إسلام عفيفي
لا نأسف للإزعاج
إسلام عفيفي يكتب: القاهرة.. «سيدة المدن»
الخميس، 21 نوفمبر 2024 - 07:40 م
هى سيدة المدن بالفعل بحضورها الطاغى وبصمتها على زائرها قبل ساكنها..
هى الساهرة إذا حلّ عليها المساء، والباهرة إذا أشرقت عليها شمس الصباح..
هى سيدة المدن بحضورها الطاغى وبصمتها التى تترك آثارها على زائرها وساكنها.. القاهرة أم العواصم، فليس كمثلها مدينة أو عاصمة، هى المتفردة العتيقة بتراثها وعمرانها ونيلها، والشابة بأبنائها وبريقها ولمسات التحضر التى تتحقق كل يوم فتزيدها بهاء.
اختيار الدكتور إبراهيم صابر محافظاً للعاصمة منذ شهور هو اختيار لرجل صاحب رؤية ويدرك تماما حجم المسئولية الملقاة على عاتقه، فإذا به يطرح مخططا استراتيجيا لتطوير القاهرة، وعندما التقيناه فى المرة الأولى بدعوة من المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وجدناه لا يتحدث عنها بل يتغزل فيها وبها ويفخر بمدينة قضى بين أحيائها زمنا يعمل، ويحلم بأن يرى العالم بلدنا بعيوننا. ليس مجرد حدث دولى استثنائى، بل هو مشهد بانورامى يكشف عن قدرة مصر على المزج بين ماضيها العريق وطموحاتها التنموية، مقدمة نفسها كنموذج يستحق الوقوف عنده.
القاهرة ليست مجرد مدينة تنبض بالحياة، بل هى مسرح حضارى تعيد مصر من خلاله تعريف مفهوم التحضر.
تجارب مصر فى تطوير العشوائيات وتحويلها إلى مناطق حضرية متكاملة ليست مجرد مبادرات حكومية، بل هى انعكاس لفلسفة متكاملة تقوم على إعادة الإنسان إلى صدارة المشهد التنموى.
وهنا لا يمكن تجاهل ما أبداه الحضور الدولى من انبهار بما شاهدوه؛ فوفد أوروبى بارز أشار إلى أن «مصر نجحت فى تقديم تجربة حضرية تعكس روح الإبداع والإرادة السياسية»، بينما أكد ممثلو دول إفريقية أن هذه التجربة تمثل خارطة طريق لدول القارة التى تواجه تحديات مشابهة.
ما لفت الانتباه فى المنتدى هو الحزم الواضح في الخطاب المصري تجاه قضايا التنمية المستدامة. لم تكن الكلمات مجرد شعارات، بل جاءت مدعومة بإنجازات ملموسة: مشروعات المدن الذكية، شبكات الطرق الحديثة، وتحسين جودة الحياة في المناطق التى كانت توصف يومًا بـ»المهمشة». هذه الإنجازات لم تقتصر على تحسين البنية التحتية، بل تجاوزتها إلى تحسين حياة الملايين.
بعض المشاركين أشاروا إلى أن مصر قدمت مفهومًا جديدًا للاستدامة يتجاوز التعريف التقليدى. بدلًا من أن يكون التحضر مجرد تحسين عمرانى، أصبح أداة لتحسين حياة الإنسان. وفد خليجى وصف مصر بأنها «قوة حضارية تعمل على إعادة تعريف علاقة الإنسان بمدينته»، بينما رأى أحد الممثلين الآسيويين أن «مصر جمعت بين الرؤية الواقعية والطموح المستقبلى بشكل يبهر أى متابع».
الإشادات التى تلقتها مصر لم تكن مجرد مجاملات دبلوماسية؛ بل هى تأكيد على تحول حقيقى.
وفد من أمريكا اللاتينية أشار إلى أن مصر نجحت فى تقديم تجربة عمرانية متكاملة يمكن أن تكون نموذجًا للتنمية المستدامة عالميًا. أحد المسئولين الأوروبيين وصف المنتدى بأنه «أكثر من مجرد فعالية، بل هو مختبر للتغيير الحضرى»، فى إشارة إلى أن التجربة المصرية تتخطى الحدود الجغرافية وتقدم حلولًا عالمية.. لا شك أن نجاح مصر فى تنظيم هذا الحدث الكبير يعكس أكثر من مجرد احترافية فى التنظيم؛ فهو شهادة على استقرار سياسى واقتصادى، ورسالة بأن مصر عادت لتكون محركًا رئيسيًا فى محيطها الإقليمى والدولى.
وبثقة وتواضع شديد يؤكد محافظ القاهرة عقب انتهاء المنتدى: لا أبالغ إذا قلت إن مصر وضعت معيارًا جديدًا للتحضر، معيارًا ينطلق من فلسفة أن التنمية ليست خيارًا، بل هى حق لكل مواطن، هذا المنتدى لم يكن مجرد فرصة لتبادل الخبرات، بل كان شاهدًا على أن مصر بتاريخها العريق وطموحاتها الحديثة، تمتلك القدرة على أن تكون مركز إشعاع حضرى عالميا.
إنها لحظة تستحق أن نفخر بها جميعًا، لحظة تقول فيها مصر للعالم: نحن هنا، نرسم ملامح المستقبل، ونصنع فرقًا ليس فقط لأنفسنا، بل لكل من يشاركنا الحلم بعالم أكثر استدامة وعدلًا.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة