السينما المصرية تبحث في دفاترها القديمة.. «أفلام التسعينيات رايح جاى»
فيلم حريم كريم الجزء الثاني
الأحد، 28 مايو 2023 - 02:02 م
أخبار النجوم
ريزان العرباوي
تقديم أجزاء جديدة للأفلام السينمائية ظاهرة ليست وليدة اللحظة, فتاريخ السينما المصرية حافل بالتجارب العديدة لسلاسل الأفلام, الجديد هو محاولة إحياء الأفلام التي نجحت في الفترة ما بين نهاية التسعينيات وبداية الألفينيات, فهناك أعمال سينمائية نجت وشكلت علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية, ذلك النجاح بالإضافة إلى الحنين لتلك الأعمال لطالما شكل رغبة ملحة لدي الصناع لإعادة تلك الأفلام من خلال تقديم جزء ثان للفيلم, وفي السنوات الأخيرة كثيرا ما تردد عن نية الأبطال لتحقيق هذا المشروع, وبالفعل بدأت الخطوات الأولى تتضح وتدخل حيز التنفيذ وذلك بعد إعلان فريق عمل فيلم “حريم كريم” عن بدء تصوير الجزء الثاني من الفيلم, والذي يحمل عنوان “أولاد حريم كريم”.. فهل ستنجح ظاهرة إحياء الأفلام القديمة بأجزاء جديدة بالرغم من معدل الفاصل الزمني بين الجزئين ومدى تأثيره على نجاح أو صناعة الفيلم نفسه؟، وهل الرهان هنا على حنين الجمهور لتلك الأعمال؟.
هناك عدد من الأفلام صرح أبطالها بوجود نية لتقديم جزء جديد, حيث أعلن الكاتب والسيناريست د. مدحت العدل عن وجود مشروع لتقديم جزء ثان من فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، إلا أن العمل مازال في إطار الكتابة وبإنتظار تفرغ الأبطال.
وكشف أحمد حلمي، عن تحضيره للجزء الثاني من فيلم “كده رضا”، عندما كتب أحد متابعي حلمي، معلقا على “إنستجرام”: “حلمي ما تعمل جزء تاني من (كده رضا)”، ليرد عليه قائلا: “هيحصل ناس كتير جدا سألوني, وسنلبي رغباتهم قريبا”.
ويعتبر فيلم “الناظر” من أبرز أفلام الفنان الكوميدى الراحل علاء ولي الدين، وبسبب النجاح الذي حققه هذا العمل قرر المخرج مجدي الهواري تقديم جزء ثاني من الفيلم تحت عنوان “ابن الناظر”, لكن المشروع ما زال دون تفاصيل مؤكدة حتى الآن.
كما أعلن هاني رمزي رغبته في تقديم جزء ثاني من فيلم “غبي منه فيه”، مؤكدا حماس نيللي كريم في تكرار التجربة, إلا أنه في انتظار الورق الجيد والقصة المحبكة التي تضمن نجاح يضاهي نجاح الجزء الأول.
ومن الأفلام التي حققت نجاحا كبيرا مع بداية الألفينات, فيلم “حريم كريم” بطولة مصطفى قمر, ياسمين عبد العزيز, داليا البحيري, بسمة, علا غانم والراحل طلعت زكريا, وقد بدأ فريق العمل في تصوير الجزء الثاني الذي يحمل عنوان “أولاد حريم كريم” من تأليف زينب عزيز وإخراج علي إدريس.
فاصل زمنى
وعن التجربة الجديدة والهدف من إعادة الفيلم بجزء جديد, تقول المؤلفة زينب عزيز: “الفيلم اجتماعي يدور ضمن إطار من الكوميديا الأسرية، وهذا النمط أصبح يقل الإعتماد عليه سينمائيا, ومن الممكن أن يمثل عودة للأفلام الاجتماعية اللطيفة المبهجة التي تأتي مع العيد, والفكرة تراودنا منذ فترة طويلة, حيث تجمعنا صداقة قوية مع مصطفى قمر، وفي كل مرة نتقابل فيها يطلب العودة للسينما بعمل قوي قادر على تحقيق صدى كبير لدى الجمهور مثل فيلم (حريم كريم), حتى جاءت الفكرة, فلماذا لا نقدم جزء ثاني من الفيلم بتوليفة وحدوتة جديدة, وبالفعل تم العمل عليها, لكن لم تكن هناك نية مسبقة لتقديم هذا الجزء أثناء تقديم العمل في المرة الأول, فالفكرة جاءت منذ 3 سنوات تقريبا”.
وتضيف زينب: “بالنسبة لعنصر الزمن والفاصل الزمنى بين العملين, فيعتبر هذا العنصر من أهداف العودة وسبب حماسي الشديد للعمل, فأنا لا أفضل أن تكون أجزاء الفيلم السينمائي متتالية، لأنه ليس عملا تليفزيونيا, وبالتالي حياة أبطال الجزء الأول ستختلف تباعا مع الزمن، وستحمل قصص مختلفة من زواج وفراق وتخطي الأولاد لمرحلة الطفولة وإلتحاقهم بالجامعة, فهناك حياة ضمن تلك السنوات تسمح بإستحداث خطوط درامية جديدة مختلفة، وليس مجرد تكملة للعمل الأول”، وتتابع: “(أولاد حريم كريم) حدوتة جديدة تماما، يضم أبطال من الجزء الأول وآخرون يغيبون، فليس هناك مبرر درامي لوجود شخصياتهم, كما تم إستحداث أبطال جدد يتناسب توظيفهم دراميا ضمن أحداث العمل, فالفيلم قائم على بطولة الشباب بشكل قوي مناصفة مع الكبار”.
وعن فكرة جمع الأبطال تقول زينب: “الدور الأساسي هنا لشركة الإنتاج التي يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، وتشرف عليها بشرى, فالحقيقة لهم كل الشكر لحماسهم للمشروع ولتقديم عمل قوي يضمن النجاح, ولدينا الثقة بالبدء من أرضية قوية، وعندما قدمت المشروع مكتوب، بدأت بشرى فورا بدورها بالتواصل مع الفنانين, ووجد كل فنان بعد الإطلاع على السيناريو أن وجوده ليس (كمالة عدد), بالعكس كل شخصية لها خط درامي مهم في سياق الأحداث, وينضم إلينا من الجزء الأول داليا البحيري, خالد سرحان, بسمة, علا غانم، وطبعا مصطفى قمر، وبمشاركة عمرو عبد الجليل وبشرى أيضا, ولم نصادف إعتذارات من أي فنان، فعند الكتابة كنت حريصة جدا لانتقاء الشخصيات ومدى مواءمتها مع الدراما الجديدة”.
أما فيما يخص شخصية الراحل طلعت زكريا تقول زينب: “فنان مميز كان لديه بصمة فارقة في العمل، ومن الصعب إيجاد بديل له، وكنت حريصة على عدم الوقوع في هذا الفخ, فالبدائل بأسماء الشخصيات من أضعف الحيل الدرامية، فهناك ذاكرة قوية لدى المشاهد المحب للسينما, لكن يصح دراميا الاستغناء عن الدور والخط الدرامي للشخصية، وهو الأفضل لتجنب إعادة بعض الأحداث”.
وعن الرهان على نجاح الفيلم تقول: “الرهان الوحيد هو التوكل على الله ثم اجتهادي لتقديم عمل يليق بالجميع ويكون عند حسن ظن الجمهور بتفاصيل وشخصيات جديدة وتوليفة تعمل على الربط بين الخطوط الدرامية للشباب والكبار ضمن سياق وانسياب للأحداث, والعمل يضم أكتر من 12 بطل ما بين أبطال أساسية وشباب, فالإجتهاد في كل تفصيلة يصل بالجميع لمرحلة الرضا، والكل دون استثناء سعيد بدوره, فقد أجتهدت، وأتمنى من الله أن يكافئني على هذا المجهود”.
وتحدثت زينب عن التحضيرات الفعلية بالقول: “بدأت تقريبا منذ 6 أشهر بالتعاقد مع الفنانين لتوفيق ظروفهم مع ظروف العمل، فعلا غانم على سبيل المثال كانت مقيمة بالخارج، ومن المتوقع أن يبدأ التصوير تقريبا بعد أسبوعين”.
وبشكل عام فكرة إحياء الأفلام القديمة بأجزاء جديدة, أرى أن العنصر الأساسي المشجع في الموضوع هو وجود فترة زمنية طويلة تسمح بالإبتعاد عن نفس الأحداث وابتكار تفاصيل وخطوط جديدة, ويسمح أيضا بدراما مختلفة دون أن يكون مجرد نسخة من الدراما القديمة، فيقع العمل في شبهة استثمار النجاح السابق. بالعكس هذا الفاصل الزمني يسمح باللعب على خلفية قدمت سابقا، فهو فقط يبعث بالإطمئنان, نفس الأمر بالنسبة لفيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، فالفترة الزمنية ستسمح له بتقديم عمل مختلف.
ومن جانبه نفى الكاتب والسيناريست د. مدحت العدل ما تم تداوله من أخبار بشأن بدء التصوير الفعلي للجزء الثاني من فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، مؤكدا أن المشروع قائم بالفعل، لكن في انتظار تفرغ الأبطال لبدء التحضيرات الأولية للعمل, ويقول: “المشروع قائم بالفعل، وقابل للتنفيذ، إلا أنني لم أبدأ في كتابة السيناريو حتى الآن، وفي انتظار انتهاء محمد هنيدي من تصوير آخر أعماله لنبدأ في عقد جلسات العمل والوقوف عند تفاصيله”.
وتابع قائلا: “لا مانع من تقديم أجزاء جديدة ما دامت قصتها تستحق وقماشتها قابلة للسرد والمتابعة وشخصياتها غنية، ويمكن إضافة وحذف شخصيات للخطوط الدرامية في كل جزء, ونحن نجتهد وفى النهاية التوفيق من عند الله ولا أحد يستطيع أن يجزم أو يتنبأ بالنتائج”.
شباك التذاكر
أشارت الناقدة خيرية البشلاوي إلى أن سبب انتشار ظاهرة إحياء الأفلام القديمة قد يرجع إلى رؤية خاصة للمخرج تكتمل تباعا في فيلمين أو أكثر ضمن مشروع سينمائي محدد الرؤية ومخطط له بتأن, وتقول: “إنتاج أجزاء أخرى يمثل رهانا ومغامرة للصناع، خاصة لما يتطلبه هذا المنحنى الفني من فكرة ثرية وكاتب سيناريو متمكن هذا بخلاف التمثيل والإخراج والعناصر الفنية الأخرى, لذلك ولضمان النجاح لابد من توفر القدرة على تطوير القصة وتقديم أحداث متصاعدة دون الإخلال بمنطقية الأحداث”.
وتضيف: “في النهاية الحكم بالنجاح أو الفشل مسألة خاصة بالجمهور, لكن في العموم أنا ضد فكرة التكرار والبحث في الدفاتر القديمة لتكرار أفكار وتوليفة قديمة، حتى لو أضيف لها جديد، لكن من الواضح أن المجتمع يعاني من خمول, فعندما تم التفكير في إعادة تلك الأعمال ربما جاء بناءً على تصور وإعتقاد بأن الجمهور (عايز كده)، وفكرة إعادة أفكار قديمة نوع من عدم الحيوية والرتابة والخمول الفكري والخيالي بعيدا عن محاولة إبتكار وخلق أفكار جديدة, وأصبحت صناعة الترفيه (محلك سر)، حتى عند تقديم الكوميديا الآن فهي تقدم بشكل أسوأ مما كانت عليه، وحتى الرومانسية لا نجد نفس التوليفة القديمة الجذابة التي كانت تتفق مع مزاج الجمهور, فعملية صناعة الترفيه عندنا تعاني من بعض النتوءات، مما جعلها في تراجع، ومن هنا كانت أسباب الرجوع للدفاتر القديمة للبحث عما يمكن إنتاجه مرة أخرى”.
وتستكمل خيرية حديثها بالقول: “حتى فكرة إستثمار نجاح قديم فكرة غير موفقة، لأنها استثمار لعوامل نجاح في ظروف مختلفة عن السابق, فهي أعمال صنعت في سياقات مجتمعية معينة ومزاج الجمهور كان في منطقة مختلفة, فهل تلك الحالة من الخمول الإبداعي قد تصل بنا لإعتقاد أن القديم الذي نال استحسان الجمهور من 10 سنوات سيحقق نفس القبول الآن, حتى لو قدمت بتوليفة جديدة، فكان من باب أولى إبتكار أفكار جديدة, فتلك الأعمال وموضوعاتها كانت وقتها متسقة مع المزاج والذائقة الفنية والجماهيرية، لكن أن تحقق نفس النجاح الحكم مرهون بقدرة المؤلف على إبتكار خطوط درامية جديدة بعناصر جذب مناسبة، ليأتي الحكم النهائي من خلال شباك التذاكر.. فهل مزاج الجمهور وذائقته مازالت عند تلك المنطقة أم لا؟.. ربما شعور النجوم بفقدان شيئ من بريق نجوميتهم سببا في إحياء القديم, تتعدد الأسباب، لكن المهم هو إستمرار عجلة الإنتاج.. وأرى أنه مشروع تجاري في الأساس، وأي شخص يفكر تجاريا لابد أن يضع في إعتباره جدوى إعادة تلك التجربة وخطة التنفيذ والقالب الذي سيتم توظيف العمل ضمن إطاره”.
وتختتم حديثها بالقول: “المشكلة في كل الأحوال أن الصناعة تفتقد لحالة الحيوية، وكل ما يهمنا أن تظل عجلة الصناعة في حالة حركة، سواء بالزيت القديم أو الجديد، ومن يدفع تبعات التجربة في النهاية هم الصناع.. أما عن العناصر التي يجب أن تتوافر في العمل حتى يتحمل فكرة تقديم أجزاء جديدة, فالعنصر المهم هو الجذب والمصداقية بحيث لا يتسرب للمتفرج شعور بالندم على فقدان أمواله دون الإستمتاع، فالأفلام يجب أن تكون قادرة على جذب المتفرج خاصة بعد ارتفاع أسعار التذاكر، وأصبح شروط الترفيه أصعب لأن المتفرج لابد أن يحصل على منتج يرضيه نظير ما يدفعه, وهي مغامرة، وأي مشروع تجاري ينطوي على مغامرة.. والعامل الزمني تحدي آخر سيتضح تأثيره من طريقة معالجة الموضوعات الجديدة”.
نقلا من عدد أخبار النجوم بتاريخ 25/5/2023
اقرأ أيضًا : فاتن حمامة.. كرمها الرؤساء المصريين والعرب وأم كلثوم تدخلت لحل أزمتها