فى اللقاء الأخير بين الرئيس بايدن و زيلينسكى
فى اللقاء الأخير بين الرئيس بايدن و زيلينسكى


بعد أكثر من 1000 يوم على حرب السيناريوهات الخاطئة

مخاوف دولية من ضرب أوكرانيا للعمق الروسى

الأخبار

السبت، 23 نوفمبر 2024 - 09:03 م

سميحة شتا
 

بعد أشهر من الرفض، وافق الرئيس جو بايدن أخيرًا الأسبوع الماضى على السماح لأوكرانيا بتنفيذ ضربات فى عمق روسيا باستخدام صواريخ باليستية من الولايات المتحدة، كما طالبت كييف منذ فترة طويلة. ويمثل هذا تحولًا استراتيجيًا كبيرًا، قبل أسابيع قليلة من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فى 20 يناير 2025.


إن القرار الأمريكي، الذى اتخذ رداً على تورط جنود كوريين شماليين فى الصراع، يعتبر متأخراً للغاية ومقيداً للغاية. ومن الممكن أن يساعد القرار، الذى يتخذ طابعاً سياسياً أكثر منه عسكرياً، فى إبطاء تقدم الروس، دون تغيير ميزان القوى على الأرض.
وتقول وكالة الأسوشيتيد برس إن خطوة بايدن تأتى أيضًا بعد فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية، حيث قال إنه سيحقق نهاية سريعة للحرب وأثار حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت إدارته ستواصل الدعم العسكرى الحيوى الذى تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا.
لكن الرد الروسى على قرار بايدن لم يتأخر أيضاً، فخلال اليوم نفسه أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين رسمياً عن عقيدة نووية جديدة أشارت إليها موسكو قبل شهرين، حين أعلنت للمرة الأولى أنها ستستخدم الأسلحة النووية ليس فقط رداً على هجوم يهدد بقاءها، ولكن أيضاً رداً على أى هجوم يشكل تهديداً خطراً لسيادتها وسلامة أراضيها، وهو وضع مشابه جداً لما يحدث فى منطقة كورسك حيث ضربت الصواريخ الباليستية المصنوعة داخل الولايات المتحدة ترسانات الأسلحة الروسية ومخازن الذخيرة.
وللمرة الأولى أيضاً عدل بوتين المبادئ التوجيهية الروسية للاستخدام النووى ليكون للكرملين الحق فى استخدام الأسلحة النووية ضد دولة لا تمتلك إلا أسلحة تقليدية إذا كانت مدعومة بقوة نووية، والمقصود هنا بالطبع أوكرانيا التى تدعمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.


بالنسبة إلى بوتين فإن العقيدة النووية الجديدة هى أحدث محاولاته لتحويل أكبر ترسانة نووية فى العالم (5580 رأساً نووية منها 1710 جاهزة للاستخدام) إلى شيء قد يخشاه العالم مرة أخرى، مما يمنحه التأثير العالمى الذى لا يمكن أن يحققه اقتصاد بلاده المحدود، لكن البيان الصادر عن مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض دان العقيدة الجديدة ولم يظهر أى شعور بالخطر أو بالإنذار، إذ أشار البيان إلى أنه لم يكن هناك تغيير فى الموقف النووى لروسيا على الأرض، من ثم لم تكن هناك حاجة إلى تغيير فى مستويات التنبيه أو الإنذار بالنسبة إلى الولايات المتحدة التى من الواضح أنها عدت أن المغزى الأساسى من كلمات بوتين هو محاولة خلق مبررات جديدة للتهديد بالاستخدام النووي.


أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ البالستي الجديد فرط الصوتي أوريشنيك ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.
وقال بوتين أمس الأول خلال اجتماع مع مسئولين عسكريين بث التلفزيون وقائعه «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصا في الأوضاع القتالية، بحسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».
وتابع «نحن بحاجة إلى البدء بالإنتاج التسلسلي. القرار اتخذ فعليا»، مشيدا بـ «القوة الخاصة لهذا السلاح».
وأضاف «نظام الأسلحة الذي تم اختباره أمس هو ضمانة أخرى صادقة لوحدة أراضي روسيا وسيادتها».


وبحسب بوتين فإنه لا توجد دولة أخرى في العالم تملك تكنولوجيا صواريخ مماثلة. ولكنه أقر بأن دولا أخرى ستطورها قريبا.
هذه هى المرة الأولى التى يمنح فيها بايدن كييف الإذن باستخدام أسلحة بعيدة المدى داخل روسيا، لكن استخدامها سيقتصر على منطقة كورسك، حيث شنت أوكرانيا توغلاً فى روسيا فى الصيف.


وكان رد فعل الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى متحفظا إلى حد كبير، وقال خلال خطابه المسائى عبر الفيديو: «الضربات لا تُشن بالكلمات، مثل هذه الأشياء لا يتم الإعلان عنها، والصواريخ ستتحدث عن نفسها».
وأفاد مسئولون أمريكيون بأن الأسلحة ستستخدم ضد القوات الروسية والكورية الشمالية المنتشرة ضد القوات الأوكرانية فى منطقة كورسك الروسية وكان الهدف منها إرسال رسالة إلى كوريا الشمالية على الرغم من أن بايدن قد يأذن باستخدامها فى أماكن أخرى خلال الشهرين المتبقيين له فى البيت الأبيض.
وترى صحيفة الجارديان أنه قد تبدأ الضربات الأولى باستخدام صواريخ «أتاكمز» التى تزودها الولايات المتحدة فى غضون أيام. ولا يعتقد أن القرار ينطبق على صواريخ «ستورم شادو» التى تزودها المملكة المتحدة، والتى سبق للولايات المتحدة أن منعت استخدامها على الأراضى الروسية.
وأشارت كييف إلى أنها تريد استخدام صواريخ ستورم شادو ضد القواعد الجوية المستخدمة لشن هجمات على أوكرانيا، بدلاً من كورسك. ورفض البيت الأبيض وداونينج ستريت التعليق.
وأضافت الجارديان أنه لم يتضح بعد ما إذا كان دونالد ترامب، الذى انتقد فى السابق حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، سيسعى إلى عكس القرار. وكان بايدن قد سمح لأوكرانيا فى السابق باستخدام صواريخ هيمارز قصيرة المدى التى زودتها بها الولايات المتحدة ضد القوات الروسية التى تهاجم خاركيف من عبر الحدود، لكنه رفض السماح لروسيا باستخدام أسلحة الضربات العميقة.


ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن فلاديمير دزاباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشئون الدولية فى مجلس الاتحاد الروسي، قوله «هذه خطوة كبيرة للغاية نحو بداية الحرب العالمية الثالثة».


وعبر بعض المسئولين الأمريكيين عن شكوكهم فى أن تسهم هذه الضربات بعيدة المدى فى تغيير مسار الحرب، لكن القرار يمكن أن يساعد أوكرانيا فى وقت تحقق فيه القوات الروسية مكاسب. وربما يجعل هذا القرار أيضا كييف فى وضع أفضل إذا ما أجرت مفاوضات على وقف إطلاق النار.
وفى الشهر الماضي، أرسلت كوريا الشمالية ما يقدر بنحو 10 آلاف جندى إلى روسيا للمشاركة فى حرب أوكرانيا، وهى المرة الأولى التى تستعد فيها بيونج يانج لاستخدام القوات البرية منذ نهاية الحرب الكورية فى عام 1953.
وقد تمركزوا منذ ذلك الحين فى كورسك ويستعدون للانضمام إلى القوات الروسية فى هجوم مضاد ضد قوة مشتركة يقدر عددها بنحو 50 ألف جندي.
وتشير تقارير أخرى، استناداً إلى إفادات استخباراتية أوكرانية، إلى أن كوريا الشمالية قد تكون مستعدة لإرسال ما يصل إلى 100 ألف جندى إذا تعزز التحالف بين البلدين، فى وقت تكافح فيه كييف لحشد المزيد من الناس للانضمام إلى الحرب.


إن أمريكا هى الحليف الأكثر قيمة لأوكرانيا فى الحرب، حيث قدمت لها أكثر من 56.2 مليار دولار من المساعدات الأمنية منذ غزو القوات الروسية فى فبراير 2022.
لكن إدارة بايدن، التى تشعر بالقلق إزاء رد روسيا، أرجأت مرارا وتكرارا توفير بعض الأسلحة المتقدمة المحددة التى تسعى إليها أوكرانيا، ولم توافق إلا تحت ضغط من كييف وأنصارها وبالتشاور مع حلفائها.


ويشمل ذلك فى البداية رفض دعوات زيلينسكى للحصول على دبابات متقدمة وأنظمة دفاع جوى باتريوت وطائرات مقاتلة من طراز إف-16، من بين أنظمة أخرى.
وفى مايو الماضى وافق البيت الأبيض على السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التى قدمتها لها الولايات المتحدة فى شن ضربات محدودة عبر الحدود مع روسيا.
وكان تسليح أوكرانيا بصواريخ «أتاكمز» بعيدة المدى موضوعا حساسا بشكل خاص منذ الغزو الروسى الكامل لأوكرانيا فى فبراير 2022. ويقول مؤيدو الموقف الأكثر عدوانية تجاه موسكو إن بايدن ومستشاريه كانوا يخافون من خطاب بوتين العدائي، ويقولون إن نهج الإدارة التدريجى فى تسليح الأوكرانيين جعلهم فى وضع غير مواتٍ فى ساحة المعركة.

 

الكلمات الدالة

 

 

 

 

 

 

 

مشاركة