عبد‭ ‬الخالق‭ ‬كيطان‭ ‬يكتب : الكراج‭ ‬

أبداع

السبت، 30 أكتوبر 2021 - 04:37 م

أخبار الأدب

كان‭ ‬الرجل‭ ‬المسن‭ ‬واقفا‭ ‬على‭ ‬الباب‭ ‬في‭ ‬انتظاري ناولته‭ ‬الكتاب‭ ‬واستدار‭ ‬ببطء‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭. ‬ أغلق‭ ‬البوابة‭ ‬وكنت‭ ‬لم‭ ‬أزل‭ ‬في‭ ‬مكاني‭.‬ *** لا‭ ‬صوت‭ ‬هنا‭ ‬غير‭ ‬ريح تهدأ‭ ‬نادرا‭ ‬لكي‭ ‬تواصل‭ ‬النحيب‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬ تبكي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الرياح؟ هل‭ ‬أسقطت‭ ‬الأشجار‭ ‬لكي‭ ‬تسعد‭ ‬بمنظر‭ ‬الجثث؟ *** لعلك‭ ‬تدري‭ ‬أن‭ ‬اهتزاز‭ ‬الكراج‭ ‬كان‭ ‬بفعلها‭.‬ تنفخ‭ ‬عليه‭ ‬لكي‭ ‬توقظك‭ ‬ ولكنك‭ ‬فيه‭ ‬تنصت‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬خافت صوت‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬خلل‭ ‬ثقوب‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬ أيها‭ ‬الصمت يا‭ ‬حليفي دعنا‭ ‬نكمل‭ ‬الأمسية‭ ‬معا ودعها‭ ‬تنفخ‭ ‬وتنفخ‭ ‬حتى‭ ‬تملّ‭.‬   *** وضعت‭ ‬كتابي‭ ‬جانبا‭ ‬كي‭ ‬أنعم‭ ‬برائحة‭ ‬الموسيقى‭ ‬ تنبعث‭ ‬برفق‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬الموبايل‭ ‬ كانت‭ ‬طرية بضّة‭ ‬بلغة‭ ‬أخرى‭ ‬ ولكنها‭ ‬شحم‭ ‬فائض سرعان‭ ‬ما‭ ‬تذوب‮…‬‭ ‬تذوب‭ ‬ثم‭ ‬تتلاشى‭ ‬ كانت‭ ‬دمية‭ ‬بعد‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬ تأتي‭ ‬لكي‭ ‬تغيب وإذ‭ ‬تغيب يسدل‭ ‬الستار‭ ‬حتما وتظل‭ ‬الأغنية‭ ‬التي‭ ‬يطلقها‭ ‬الجهاز‭.‬ *** تذكرت‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬العناوين‮…‬‭ ‬ مررت‭ ‬على‭ ‬حارة‭ ‬ثقب‭ ‬الرصاص‭ ‬جدران‭ ‬بيوتها‭ ‬كلها‭.‬ كنت‭ ‬ألهو‭ ‬هنا‭ ‬مع‭ ‬سيدة‭ ‬أنيقة‭ ‬ الثقوب‭ ‬تملأ‭ ‬رأسي‭ ‬الآن‭ ‬ فلا‭ ‬أعرف‭ ‬حقا‭ ‬ان‭ ‬كانت‭ ‬سيدتي‭ ‬قد‭ ‬تركت‭ ‬باب‭ ‬الشرفة‭ ‬مفتوحاً‭ ‬ أو‭ ‬أنها‭ ‬أخلت‭ ‬المكان‭. ‬ ياه‭ ‬ كم‭ ‬كان‭ ‬رأسي‭ ‬متعباً نسيت‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬على‭ ‬الشرفة‭ ‬بصمتي بصمتي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬جسدها‭.‬ *** المطر‭ ‬وفير‭ ‬هنا‭. ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬الكراج بلّل‭ ‬السّجادة‭ ‬الممزقة‭ ‬وخرج‭ ‬من‭ ‬الجانبين الأمر‭ ‬المثير‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أقاومه‭ ‬ بقيت‭ ‬جالسا‭ ‬على‭ ‬كرسيي‭ ‬أمعن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬ المتدفق‭ ‬بغزارة‭.‬ جلب‭ ‬معه‭ ‬سكيناً‭ ‬ ولم‭ ‬آبه‭ ‬ إن‭ ‬حياتي‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬لسلاح‭ ‬أبيض‭.‬ *** لم‭ ‬يأت‭ ‬أحد‭ ‬ كما‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أنتظر‭ ‬ الهاتف‭ ‬أيضا‭ ‬يمضي‭ ‬أوقاته‭ ‬صامتاً‭ ‬ والكتاب‭ ‬يقلّب‭ ‬صفحاته‭ ‬بلا‭ ‬أذني‭. ‬ في‭ ‬الكراج‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ملكاً ولكي‭ ‬تكون‭ ‬ملكاً أطلق‭ ‬الخيول‭ ‬من‭ ‬لجامها‭. ‬