« الكابوس» قصة قصيرة للكاتب عبد العزيز حمادي

الكاتب عبد العزيز حمادي

الأربعاء، 19 يوليه 2023 - 05:35 م

صفوت ناصف

كانت" صفاء" تقف أمام المرآة طويلا يوميا، لأنها تحب أن تشاهد جمالها، فهي ترى أنها أجمل نساء الشارع الذي تسكن فيه ، كما أنها تشعر بأن جمالها لا يقاومه أحد، كانت في هذه الفترة لا تهتم بصلاة ولا بذكر، كانت أرملة طائشة ، تحب أن تأخذ من الدنيا بقدر المستطاع ، كانت طموحاتها لا حدود لها ، فهي ترغب في الوصول إلى الثراء والقمة سريعا، كانت ترغب في أن تعيش ما فاتها من حياتها بسبب زواجها التقليدي ، فلقد زوجها والدها لأول طارق للباب، وكان نتاج هذا الزواج أن رزقها الله بثلاثة أولاد ذكور ، كان الأول يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما ، وكان الثاني يبلغ من العمر ستة وعشرين عاما ، وكان الثالث يبلغ من العمر ستة عشر عاما ،وفي إحدى الليالي قامت صفاء بإطفاء أنوار شقتها الصغيرة ، المكونة من حجرتين ، مطبخ ، صاله وحمام ، وكانت تردد أذكارا كثيرة، منها بعض أسماء الله الحسنى , ثم نامت ، وفي أثناء نومها حلمت بأن شخصا ما يحدثها ، ويخبرها بأنه يحبها، ويقول لها " سوف أحقق لك كل ما تتمنيه، سأحقق لك ما لا يستطيع أحد من الإنس تحقيقه، سأجعلك ملكة متوجة ،كل ما تريدينه سيكون تحت قدميك ، استيقظت صفاء من نومها مفزوعة ، فهي لا تدري أتعيش في حلم أم حقيقة؟ ثم تكرر هذا الحلم مرات عديدة ، فاتخذت صفاء قرارا شجاعا ، قررت أن تتزوج هذا الجني، فأصبحت تستيقظ من نومها في لذة وسعادة لم تعهدها من قبل ، سعادة لم تجدها مع زوجها الإنسي ، عاشت مع هذا الجني عيشه الأزواج ، عاشت معه بطريقة غريبة لم تفهم منه شيئا ! كانت تتعامل وگأنها عروس صغيرة، حيث كانت ترتدي الثياب الشفافة ، كانت تتزين للقاء حبيبها ، كانت تطفئ أنوار شقتها ، كانت تجلس بمفردها ، أصبحت صفاء أسيرة في عالم الجني، أدمنت وجوده في عالمها ، أصبح الجني يتجسد لها في اليقظة ، لاحظ الأبناء تغيرا كبيرا في سلوك أمهم !  لقد انقطعت عنهم ، لا تتكلم معهم ، وعندما تجلس معهم ، تحدث للأبناء أمورا غريبة ، كتشنجات ، وارتفاع أصوات ،بل إنها كانت أحيانا ترى أبناءها في صور حيوانات ! كما أنها كرهت امها ، وإخوانها ، وزوجاتهم، قام الابن الأكبر بعرضها على أحد الروحانيين ، فأكد له الروحاني أن والدته بها مس من الجن ، أو عارض، بدأت رحلة العلاج على يد أحد الروحانيين ، وأخذت تتردد عليه عدة مرات ، ولكن باءت هذه المحاولات بالفشل، فلقد كان يأتي هذا الجني عقب كل جلسة بشكل جديد، يحاول فيه أن يؤديها ، وبدأ يظهر الوجه القبيح لهذا الجني، كانت صفاء في كل جلسة رقية تطلب من الراقي أن يضمها إلى صدره ، وأن يحتضنها ويقبلها ، كما كان يفعل الجني، وبعد فشل هذ العلاج رجعت صفاء إلى ما كانت عليه ، عادت إلى الوقوف أمام المرآة ، وهي ترتدي ثيابا قصيرة ، كانت تردد" أبي السبب، فلقد دمر حياتي وأنا صغيرة "بل إنها قامت بإرسال صورا لها عبر وسائل التواصل وهي عارية ، نصحها الروحاني بقراءة القرآن الكريم ، والمحافظة على الصلاة ، فأخبرته بأن الجني يهددها بأنه سيؤذي أمها وأبناءها وإخوتها ، وهنا قررت أن تعالج على يد شخص معروف عنه الصلاح والتقوى ، وعندما وضع الشيخ يدها على رأسها قالت للشيخ " ضع يدك على ظهري ورقبتي وصدري " ، فقال الشيخ لمن معها " إن هذه المرأة تعاني من الحرمان العاطفي ، ولابد لها من أن تتزوج ، وبالفعل تزوجت برجل يعمل محاسبا  في إحدى شركات السكر ، وفي أحد الأيام ذهبت صفاء إلى الشيخ ، وأكدت له أنها حلمت بهذا الجني وهو قادم من بعيد،وكان ضعيفا هزيلا ، بعد أن كان قويا فتيا ، يحاول أن يقتلها ، حلمت به يستغيث بي وهو يحترق ، حتى اختفى عن الأنظار ، ثم استيقظت من نومها على صوت طرق الباب بشدة ،فإذا من بالباب يخبرني بأن ابنها استشهد في سيناء  .