والمرات السابقة كانت الحملات تتسم بالتراخى والتعثر والمظهرية والشو الإعلامي، وهذا ما شجع لصوص المال العام على تكرار التعدى على الأملاك العامة.

لكن الحملة هذه الأيام، حملة قوية ووراءها عزم حاسم لا جدال فيه، لأن التعدى على الأملاك العامة فاق الحد وتخطى الحدود، فلم يعد يمارسه بلطجية صغار، وإنما يمارسه أصحاب نفوذ وأصحاب مراكز مهمة محاولين استغلال مواقعهم فى تنمية ثرواتهم خصماً من الرصيد العام!

هذا مبدأ فى منتهى الخطورة، لأنه لا يرسخ فقط مبدأ استضعاف الدولة والاستهتار بالملكية العامة، ولكنه يعلى من قيم البلطجة ويرفع أناساً على سطح المجتمع دون وجه حق، لكى يعززوا أحط وأقبح السلوكيات، ذلك أن نهب المال العام وتكديس الأموال دون رقابة ودون حساب يغريهم بالسفه فى السلوك. لذلك تجدهم يقيمون حفلات استفزازية ينفقون فيها الملايين على عيد ميلاد البنت أو زواج الولد، كأنهم يوجهون رسالة استعلاء للرأى العام.. نحن نفعل ما نريد وننفق ما نشاء!

وحملة هذه الأيام لإزالة التعديات ليست مجرد استرداد للمال العام الذى نملكه جميعا، ولكنه درس سياسى يقطع مخالب هذه الوحوش الضارية، التى لا تشبع لهم بطون ولا يراعون فينا ذمة ولا رحمة.

توجيهات القيادة السياسية تقضى بإزالة كافة التعديات خلال ستة أشهر جاءت فى مرحلة مهمة، ويجب تنفيذها بحسم من كافة الجهات المعنية، وتشمل إزالة كل من تعدى على ضفتى نهر النيل وطرح النهر وجسور الترع ومن تعدى على أراضى وممتلكات الدولة ولم يتقدم بطلب التقنين أو من تباطأ فى إجراءات التقنين. كما أن متابعة اللجنة العليا لاسترداد أراضى الدولة على مدار الساعة نتائج موجات الإزالة حتى القضاء على ظاهرة التعدى ووضع اليد بشكل نهائى.

لذلك نحن نؤيد بكل قوة هذه الحملة التى تعيد لنا أملاكنا بل نعتبرها أيضا مظهرا من مظاهر قوة الدولة التى نحتمى فيها جميعا.

برقيات برلمانية
فى تنظيم الأحوال الشخصية.. القانون وحده لا يكفى!
التوازن مطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال.. فى قانون العمل.
ثبات التشريعات وتعديل القوانين.. يحتاج إلى حكمة وسرعة.
البرلمان الحالي أسعد حالاً من سابقيه.. وتنتظره قضايا مصيرية.
كل حق يجب أن تقابله مسئولية.

خواطر فى رسائل
- جائحة الكورونا.. اهتمام حكومى وإهمال المواطن.
- حظر الإعلان عن مشروعات عقارية قبل اكتمال 30٪ من حجم التنفيذ.. مظلة لحماية المواطنين.
- المناطق الاقتصادية الصناعية المؤهلة للتصدير.. محتاجة إعادة تأهيل.
- توحيد جهة تخصيص الأراضى لمشروعات الاستثمار.. يحتاج دفعة قوية.
- يبدو أن «قانون السايس» ركن تانى.. عايز زقة.

أعظم انتصار
ستظل حرب أكتوبر 1973 علامة مضيئة فارقة فى سجل تاريخ العسكرية المصرية.. كل عام ومصر وشعبها وقائدها وقواتها المسلحة بخير وتقدم وازدهار.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة