هل وسائل التواصل الاجتماعي فعلاً ضارة للمراهقين؟
هل وسائل التواصل الاجتماعي فعلاً ضارة للمراهقين؟


هل وسائل التواصل ضارة للمراهقين؟.. أبحاث تكشف الحقيقة الغامضة

أمنية شاكر

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024 - 02:35 م

هناك تحذيرات متزايدة من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين مما زاد من قلق العديد من الآباء حول ما تفعله هذه الوسائل بأدمغة أطفالهم مع كثرة الوقت الذي يقضونه على هواتفهم.

ورغم أن العديد من العلماء يشاركون هذا القلق، إلا أنه لا يوجد الكثير من الأبحاث التي تثبت أن وسائل التواصل الاجتماعي ضارة، أو تشير إلى أي المواقع أو التطبيقات أو الميزات هي الأكثر ضررًا، وحتى أنه لا يوجد تعريف موحد لوسائل التواصل الاجتماعي، مما يترك الآباء وصناع السياسات والبالغين الآخرين في حياة المراهقين بلا إرشادات واضحة حول ما يجب القلق بشأنه.

وتقول جاكلين نيسي، عالمة النفس في جامعة براون التي تدرس هذا الموضوع: "لدينا بعض الأدلة التي توجهنا، لكننا في حاجة إلى معرفة المزيد"، بحسب The New York Times. 

 

ما الذي يُعتبر وسيلة تواصل اجتماعي عندما يتعلق الأمر بصحة المراهقين؟

و حذر الجراح العام، الدكتور فيفيك مورثي، من أن وسائل التواصل الاجتماعي تحمل "مخاطر عميقة على الصحة"، ولكنه لم يحدد أي تطبيقات أو مواقع. وأشار تقريره إلى أنه "لا يوجد تعريف أكاديمي موحد لوسائل التواصل الاجتماعي".

تستهدف معظم الدراسات منصات تحتوي على محتوى من إنشاء المستخدمين حيث يمكن للأفراد التفاعل، لكن هذا يثير الكثير من الأسئلة: هل يهم إذا كان المراهقون يرون منشورات من أشخاص يعرفونهم أو من غرباء؟ هل يؤثر الأمر إذا كانوا ينشرون أو يكتفون بالمشاهدة؟ هل الألعاب متعددة اللاعبين تُعتبر وسيلة تواصل اجتماعي؟ ماذا عن تطبيقات التعارف؟ ورسائل المجموعة؟

يُظهر "يوتيوب" التحدي في هذا السياق، إذ يُعد الموقع الأكثر شعبية بين المراهقين: 95٪ يستخدمونه، ويقول حوالي 20٪ منهم إنهم يستخدمونه "دائمًا تقريبًا"، وفقًا لمركز بيو للأبحاث. يمتلك يوتيوب جميع ميزات وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه لم يُدرج في معظم الدراسات.

 

ماذا لا نعرفه؟

أظهرت مراجعات للدراسات الحالية حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وصحة المراهقين النفسية أن معظم هذه الدراسات كانت "ضعيفة"، و"غير متسقة"، و"غير حاسمة"، وتحمل "أدلة متناقضة" و"مشكلة في الجودة".

 

لم تُظهر الأبحاث حتى الآن أي المواقع أو التطبيقات أو الميزات التي تؤثر بشكل معين على الصحة النفسية، كما تقول صوفيا شوكاس-برادلي، عالمة النفس ومديرة مختبر المراهقين والشباب في جامعة بيتسبرغ: "ليس لدينا أدلة كافية لنقول للآباء يجب عليهم التخلص من تطبيق معين أو تحديد وقت معين لاستخدامه".

من الصعب أيضًا إثبات أن وسائل التواصل الاجتماعي هي السبب في تدهور الصحة النفسية، بدلًا من أن تكون مجرد علاقة ارتباطية معها، معظم الدراسات تقيس الوقت الذي يقضيه المراهقون على وسائل التواصل الاجتماعي والأعراض النفسية، وقد أظهرت العديد من الدراسات، رغم ذلك، وجود علاقة ارتباطية.

ولكن يصر بعض الباحثين على أن قياس الوقت ليس كافيًا: ففي هذه الدراسات، من غير الواضح ما إذا كان الوقت الذي يُقضى على وسائل التواصل الاجتماعي هو المشكلة، أم أن الوقت بعيدًا عن أشياء أخرى مثل ممارسة الرياضة أو النوم.

 

ماذا تكشف الأبحاث الأخرى؟

قالت إيمي أوربن، عالمة النفس التي تقود مجموعة الصحة النفسية الرقمية في جامعة كامبريدج: "نجد في الغالب ارتباطًا سلبيًا صغيرًا بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والصحة النفسية، لكننا لا نعرف السبب الكامن وراء ذلك"، وأضافت أنه قد يكون من الممكن أن الأشخاص الذين يشعرون بسوء في حالتهم النفسية يبدأون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أكثر، أو ربما العكس.

بشكل عام، تجد الأبحاث أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست مفيدة أو ضارة بطبيعتها، وتأثيراتها تعتمد على الأفراد وما يرونه.

اقرأ ايضا|طرق إدارة التوتر في مكان العمل 

لماذا لا يوجد المزيد من الأبحاث الحاسمة؟

يستغرق البحث الأكاديمي وقتًا طويلاً — غالبًا ما يستغرق سنوات للحصول على التمويل، وتطوير الدراسات، وتوظيف الموظفين، وجمع المشاركين، وتحليل البيانات، ثم نشرها، كما أن تجنيد القُصّر أصعب بكثير.

وبحلول وقت نشر الدراسة في عام 2023، يكون المراهقون قد انتقلوا إلى منصات أخرى على سبيل المثال، معظم الدراسات عن منصات مثل فيسبوك التي لم يعد يستخدمها معظم المراهقين، كما أن شركات التكنولوجيا لم تقدم بيانات كافية لمساعدة الباحثين في فهم تأثير منتجاتهم، كما أشار تقرير الجراح العام.

كيف يمكن أن تكون الدراسات المستقبلية أكثر حسمًا؟

يرغب الخبراء في رؤية أبحاث تدرس أنواع محتوى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل محدد، وكيف يؤثر استخدامها في المراهقة على الأشخاص في مرحلة البلوغ، وتأثيراتها على المسارات العصبية، وكيفية حماية الشباب من آثارها السلبية.

ما الذي يجب على الآباء فعله الآن؟

اتفق الخبراء على أنه لا يمكن انتظار الأبحاث لإجراء التغييرات. ووافقوا جميعًا على أن بعض مستوى من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كان مفيدًا، وقالت الأستاذة شوكاس-برادلي: "هناك تداعيات سلبية تنموية على عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق، لأن هذا هو المكان الذي تحدث فيه التفاعلات الاجتماعية".

أوصى الباحثون بضرورة أن تعتمد قواعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نضج المراهقين الفردي وتحدياتهم، كما أكدوا أن المسؤولية لا تقع فقط على الآباء، بل أيضًا على شركات التكنولوجيا وصناع السياسات، وأشاروا إلى بعض الخطوات التي يمكن للآباء اتخاذها الآن:

1. تحديد الحدود، خاصة حول وقت النوم.


2. عدم منح هاتف ذكي للمراهقين الصغار فورًا، بل البدء بجهاز ساعة ذكية أو هاتف بدون إنترنت.


3. التحدث مع المراهقين: إظهار ما يشاهدونه، وسؤالهم عن شعورهم ومناقشة الخصوصية والسلامة.


4. وضع خطة عائلية لاستخدام الشاشات التي تأخذ في الاعتبار الأنشطة التي تزيد التوتر مقابل الأنشطة التي توفر الرضا طويل المدى.


5. نموذج الاستخدام المسؤول للإنترنت.

كما قال كاليب ت. كار، أستاذ التواصل في جامعة ولاية إلينوي: "بدلاً من مراقبة التطبيقات المحددة، يجب على الآباء التواصل مع أطفالهم، تمامًا كما فعل الآباء قبل وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال الحديث عن كونهم أشخاصًا محترمين ومواطنين صالحين".

 

الكلمات الدالة

 

 

 

 

 

 

 

مشاركة