د. محمد الكحلاوى رئيس المجلس العربى للآثاريين العرب
د. محمد الكحلاوى رئيس المجلس العربى للآثاريين العرب


خلال المؤتمر السنوى لـ«الآثاريين العرب»: خبراء يناشدون الحكومات بالتصدى لنهب التراث العربى

شهاب طارق

الإثنين، 25 نوفمبر 2024 - 01:31 م

اختُتِمت مؤخرًا فعاليات المؤتمر الدولى السابع والعشرين لـ الآثاريين العرب بمدينة الشيخ زايد، تناولت الأبحاث المشارِكة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وجنوب لبنان والصراعات المسلحة فى السودان وأثر ذلك على واقع التراث العربى، وقد أوصى المؤتمر بضرورة التصدى لأعمال الهدم والنهب التى طالت الآثار العربية ومنع تهريبها للخارج.

وخصص المؤتمر جميع المنح البحثية لتصبح فى مجال توثيق وترميم الآثار، كما تقرر إنشاء مكتب طوارئ رسمى داخل الاتحاد لهيئات الآثار التابعة للبلدان العربية المتضررة جراء الحروب والنزاعات ومنها مكتب للبنان، وآخر للسودان، وآخر لغزة داخل مقر الاتحاد بالقاهرة.

كما أوصى المؤتمر بضرورة أن تقدم هذه المراكز الإقليمية خبرتها فى مجال الترميم والصيانة مع متابعة وحصر ما تتعرض له آثار بلدانهم من اعتداءات. مع إعادة التأهيل والتدريب للمساهمة فى توثيق الآثار التى دُمِّرت ونُهبت جراء الاعتداءات الأخيرة.

وخصوصًا الاعتداءات المستمرة على التراث الفلسطينى، وأوصى المؤتمر بتكليف اتحاد الجامعات العربية خاصة كليات الحقوق لجمع وتوثيق الجرائم التى يمارسها الكيان الصهيونى ضد البشر والحجر تمهيدًا لرفعها للمحكمة الدولية لإثبات جرائم الاحتلال الإسرائيلى.



قلاع وحصون سيناء
أما بالنسبة لأبرز الدراسات فى المؤتمر فجاءت بعنوان: «قلاع وحصون بوابة مصر الشرقية (شمال سيناء) فى ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة. منذ عصر الدولة الحديثة وحتى العصر الصاوى».

للدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور السيد عبد الحليم عبد الرحيم، المدرس بكلية الآثار جامعة عين شمس.

تناولت الدراسة المواقع الأثرية التى جرى تحصينها بالقلاع فى منطقة شمال سيناء خلال عصر الدولة الحديثة مرورًا بعصر الانتقال الثالث وحتى عصر الأسرة السادسة والعشرين (العصر الصاوى). وتحديدًا الممتدة من القنطرة شرق وحتى رفح المصرية، حيث عُرِفت فى التاريخ المصرى القديم باسم «منطقة طريق حورس».

وتعددت المصادر التاريخية التى أشارت إلى المنطقة باعتبارها منطقة للحصون والقلاع، ومنها حوليات الملك تحتمس الثالث. ونقوش الملك سيتى الأول المنفذة على الجدار الشمالى الخارجى لبهو الأعمدة بمعابد الكرنك، والتى تُمثِّل مناظر عودة الملك سيتى الأول من حملته العسكرية لتأمين حدود مصر الشرقية، حيث صورت المناظر سلسلة القلاع والحصون المصرية وعلى مقدمتها حصن مدينة ثارو (تل حبوة)، والذى يقع على رأس الطريق الواصل إلى فلسطين، بالإضافة إلى مصدر تاريخى آخر وهو بردية أنسطاسى التى ذكرت المناطق الجغرافية المحصنة بشمال سيناء.

عمارة مدينة سوسة
وفى دراسة أخرى للدكتورة عفاف بنت البشير الهلالى الأستاذة بجامعة تونس بعنوان: «خصائص العمارة الدينية وتطورها فى مدينة سوسة». تتبعت الباحثة نشأة وتطور المساجد بمدينة سوسة كبيوت صلاة، على امتداد العصر الوسيط وصولًا إلى العصر الحديث ومقارنة ذلك مع أهم خصائص المدرسة المعمارية القيروانية فى العمارة الدينية فى إفريقيا وبلاد المغرب عمومًا.

فمدينة سوسة التونسية تعود للفترة «البونية» وقد تواصل التعمير داخلها خلال الفترة الرومانية والبيزنطية وحتى الحضور الإسلامى مع الفتوحات الأولى، فالنصوص تذكر مدينة سوسة فى إطار الحديث عن حملة عقبة بن نافع على إفريقيا وضرورة اختيار موقع جيد للاستقرار به، فقد اختيرت سوسة لأنها مدينة مهمة ولكن سرعان ما تم التراجع عنهاواختيار موقع مدينة القيروان نظرًا لاعتبارات عديدة منها التخوف من الخطر البيزنطى البحرى وضرورة اختيار موقع بعيد عن البحر ملائم لمتطلبات الجيش فى ذلك الوقت.

لكن بعد أن تم تمصير القيروان سنة 50هـ وفتح معظم دول وسط وشمال إفريقيا ومنها قرطاج وسوسة (حضرموت) كانت هناك رغبة فى السيطرة على المدينة القديمة بكل مكوناتها ومعالمها وأسوارها مع ضرورة التأقلم بين المتطلبات المعمارية للمسلمين والنسيج الحضرى القديم الموجود. وكان قصر الرباط أول معلم إسلامى يتم تأسيسه فى مدينة سوسة فى بداية عهد الدولة الأغلبية (أواخر القرن 2هـ/بداية القرن 3هـ) فى ظل الدولة العباسية.

وكذلك إنشاء قصر رباط سوسة، كما جرى تخصيص بيت للصلاة بداخله وتحديدًا فى الطابق الأول. حيث تحول بعد ذلك الجامع الكبير بسوسة إلى المعلم الدينى الأهم بالمدينة.

علم آثار الفضاء
وفى دراسة للباحثة ناهد عبداللطيف المحاضِرة بكلية العلوم الإنسانية بجامعة بحرى بالخرطوم بعنوان «استخدام تقنيات علم آثار الفضاء لمراقبة وحفظ المواقع الأثرية فى السودان فى ظل الصراع المسلح».. أكدت أنه نتيجة للصراع والتهديدات المسلحة فى السودان فقد تعرضت الكثير من المواقع الأثرية للنهب والتدمير؛ لذلك فهناك حاجة ملحَّة لاستخدام علم الآثار الفضائى كآداة فعالة لرصد وتقييم حالة المواقع الأثرية فى السودان.

فهذا العلم قادر على دعم وحفظ تراث السودان الثقافى وإدارته أيضًا، فهو يسمح بتوثيق المواقع الأثرية التى يصعب الوصول إليها على الأرض، وتخفيف المخاطر التى شكَّلتها التحديات الحديثة من خلال تطبيق تكنولوجيات متقدمة للرصد والتحليل والتوثيق، وباستخدام صور الأقمار الصناعية وتقنيات الاستشعار عن بُعد؛ لذلك فالدراسة تستكشف كيفية استخدام هذه التقنيات وتحليل البيانات لرصد المواقع الأثرية فى السودان، وتتبع التغييرات والأضرار التى لحقت بها خلال فترات النزاع، لتقديم صورة شاملة حول المواقع الأثرية، خصوصًا فى ظل الظروف الأمنية الصعبة التى تعيشها السودان.

إبادة تراث غزة
وقدمت الفلسطينية الدكتورة روان عزمى الشيوخى بحثًا بعنوان «الإبادة الأثرية التاريخية والثقافية خلال العدوان الإسرائيلى على غزة» أوضحت من خلالها أن الاحتلال الإسرائيلى تعمد تدمير تراث غزة، فمنذ حرب غزة ٢٠١٤ وحتى طوفان الأقصى عام ٢٠٢٣ استهدف الكيان الصهيونى الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية فى القطاع حيث دمرمئات المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية والتراثية كليًا أو جزئيًا مثل المسجد العمرى الكبير، ومدرسة الكاميلية، وقصر الباشا، ومسجد الظفر دمرى الأثرى، ومسجد السيد هاشم.

ولم تنج أيضًا المقدسات المسيحية من العدوان، كما دمر الاحتلال عشرات المواقع الدينية والأثرية المسيحية مثل كنيسة القديس برفيريوس، ودير القديس هلاريون والكنيسة البيزنطية وحمام السمرة.

وتعمد الاحتلال أيضًا تدمير المقابر التاريخية فدمر مقام الخضر، ومقام النبى يوسف، ومقبرة دير البلح والتى تعد من أهم المقابر الأثرية والتاريخية فى غزة إذ يعود تاريخها إلى العصر البرونزى.

فعقب أحداث السابع من أكتوبر تم تدمير 200 معلم أثرى وتراثى بمدينة غزة من أصل 325 موقعا تاريخيا. فضلًا عن تدمير عشرات التلال والمتاحف التاريخية ومنها ثالث أقدم كنيسة بالعالم، فضلا عن تضرر 146 بيتًا قديمًا وعشرات المكتبات والمراكز الثقافية، وهو أمر يخالف اتفاقية لاهاى 1954 الدولية التى تستوجب حماية الملكية الثقافية فى الحروب. والنزاعات المسلحة.

 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة