أحمد الإمام
تسريب الامتحانات وتسرب الأحلام
الثلاثاء، 19 يوليه 2022 - 11:36 ص
قالها بنبرة باكية "هو يرضي ربنا نتعب ونسهر ونذاكر سنة كاملة، وفي الآخر ييجي واحد فاشل وغشاش يتسرب له الامتحان بالاجابات بتاعته ويجيب المجموع اللي نفسي فيه ويدخل الكلية اللي بحلم بيها ؟!
تساؤلات مشروعة لطالب متفوق يخوض امتحانات الثانوية العامة وهو يشاهد مع كل مادة تسريبات للاسئلة بعد دقائق من بدء الامتحان عن طريق بعض ضعاف النفوس ، حيث يتم الاجابة عليها من خلال حفنة من المدرسين معدومي الضمائر ، ليتم إرسالها مرة أخرى بإجاباتها النموذجية عبر تطبيق "تليجرام" إلى الطلبة المحظوظين الذين يتمكنون من دخول اللجان بتليفوناتهم المحمولة أو من خلال سماعات دقيقة يتم زرعها داخل الأذن بعيدا عن أعين المراقبين الغافلين أو المتغافلين.
وفي النهاية نجاح غير مستحق بمجموع غير مستحق ليلتحق بإحدى كليات القمة محتلا مكان شاب مجتهد يكافح بشرف ونزاهة مع أهله من أجل حلم مشروع ومستحق.
وفي النهاية نجد أنفسنا أمام طبيب خايب عاجز عن تشخيص أي مرض أو التعامل مع أي حالة مرضية .. وكم من مرضى دفعوا حياتهم على يد طبيب فاشل نجح بالغش وتخرج بالخديعة.
ونجد أمامنا مهندسا غشاشا يخالف ضميره في المواصفات والمعايير السليمة عند تنفيذ أي مشروع يشرف عليه .. ولما لا وهو الذي نجح في الثانوية بالغش وحصل على البكالوريوس بالتدليس ليتخرج مهندس فاشل وفاسد يشيد مباني تنهار على رؤوس قاطنيها.
الموضوع خطير ومدمر لأن ضعاف النفوس أيًا كانوا سواء مسئولين تخاذلوا عن واجبهم أو مدرسين باعوا ذمتهم أو أولياء أمور ارتضوا لأبنائهم نجاح كاذب ومسروق لم يضروا فقط طالبا مجتهدا سلبوه حقه المشروع في الالتحاق بمكانه الطبيعي في احدى كليات القمة ومنحوه لآخر فاشل وغشاش ..، فالضرر من هذه الجريمة سيطال الجميع ولن يفلت منه أحد.
الطالب الغشاش اليوم هو طبيب فاشل غدا ومهندس فاسد بعد غد وضابط مرتشي في المستقبل القريب.
التعليم ياسادة قضية أمن قومي بامتياز لأن هؤلاء الطلبة الذين يخوضون امتحاناتهم اليوم هم قادة البلد غدا .. وإذا كانوا ارتضوا بالغش والتدليس كأسلوب حياة فالويل كل الويل لهذا الوطن على أيديهم ، فماذا تنتظر من مسئول نجح بالغش وتخرج بالخداع؟!
القضية ياسادة مع احترامي أكبر من قدرات وزارة التربية والتعليم التي لن تستطيع أن تحارب الغش وتسريب الامتحانات بمفردها ، فلابد من تكاتف جميع أجهزة الدولة بكل امكانياتها التقنية واللوجستية لمواجهة هذه الظاهرة المفزعة وتعقب مرتكبي هذه الجريمة والضرب بيد من حديد على رؤوسهم بلا رحمة لانهم يعبثون بمستقبل أمة كاملة.
يجب أن تتحقق العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع لنضمن في النهاية نجاح من يستحق وإخفاق من لايستحق ، لاننا أمة عظيمة تبحث عن مكان لها بين الأمم العظيمة المتقدمة.
والأمم العظيمة لاتُبنى إلا بسواعد وعقول النابهين النابغين من ابنائها وليس الغشاشين الفاشلين.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة