الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوي| صلاة الخوف

ضياء أبوالصفا

الخميس، 14 نوفمبر 2024 - 05:09 م

يواصل الشيخ الشعراوى خواطره حول الآيتين 238 و239 من سورة البقرة: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ، فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ»  يقول: ونحن نتلقى الأمر بإقامة الصلاة حتى فى أثناء القتال، لذلك شرع لنا صلاة الخوف، فالقتال هو المسألة التى تخرج الإنسان عن طريق أمنه، فيقول سبحانه: «فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا»، إننا حتى فى أثناء القتال والخوف لا ننسى ذكر الله؛ لأننا أحوج ما نكون إلى الله أثناء مواجهتنا للعدو، ولذلك لا يصح أن نجعل السبب الذى يوجب أن نكون مع الله مبررا لأن ننسى الله.

وكذلك المريض، مادام مريضًا فهو مع معية الله، فلا يصح أن ينقطع عن الصلاة؛ لأنه لا عذر لتاركها، حتى المريض إن لم يستطع أن يصلى واقفا صلى قاعدًا، فإن لم يستطع قاعدا؛ فليصل مضطجعا، ويستمر معه الأمر حتى لو اضطر للصلاة برموش عينيه. كذلك إن خفتم من عدوكم صلوا رجالا، يعنى سائرين على أرجلكم أو ركبانا و(رجالا) جمع (راجل) أى يمشى على قدميه، ومثال ذلك قوله الحق: «وَأَذِّن فِى الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالًا وعلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ» الحج: 27 لقد كان الناس يؤدون فريضة الحج سيرًا على الأقدام أو ركبانًا على إبل يضمرها السفر من كل مكان بعيد. إذن فالراجل هو من يمشى على قدميه.

والأرجل مخلوقة لتحمل بنى الإنسان: الواقف منهم، وتقوم بتحريك المتحرك منهم، فإن كان الإنسان واقفا حملته رجلاه، وإن كان ماشيا فإن رجليه تتحركان. والمقصود هنا أن الصلاة واجبة على المؤمنين سائرين على أقدامهم أو ركبانا.

هذه المسألة قد فصلها الحق سبحانه وتعالى فى صلاة الخوف بأن قسم المسلمين قسمين: قسما يصلى مع النبى عليه الصلاة والسلام فى الركعة الأولى، ثم يتمون الصلاة وحدهم ويأتى القسم الآخر ليأتم بالرسول فى الركعة التى بعدها حتى تنتهى الصلاة بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وينتظرهم حتى يفرغوا من صلاتهم ويسلم بهم، فيكون الفريق الأول أخذ فضل البدء مع الرسول، والفريق الآخر أخذ فضل الانتهاء من الصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك فى غزوة ذات الرقاع فكلٌ من الفرقتين كانت تقف فى وجه العدو للحراسة أثناء صلاة الفرقة الأخرى.

اقرأ أيضًا| خواطر الشعراوى.. سر إخفاء الصلاة الوسطى

ولى رأى فى هذه المسألة هو أن صلاة الخوف بالصور التى ذكرها الفقهاء إنما كانت للمعارك التى يكون فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يصح أن يكون هناك جيش يصلى خلف النبى صلى الله عليه وسلم ويحرم الباقى من أن يصلى خلفه، لذلك جعل الله بركة الصلاة مع رسول الله للقسمين.

لكن حينما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى فمن الممكن أن يكون للواقفين أمام العدو إمام وللآخرين إمام، إذن كان تقسيم الصلاة وراء الإمام فى صلاة الخوف إنما كان لأن الإمام هو الإمام الأعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يشأ الله أن يحجب قوما عن الصلاة مع رسول الله عن قوم آخرين، فقسم الصلاة الواحدة بينهم. لكن فى وقتنا الحالى الذى انتظمت فيه المسائل، وصار كل الناس على سواء، ولم يعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، لذلك يصح أن تُصلى كل جماعة بإمام خاص بهم. وقوله الحق: فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا نفهم منه الصلاة لا تسقط حتى عند لقاء العدو، فإذا حان وقت الصلاة فعلى المؤمن أن يصليها إذا استطاع فإن لم يستطع فليكبر تكبيرتين ويتابع الحق فيقول: «فاذكروا الله كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ» أى اذكروا الله على أنه علمكم الأشياء التى لم تكونوا تعلمونها، فلو لم يعلمكم فماذا كنتم تصنعون؟.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة