محمد التابعى
محمد التابعى


كنوز الأخبار| نُعيد نشر مقال محمد التابعي «المال وطول العمر»

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 28 نوفمبر 2024 - 04:32 م

العلاقة بين طول العمر والمال جدلية، وكثيراً ما ربط البعض بينهما، وفي خضم هذا الجل القديم المتجدد، تُعيد «بوابة أخبار اليوم» نشر مقال الكاتب الراحل محمد التابعي الذي نشره في صحيفة الأخبار المصرية في 12 ديسمبر 1958.. وإلى نص المقال:  

كتبت مقالاً عن طول العمر وتضاربت فيه الآراء حول أسباب طول العمر فمنهم من قال: إن رياضة المشى على الأقدام هى من أسباب العمر الطويل.

ومن المعارضين لهذا الرأى شيخ أشرف على الثمانين من عمره وقال: إن الرياضة الوحيدة التى أمارسها هى السير فى جنازات أصدقائى الذين كانوا يمارسون رياضة المشى على الأقدام. 

واليوم أقدم للقراء سؤالاً آخر له صلة بنفس الموضوع وهو :
 

«هل الترف والراحة من أسباب السعادة وطول العمر ؟ 

فريق من العلماء والإخصائيين فى أمريكا يقول بهذا الرأى، وقد استعانت بعض شركات الأدوات الكهربائية والمنزلية بهذا الفريق على وضع قائمة طويلة تحوى ستين سؤالاً.

ونُشرت القائمة فى عددٍ من المجلات الواسعة الانتشار.. وعلى القراء أن يجيبوا عليها، وإذا كانت إجابة الواحد منهم «نعم» على 45 سؤالاً فأكثر فإنه يكون متمتعاً بمستوى معيشة عالية تضمن له السعادة وطول العمر، وإذا كان عدد «نعم» يتراوح ما بين 30 و44 فإن مستوى المعيشة لا بأس به ! 

وإذا هبط عدد « نعم » عند 20 نقطة، فأقل فإن المسكين لابد وأن تكون حياته يُرثى لها من بؤس وتعاسة ومثله لا يعمر طويلاً ! 

والأسئلة منها : هل تملك بطانية كهربائية ؟

هل تمتلك ثلاجة وغسالة وآلة لطهى البيض بالكهرباء؟

هل تفتح الجراج بمفتاح عادى أم بزر كهربائى يعمل بالضغط عليه؟ 

هل عندك آلة كهربائية لعرض أفلام سينما؟ 

وهل تحلق ذقنك بموس عادى أم بموس كهربائى؟.

الى آخر ستين سؤالاً من هذا النوع. 

ونتائج هذا السخف يقرها علماء وإخصائيون أمريكيون وتنشره شركات كبيرة فى صحف محترمة، وينسى السخفاء أن الترف أو السعادة كليهما مسألة نسبية تختلف باختلاف مزاج وميول وبيئة كل واحد منا.

فأنا مثلاً ارتاح الى حلاقة ذقنى بنفسى بالموس العادى وأفزع من الموس الكهربى.
ولا اطمئن إلى الزر الكهربى الذى يفتح باب مسكنى ويغلقه دون أن أقوم من فراشى وأفتح الباب بنفسى لاطمئن من الزائر فى الليل الغاسق. 

وهناك كثيرون - وأنا منهم - لا يستسيغ طعم اللحم المطهو بالكهرباء، وأفضل طهوه على الفحم، وأشهر محلات الحاتى فى باريس ما زالت تستخدم الفحم. 

والواقع أن هذه الفلسفة الأمريكية - إذا صح تشريفها بهذا الوصف - لا تهدف إلى توفير السعادة أو الترف أو الراحة، إنما تهدف لتوفير الوقت فى الطهى أو الحلاقة مثلاً، لكى يكون عندنا وقت أكثر لعمل الفلوس، فكسب المال هو كل شيء فى أمريكا وعندهم منتهى السعادة وأقصى الترف والراحة إلى أبعد حدود. 

كل ذلك لا يتوافر إلا بالمال الكثير والعمر الطويل، لكنها لم تقدم إحصائياتٍ مُؤيدة بالأرقام عن متوسط العمر عند أصحاب الملايين، وعند الكادحين. 

ورحم الله من قال: «كلما زاد عدد الأشياء التى أنت فى غنى عنها.. زاد غناك وثراؤك».
 

 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة