صورة للدمار فى مدن البلدين بعد هجمات الجيش الأوكرانى والروسى
صورة للدمار فى مدن البلدين بعد هجمات الجيش الأوكرانى والروسى


بعد أكثر من 1000 يوم على حرب السيناريوهات الخاطئة

مكاسب موسكو محدودة.. ومأساة إنسانية غير مسبوقة

الأخبار

السبت، 23 نوفمبر 2024 - 08:57 م

محمد جمال الزهيري

بالتزامن مع حلول ذكرى الـ1000 يوم على انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية التى خلفت وراءها عشرات الآلاف من الضحايا بين قتلى وجرحى فضلا عن ملايين النازحين والمشردين، كثرت التساؤلات مرة أخرى حول مصير هذا الصراع وما إذا اقتربت نهاية هذه المأساة «اللا إنسانية» عن طريق إيجاد حلول تفرض السلام بين البلدين أم أن الصراع سيستمر ويتواصل معه نزيف المدنيين الأبرياء بل أنه قد تتسع دائرة الصراع لتفجر حربا عالمية ثالثة.  


وخلال الحرب التى اقتربت من إتمام عامها الثالث، لم تمتلك أى من البلدين اليد العليا فى الصراع، وإن كانت الكفة قد تميل بشكل طفيف لصالح الجانب الروسى الذى كان قد بدأ الغزو بعشرات الضربات الصاروخية على المدن فى جميع أنحاء أوكرانيا، فجر يوم 24 فبراير من عام 2022، وما أعقبه من تحرك للقوات البرية الروسية السريع، وفى غضون أسابيع قليلة كانت تسيطر موسكو على مناطق واسعة من أوكرانيا، وتقدمت إلى ضواحى العاصمة كييف، إلا أن القوات الروسية واجهت مقاومة أوكرانية قوية للغاية فى كل مكان تقريبا طوال العام الأول من الحرب، حيث سارعت القوات الأوكرانية إلى نشر الأسلحة الواردة من الغرب ومنها مضادات الدبابات والتى أثبتت فعاليه عالية ضد تقدم القوات الروسية التى واجهت أيضا مشاكل لوجستية خطيرة مع ضعف الحافز المعنوى ونقص الغذاء والماء والذخيرة.


عقب ذلك، تغيرت الصورة بشكل كبير وبعد فشلها فى الاستيلاء على كييف نتيجة المقاومة الشرسة من الجانب الأوكراني، انسحبت روسيا تماما من الشمال، وفى الشهر التالى استعادت القوات الأوكرانية مدينة خيرسون الجنوبية، ومنذ ذلك الوقت ظلت المعركة فى شرق أوكرانيا مع اكتساب القوات الروسية الأرض ببطء على مدى أشهر عديدة.
وفى أغسطس من العام الحالي، اتخذت الحرب الروسية الأوكرانية منعطفا جديدا بعد قرار حكومة كييف بفتح جبهة جديدة عن طريق هجوم أوكرانيا على الأراضى الروسية، فيما وصفه الخبراء السياسيون بـ»الضربة التكتيكية المفاجئة» التى أربكت حسابات الكرملين وخلطت أوراق الجانب الروسي، فبينما ظلت أوكرانيا فى موقف الدفاع ومحاولة استرداد أراضيها المغتصبة، نجحت كييف فى شن هجوم مفاجئ فى منطقة كورسك داخل الأراضى الروسية على الحدود الشمالية الشرقية، واستطاعت أن تتوغل القوات الأوكرانية بشكل كبير حتى أعلنت سيطرتها على عشرات القرى داخل الحدود الروسية فى محاولة لنقل المعركة إلى روسيا وتخفيف الضغط على قواتهم المدافعة فى منطقة دونيتسك بدفع الروس إلى سحب قواتهم و»إجبار موسكو على الجلوس إلى مفاوضات سلام عادل»..
ورغم أن الهجوم الأوكرانى فى إقليم كورسك الروسى أحدث مفاجأة، إلا أنه لم يغير الديناميكية بشكل جذري، ومع حلول فصل الشتاء، يطلق الروس حاليا وابلا من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التى تستهدف المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة.
وتحتل روسيا الآن نحو خُمس مساحة أوكرانيا فى الجنوب والشرق وتطالب بالسيادة عليها، بالإضافة إلى الأراضى التى استولت عليها فى عام 2014، حيث تسيطر موسكو الآن على كامل منطقة دونباس تقريبا فى شرق أوكرانيا، وساحل بحر آزوف بالكامل فى الجنوب.
وتحدثت خلال الأيام الماضية العديد من التقارير الأممية والصحفية عن حجم الخسائر البشرية والاقتصادية التى لحقت بالبلدين جراء الحرب الطاحنة الدائرة بينهما، فبينما تبدو روسيا فى موقف قوة أمام أوكرانيا إلا أن الخسائر الفادحة طالت الجانبين وإن كانت روسيا قد حصلت على بعض المكاسب الضئيلة من هذه «العملية العسكرية الخاصة» التى أطلقها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يوم 24 فبراير من العام 2022.
فقد رصدت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان فى أوكرانيا مقتل ما لا يقل عن 12٫162 مدنيا منذ بداية الحرب فى 2022، من بينهم 659 طفلا، كما أصيب ما لا يقل عن 26٫919 مدنيا آخر، وفى إشارة نادرة من أوكرانيا إلى حصيلة القتلى العسكريين، قال الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فى فبراير 2024 إن 31 ألف جندى أوكرانى قُتلوا ولم يعلن أى أرقام عن عدد الجرحى أو المفقودين، ويؤكد مسؤولون من الأمم المتحدة وأوكرانيا إن الأرقام الفعلية ربما تكون أعلى كثيرا نظرا لصعوبة إحصاء الوفيات والإصابات، وخاصة فى مناطق مثل مدينة ماريوبول الساحلية المدمرة التى أصبحت الآن فى أيدى روسيا.
وبخلاف الخسائر المباشرة، فقد رفعت الحرب معدلات الوفيات لأسباب مختلفة فى أوكرانيا، وتسببت فى انهيار معدلات المواليد بنحو الثلث، وأرغمت أكثر من 6 ملايين أوكرانى على الفرار إلى أوروبا، وشردت نحو 4 ملايين شخص. وقالت الأمم المتحدة إن عدد سكان أوكرانيا انخفض بما يقرب من 10 ملايين نسمة، أى نحو الربع، منذ بدء الحرب.
أما روسيا فقد خسرت منذ بداية الحرب حوالى 700 ألف جندى بين قتيل وجريح ومفقود وأسير، وقد ارتفع عدد القتلى يوميا إلى ما بين 1500 و2000 جندى بعد أن كان لا يتجاوز 200 جندى فى عام 2022، وتواجه روسيا مشاكل فى التجنيد وهو ما اتضح مع ضمها 10 آلاف جندى كورى شمالي، وتقول دول غربية بأن روسيا تكبدت خسائر بشرية تفوق أوكرانيا لأنها خسرت فى بعض الأحيان أكثر من ألف جندى فى اليوم الواحد فى فترات القتال العنيف فى الشرق.
وأظهرت التقييمات الأخيرة التى أجرتها جهات دولية، منها البنك الدولى والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية، أن الأضرار المباشرة للحرب فى أوكرانيا بلغت 152 مليار دولار حتى ديسمبر 2023 وتشمل قطاعات حيوية مثل الإسكان والنقل والتجارة والصناعة والطاقة والزراعة، وقدرت الحكومة الأوكرانية والبنك الدولى التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار بحوالى 486 مليار دولار بنهاية العام الماضي. أما روسيا فقد أنفقت ما يعادل 320 مليار دولار منذ بداية الحرب، بما يعادل 320 مليون دولار يوميا  وارتفع معدل التضخم بما يزيد على 9% فى عام واحد، مما اضطر البنك المركزى الروسى إلى رفع سعر الفائدة الرئيسى إلى 21%.

 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة