ومازال الرجال على الجبهة ..
السبت، 09 أكتوبر 2021 - 04:26 م
أخبار الحوادث
بقلم: إيهاب فتحى
يظن البعض أن أكتوبر من كل عام هو وقت استلهام الذكريات العزيزة وأكتوبر هنا هو يوم السادس من أكتوبر، 73يوم غالى عميق الأثر فى وجودنا وقد يكون هذا الظن والاستلهام وجه من وجوه أكتوبر الخالد، لكن الحقيقة أن أكتوبر يطرح علينا بمجيئه الدائم فى كل عام انتباهًا جديدًا وليس ذكريات فقط .
يحمل أكتوبر داخله قدرة عجيبة على التجدد فالحدث الفارق فى تاريخ مصر والمنطقة والعالم قبل 48 عامًا لا تنضب أسراره ويقف الصديق قبل العدو مندهشًا من كثرة تفاصيل هذا اليوم وكيف أدار الرجال حربهم وسط أعاصير التحدى حتى حققوا النصر.
لا ترتبط قدرة أكتوبر العجيبة فى التجدد على كم أسرار المعجزة التى أدهشت العالم ومازالت تدهشه حتى الآن، لكن أكتوبر يستمد هذه القدرة من الدرس الذى صنعه الرجال العابرون للمستحيل فى ساعات، بدايتها كانت عصيبة تتأرجح بين الشك واليقين وكانت بوصلة الإيمان بعدالة قضيتهم وحق أمتهم تهديهم إلى شواطئ هذا اليقين الذى لم يتراجعوا عنه يومًا ما حتى لحظة القرار الذى انتظروه 6 سنوات مرت عليهم كالقرون.
يعطى الدرس الذى صنعه الرجال بدمائهم وأرواحهم لهذه الأمة القدرة على الانتباه الدائم لما يدور حولها و ماتريده فى الداخل، وأول الانتباه الفهم .. فهم لطبيعة الحدث الذى غير مصر والمنطقة والعالم، فعندما يأتى أكتوبراليوم وسط أحاديث السلام هنا وهناك تدرك الأمة المصرية عن وعى عميق من خلال الدرس الذى صنعه الرجال بالدم والنار أن هناك فرقًا بين سلام صاغه المقاتلون وأجبروا عليه العدو حتى استردوا حق أمتهم بالكامل، وبين سلام يبحث حتى الآن عن تفسير ليحمل اسم السلام حتى لا يتهم بأسماء أخرى.
تدرك الأمة جيدًا مع أكتوبر فى كل عام مع التجدد الذى يحرك به وعيها أنها تملك إرادتها بالكامل وتستطيع أن تتخذ قرار الحرب وقرار السلام دون وصاية من أحد وبقدرتها تجبر العالم على تنفيذ ماتريد ، وأن أكتوبر الذى شق طريق السلام هو نفسه الذى يعطى للأمة ميزة الحذر والانتباه من تلون الأعداء الذين ذاقوا مرارة الهزيمة ويخشون المواجهة المباشرة.
لم تكن مصر طوال تاريخها أمة معتدية أو سعت لحرب بل كانت دائمًا ضمير العالم وعلى ضفاف نيلها أشرق فجر الإنسانية، ولكنها طبيعة الشر التى لن تتغير والتى تنظر إلى موقع وحجم هذه الأمة بعين الطمع ويرى الشر فى تماسكها ووحدتها خطرًا على مشاريعه الانتهازية والاستعمارية فيصدر لها الأعداء.
قد تختلف تفاصيل العدو وأساليبه على مر العصور لكنه فى النهاية صنيعة هذا الشر ومشروعه الاستعمارى وكان أكتوبر ورجاله متصديا لأحد أطوار هذا المشروع الشرير، كان انتصار أكتوبر قلعة حصينة حمت وجود هذه الأمة ومنحها الانتصار الدرع والسيف لتدافع به عن مقدراتها وتحجم جنون هذا المشروع الشرير.
