الخميس، 21 نوفمبر 2024 - 11:10 م

نُحت اسم بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت في صحيفة القائمة السوداء للمحكمة الجنائية الدولية لأولئك الأشخاص، الذين أدينوا بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، وصدرت بحقهم مذكرة اعتقال من المحكمة، بعدما أبانوا عن جرائم فاقت الأوصاف بعدما ظنوا أنهم فوق المساءلة والمحاسبة متكئين على ظهير أمريكي اعتاد أن ينسخ من ورائهم ما يرتكبوه من فظائع وأَلِفَ أن يقلب لصالحهم كل الحقائق.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الخميس 21 نوفمبر، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، وذلك امتثالًا لطلب سابق قدمه المدعي العام للمحكمة كريم خان، في مايو المنصرم، بتهمة ارتكابهما جرائم حرب  في قطاع غزة.

وفور صدور مذكرة الاعتقال، أعلنت أكثر من دولة أوروبية وغربية بارزة عن أنها ستلتزم بقرار المحكمة وستُقدم على اعتقال نتنياهو أو جالانت إذا زارا أراضيهم، وعلى رأس تلك البلدان هولندا وإيطاليا وكندا.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت تؤدي إلى تفاقم حالة تراجع الشرعية لإسرائيل على الساحة العالمية حيث تواجه إدانة شرسة على نحو متزايد بسبب سلوكها في الحرب على غزة.

قرار تاريخي

وأشاد الدكتور محمد محمود مهران، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بقرار المحكمة الجنائية الدولية التاريخي باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، معتبرًا إياه خطوة غير مسبوقة في تاريخ العدالة الدولية.

وقال مهران، في تصريحات لـ"بوابة أخبار اليوم"، إن القرار يستند إلى أدلة دامغة قدمها المدعي العام كريم خان تثبت ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وأضاف أن الأدلة توثق استهداف المدنيين والمستشفيات والمدارس بشكل ممنهج، إضافة إلى حصار غزة ومنع المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن هذه الجرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة كون فلسطين عضوًا في نظام روما الأساسي.

اقرأ أيضًا: 7 جرائم حرب تنتظر نتنياهو وجالانت بعد مذكرة الاعتقال من «الجنائية الدولية» 

مأزق دولي غير مسبوق

ولفت الخبير بالقانون الدولي إلى أن قرار الاعتقال يضع إسرائيل في مأزق دولي غير مسبوق، حيث يتوجب على 123 دولة عضوًا في المحكمة تنفيذ مذكرات الاعتقال حال دخول المتهمين أراضيها.

وكشف مهران أن القرار يتيح للدول الأعضاء تجميد الأصول المالية للمتهمين وتقييد تحركاتهم، مما يؤثر بشكل مباشر على العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع المجتمع الدولي.

وطالب كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية، في بيانٍ اليوم الخميس فور صدور مذكرة الاعتقال، الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المحكمة بالتعاون بشأن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وجالانت.

«ملزم قانونيًا»

وعن آليات تنفيذ ذلك، أوضح الدكتور مهران أنه رغم توقع عدم تعاون إسرائيل وبعض حلفائها، إلا أن القرار سيظل ساريًا وملزمًا قانونيًا، مؤكدًا أن العدالة الدولية لا تسقط بالتقادم.

وشدد مهران، في ختام حديثه، على أن هذا القرار يرسخ مبدأ أن لا أحد فوق القانون الدولي، وأن مرتكبي جرائم الحرب سيواجهون العدالة عاجلًا أم آجلًا. 

ووفقًا للبيان الصادر عن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية في 20 مايو المنصرم، فإن نتنياهو وجالانت متهمان بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة في سبع تهمٍ مختلفة لأشكال الجرائم والانتهاكات المرتكبة من قبل رأس السلطة في إسرائيل.

ومن أبرز التهم الموجهة للاثنين كجرائم حرب مرتكبة، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والإبادة الجماعية والقتل العمد، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية.

نتنياهو «مقيد الحركة»

وبدوره، أكد أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية قرار مهم وتاريخي، مضيفًا أن كل محاولات ثني المدعي العام عن ذلك من خلال فتح ملفات الفساد وفضائح جنسية له لم يثنه عن إكمال هذا الأمر.

وأضاف الرقب، في تصريحات لـ"بوابة أخبار اليوم"، أن ما حدث انتصار للحق الفلسطيني حتى لو لم يتم اعتقال نتنياهو وجالانت، فيكفي أنهم اتُهموا، وهم يتحدثون عن أنهم دولة ديمقراطية وعنوان للحضارة الغربية، فيُحاكم قادتها على أنهم مجرمو حرب"، معتبرًا أن هذا أمر مهم جدًا في هذا التوقيت وبالتحديد أن هناك بعض الدول تعهدت أنه إذا وصل نتنياهو إلى أرضها ستعتقله.

وتابع قائلًا: "المهم في هذا الأمر هو تقييد حركة نتنياهو وجالانت بشكل أساسي، وهذا القرار لن يكون سهلًا عليهما كما أن هذا القرار سيشجع محكمة العدل الدولية لإصدار حكمها حول الإبادة الجماعية في قطاع غزة".

فرص اعتقال نتنياهو

وحول إمكانية اعتقال نتنياهو على أرض الواقع، قال الرقب: "مبدئيًا يمكن اعتقال نتنياهو بدليل إنه بعض الدول مثل هولندا قالت إنه إذا وصل نتنياهو أراضيها سيتم اعتقاله، وهناك تصريح مشابه من بريطانيا وكندا".

واستطرد قائلًا: "ولكن أنا أستبعد بشكل أو بآخر أن يتم اعتقاله، فإذا قرر أن يزور إحدى هذه الدول التي هي ملتزمة بميثاق المحكمة الجنائية الدولية وعددها 128 دولة، فسيُطلب منه من هذه الدول ألا يزورها".

وأوضح الرقب قائلًا: "وهناك سوابق على ذلك.. (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين صدر بحقه مذكرة ولم يتم اعتقاله، وعمر البشير كذلك وهو رئيس السودان، وبالتالي عملية الاعتقال لن تكون واردة، ولكن الازعاج وتقييد الحركة هو الأهم بشكل أو بآخر".

وشدد الرقب على أنه "أهم شيء بالنسبة لنا هو أن يُدان رئيس حكومة الاحتلال.. هذا الرئيس الذي كان يتباهى بأنه عنوان للحضارة الغربية مقابل الهمجية في الشرق، فاتهام رئيس حكومة هذا الكيان بأنه مجرم حرب وطلب اعتقاله أمر مهم جدًا".