يأس المشروع الشرير ومن ورائه من صلابة هذه الأمة وتماسكها وكان درس أكتوبر علامة فارقة فى طبيعة المواجهة ، فالدفع بالعدو المباشر يعنى هزيمة مخططاتهم مهما كان الثمن الذى سيدفعه أبناء هذه الأمة وفى طليعتها قواتها المسلحة، فلن يقبل هذا الشعب احتلال أرض أو فرض إرادة خارجية عليه فهو قادر على اجتياز كافة التحديات وانتزاع النصر.
ذاق المشروع الاستعمارى مرارة الهزيمة فى أكتوبر على يد الرجال وأدرك صانعو الشر بوضوح أن فعل المواجهة المباشرة مع هذه الأمة مصيره الفشل الدائم، استدعى الشرمن أوكار مؤامرته عدوًا آخر كان يجهزه لتلك اللحظة المهزوم فيها أنه نفس العدو وإن اختلفت التفاصيل مع استمرارية الغرض الشرير.
تسلل هذا العدو من بين أبواب التاريخ متلبسًا مسوح الدين والدين منه براء مرددًا كذبة الإصلاح وهو تم تدريبه على مدار سنوات على صناعة الخراب لم تكن مصادفة أو أمر عادى أن يعود هذا العدو المخادع إلى الساحة عقب هزيمة المشروع الاستعمارى وتحقيق النصر.
بدأت حرب من نوع جديد، حربًا بين أمة بكاملها وعدو مخادع يدعى أنه منا وهو غريب تمامًا عن هذه الأرض وعن شعبها لأنه تربى على مدار سنوات داخل أحضان الاستعمار والاحتلال ولم يعد يعرف سوى تحقيق أغراض من يستخدموه فقبلته التى يتوجه لها بدأت فى لندن ثم حولها الى واشنطن، ترصد هذا العدو للمشروع الوطنى المصرى منذ أن تم زرعه بالخديعة والمكر وهذا الترصد كانت مهمة العدو الوحيدة التى تم تكليفه بها من قبل مستخدميه.
هذا العدو المخادع كان الفاشية الإخوانية التى أطلقها الاستعمار على هذه الأمة عقب هزيمته فى أكتوبر ومنح الاستعمار لهذه الفاشية الدينية أقذر سلاح وهو الإرهاب ، فالإرهاب كان السلاح الخسيس والمناسب فى هذه المرحلة التى أعقبت نصر أكتوبر العظيم .
يمثل الإرهاب الصورة الكاملة للخيانة والخداع فهو بيننا ويتحرك فى وسطنا ثم ينفذ إحدى طعناته الغادرة ليربك المشروع الوطنى المصرى ويمنعه من جنى ثمار النصر والسلام الذى تحقق بعد هزيمة المشروع الاستعمارى ، طوال أربع عقود تتآمر الفاشية الإخوانية ومن يحركونها ويضعون لها المخططات الشريرة على النصر الذى حققته هذه الأمة.
بسبب عوامل كثيرة وتداعيات جاء يوم مشئوم تسللت فيه الفاشية الإخوانية إلى السلطة وتصور صانعوها أن لحظة الرد على هزيمتهم فى أكتوبر قد حانت، وأن الخيانة والخداع الإخوانى أصبح قاعدة والوطنية المصرية أصبحت استثناءً لكن كان أكتوبر المجيد حاضرًا مراقبًا لما يصنعه الشر.
جاء أكتوبرفى عام قبل سنوات قليلة يحمل الانتباه لهذه الأمة ويعيد الدرس ويوقظ الغافلين، فى هذا العام تنبهت الأمة أن القتلة والخونة مجتمعين يدعون أنهم يحتفلون بالنصر والحقيقة كانوا يتوهمون هم ومن صنعوهم أنهم حققوا نصرًا على هذه الأمة ..كان احتفالا بالخيانة
أيقظ أكتوبر الأمة وأشار إلى كل قاتل وخائن إخوانى جلس يضحك فى هذا اليوم ظنًا أن مخطط الخيانة اكتمل، كانت الدهشة بين أبناء هذه الأمة كبيرة والصدمة أكبر فقتلة البطل أنور السادات صانع النصر يجلسون ويتصدرون المشهد بابتسامتهم الصفراء الخائنة فى يوم تستعيد فيه الأمة سنوات التحدى والانتصار، وبالفعل فى هذا اليوم من أيام أكتوبر المجيد قبل سنوات استعادت الأمة التحدى والانتصار وبدأت طريقها إلى يوم الـ30 من يونيو لقد كان أكتوبر بتجدده وما يعطيه من انتباه شرارة ثورة يونيو.
أدارت الثورة معركتها مع الفاشية الإخوانية بنفس عقل أكتوبر الذى حقق الانتصار حتى حققت انتصارها وأطاحت بالفاشية الإخوانية ، كان الانتصار طبيعيًا وحقيقيًا لأن الشعب الذى حارب فى أكتوبر هو من ثار فى يونيو والرجال الذين عبروا فى أكتوبر من القوات المسلحة سلموا راية وأمانة الحفاظ على هذا الوطن لجيل من العسكرية المصرية كان قدره أن يتصدى فى الـ 30 من يونيو لواحدة من أشرس المعارك فى تاريخ مصر الحديث لأنها معركة العدو فيها خائن ومخادع وغادر ولا يعرف إلا خسة الإرهاب كسلاح .
اندفع أبناء وأحفاد جيل أكتوبر بعنفوان من طليعة هذا الشعب من رجال القوات المسلحة يدحرون الفاشية الإخوانية وإرهابها الخسيس ورغم أن الغدر الإخوانى أراد بإرهابه الخسيس إحراق كل ماهو قيمة فى هذا الوطن، إلا أن المعركة الرئيسية كانت على نفس الأرض التى ولد عليها مجد أكتوبر الأرض الغالية سيناء، بنفس القوة وخبرات وعقل أكتوبر استطاع هذا الجيل من طليعة هذا الشعب من قواته المسلحة أن يدحر الفاشية الإخوانية وإرهابها ومن ورائها على نفس الأرض الغالية.
لم تكن معركة مواجهة الفاشية الإخوانية وإرهابها هى المعركة الوحيدة التى طالبت جماهير يونيو من قواتها المسلحة الانتصار فيها بل حملتها القيام بالعمل الأكبر وهو بناء الدولة المصرية الحديثة القادرة على مواجهة أى خطر قادم ومخطط شرير آخر.
لبت القيادة نداء يونيو وجماهيرها ودارت ماكينات التحديث الجبارة لتبنى اساسات الدولة الحديثة وتنهى سنوات من الإهمال والعشوائية والترهل عششت فيها ثعابين الفاشية الإخوانية.
قبل أيام وعندما كان أكتوبر جديد يقترب ويحمل معه كعادته انتباهًا آخر ورسالة مجددة كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يفتتح المحطة الأضخم بالعالم لمعالجة المياه فى بحر البقر، أثناء الافتتاح جاءت رسالة أكتوبرجلية بلا لبس على لسان القائد فقال بوضوح أن قواتنا المسلحة هى من تؤمن كافة المشروعات فى سيناء الحبيبة لأن الإرهاب لا يريدنا أن نقوم بعملية البناء والتنمية فى سيناء وستظل القوات المسلحة تحمى المشروعات مادام هناك حاجة لذلك.
وصل انتباه أكتوبر ورسالته فى هذا العام على لسان القائد لنتذكر جميعًا ونستعيد التحدى وروح الانتصار وندرك أن الدرع والسيف اللذين صنعهما انتصار أكتوبر سيظلان دائما فى يد رجال القوات المسلحة لأنهم مازالوا واقفين بعزة على الجبهة يحمون ويبنون هذه الأمة .