اللواء خيرت بركات خلال حواره مع «الأخبار»
اللواء خيرت بركات خلال حواره مع «الأخبار»


اللواء خيرت بركات رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء :التنمية المُستدامة محور رؤية مصر 2030

محمد عبدالمنعم- إسلام محمد- عبدالهادي عباس

السبت، 30 نوفمبر 2024 - 01:32 م

الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أحد أهم المؤسسات الحكومية وقلعة البيانات بمصر؛ حيث يلعب دورًا محوريا فى تقديم جميع البيانات والمعلومات لصُناع القرار للوقوف على أرضٍ صلبة عند تنفيذ المبادرات والمشروعات الكبيرة التى تعتمد عليها الدولة فى اتخاذ قراراتها ولتخطيط سياساتها المستقبلية.. «لا تنمية بدون تخطيط ولا تخطيط بدون بيانات دقيقة».. بهذه الكلمات بدأ اللواء خيرت بركات رئيس الجهاز حديثه مع «الأخبار»، مؤكدًا أن الإحصاء يعتبر «بوصلة» لرسم مسار التنمية وتوجيه الخطوات الصحيحة للحكومة.. وإلى نص الحوار:

بداية.. ما رؤيتك المستقبلية لتطوير الجهاز ليتفق مع العصر الحديث؟
يسعى الجهاز لإصدار الاستراتيجية الوطنية للإحصاء، وذلك بالاشتراك مع شركاء العمل الإحصائى فى إطار التزام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بتقديم بيانات دقيقة وموثوقة تعكس الواقع الاجتماعى والاقتصادى والبيئى لمصر، وتوفير كل البيانات اللازمة لراسمى السياسات ومُتخذى القرارات مما يساعدهم فى رسم خطط التنمية.

دور التعداد
كيف استعد الجهاز لتعداد 2027.. وما أوجه الاستفادة منه؟
نعمل على التحضير لتنفيذ التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت لعام 2027 بأسلوب الدمج القائم على استخدام السجلات الإدارية، وجمع البيانات بالتابلت، مع تعظيم استخدام السجلات الإدارية الموجودة بالوزارات والهيئات والجهات الحكومية للاستفادة منها فى الأعمال الإحصائية الخاصة بالتعداد، وذلك بعد دراسة محتوياتها وتحديد مدى اتساقها مع متطلبات الأعمال الإحصائية المعنية بالتعداد، أما عن أوجه الاستفادة من التعداد، فهو يتيح لمختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص الاعتماد عليه فى مجالات متعددة، منها التخطيط الإنمائى لتحديد احتياجات المجتمع وتوجيه الاستثمارات العامة بشكلٍ فَعَّال.

انخفاض البطالة
ماذا عن المشروعات التى أسهمت فى انخفاض مُعدل البطالة؟
الدولة قامت بإنشاء العديد من المشروعات القومية، والتى أدت إلى انخفاض مُعدل البطالة خلال الـ 10 سنوات الماضية من 13% عام 2014 إلى 7% عام 2023، ومن ثم للقضاء على البطالة وزيادة عدد المشتغلين خلال الـ 10 سنوات الماضية من 24.3 مليون مشتغل عام 2014 إلى 29 مليون مشتغل عام 2023، وطبقًا لأحدث بيانات الجهاز فقد بلغ مُعدل البطالة 6.7٪ من إجمالى قوة العمل للربع الثالث (يوليو- سبتمبر) لعام 2023.

صحة البيانات
كيف يتم التأكد من صحة بيانات التعداد؟
ضمان جودة بيانات التعداد وسلامتها تتم من خلال مجموعة من المحاور منها: إعداد مجموعة كبيرة للمرور الفنى ومتابعة العمل ميدانيًا، وإعادة التوجيه فى حالة وجود أى أسئلة غير مفهومة، ومراجعة بيانات التعداد عن طريق المعالجة الإلكترونية، والتأكد من دقتها وشمولها واتساقها داخليًا وخارجيًا مع المصادر الأخرى، ثم تصميم منظومة إلكترونية متكاملة تساعد فى ضمان جمع البيانات من الأسر المعنية باستخدام نظام متابعة الموقع (GPS) عبر منظومة إلكترونية متقدمة، والاستغناء عن المراجعة المكتبية واستبدالها بأدوات وتقنيات مراجعة متقدمة لكل فرق العمل، وأخيرًا نعمل على متابعة العمل لكل مستويات العمل الميدانى (منسق المحافظة والمراقب والمفتش والمعاون) وفقًا للصلاحيات الخاصة بكل منهم.

التحول الرقمى
ولكن.. كيف تعاملتم مع دعم ملف التحول الرقمي؟
التحول الرقمى وسيلة لتطوير العمل من خلال استخدام التقنيات التكنولوجية لتسريع تنفيذ العمليات وتطبيق مبدأ الحوكمة لكل الإجراءات لتحسين جودة البيانات والمؤشرات التى ينتجها الجهاز لمساعدة مُتخذى القرار، وفى هذا الصدد قام الجهاز بدراسة الوضع الحالى من عمليات وإجراءات ومخرجات، وكيفية الاستفادة من الوسائل التكنولوجية المتاحة لتنفيذ وتطوير تلك العمليات ورفع جودة المخرجات، ومن أهم خطط التطوير بالجهاز تطوير الموقع الإلكترونى للجهاز بما يتوافق مع أحدث المعايير للمواقع الإحصائية العالمية؛ حيث سيكون متاحًا باللغتين العربية والإنجليزية ويضمن سهولة الوصول للبيانات المطلوبة وتحقيق رضا المستخدم، وذلك من خلال تطبيق مبدأ الإتاحة التامة وتوفير البيانات للاستخدام فى صورة رقمية يمكن التعامل معها لأغراض البحث والتحليل.

فى ظل التحول الرقمى كيف حافظتم على أمن البيانات الشخصية؟
تطبيقًا لقانون حماية البيانات الشخصية، وكذلك المعايير الإحصائية الدولية وقانون الإحصاء، يتم تطبيق سياسات تأمين على مستويات التطبيقات المُستخدمة وقواعد البيانات والشبكات، وكل ذلك من خلال المتابعة بصورة دورية لأحدث تقنيات أمن المعلومات، واستخدام أدوات مراقبة مستمرة لرصد الأنشطة المشبوهة أو محاولات الوصول غير المُصرح بها، إضافةً إلى تطبيق سياسات التحكم فى الوصول للبيانات والتأكد من أن التعامل مع البيانات يتم من خلال الأشخاص المسموح لهم بذلك.

التنمية المُستدامة
وماذا عن دور الجهاز فى رصد ومتابعة أهداف التنمية المُستدامة 2030؟
لعب الجهاز دورًا محوريًا فى رصد ومتابعة مؤشرات أهداف التنمية المستدامة 2030؛ حيث أنشأ الجهاز عام 2016 وحدة للتنمية المستدامة وتم تكليفها بالعديد من المهام الرئيسية مثل رصد وحساب مؤشرات التنمية المستدامة وفقًا للمنهجية الدولية، والتنسيق مع الجهات المعنية داخل وخارج الجهاز، خاصة وحدة التنمية المستدامة بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لإنتاج وإصدار تقارير دورية لمتابعة ورصد مؤشرات أهداف التنمية المستدامة، وحتى الآن أصدر الجهاز ثلاثة تقارير حول هذا الموضوع، الأول عام 2018، حيث بلغت نسبة إتاحة المؤشرات 43%، الثانى عام 2019، حيث بلغت نسبة إتاحة المؤشرات 47.5%، الثالث عام 2023.

خضعت رؤية مصر 2030 للتحديث.. فما الذى أضيف إليها؟
تجسد رؤية مصر 2030 الاستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة، تم تحديث الرؤية وإصدارها فى نوفمبر 2023، وتتضمن أربعة مبادئ حاكمة وهى: الإنسان محور التنمية، العدالة والإتاحة، المرونة والتكيف، والاستدامة.

وكيف أسهم الجهاز فى تبادل الخبرات والتجارب مع الدول الأخرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
يسهم الجهاز فى تبادل الخبرات والتجارب مع الدول الأخرى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تنظيم برامج تدريبية مثل برنامج «آلية رصد ومتابعة مؤشرات أهداف التنمية المستدامة فى مصر»، الذى يتم بالتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وتم تنفيذ البرنامج التدريبى خلال الفترة من 14-18 يناير 2024 بمشاركة 17 مشاركًا من 11 دولة إفريقية.

المسح القومى للهجرة
ما الهدف من المسح القومى للهجرة الدولية فى مصر؟
يهدف المسح القومى للهجرة الدولية إلى تعزيز فهم أنماط الهجرة وتأثيرها على مختلف طبقات المجتمع المصري، وتغطية الفجوة فى البيانات الخاصة بالهجرة الدولية فى مصر من خلال جمع بيانات موثوق بها، ودراسة الاتجاهات الحديثة للهجرة، أسبابها، محدداتها، والنتائج المترتبة على الهجرة الدولية فى مصر، كجزء من الاستراتيجية الوطنية للدولة لتطوير الإحصاء لتحسين قاعدة المعلومات الخاصة ببيانات الهجرة الدولية، لتوفير رؤى شاملة حول الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين وأهم التحديات التى تواجههم، وسوف يعلن عن نتيجة المسح فى النصف الثانى من عام 2025.

ومتى كان آخر مسح للهجرة؟
آخر مسح للهجرة كان عام 2013 فى نسخته الأولى، وذلك كأول محاولة لسد فجوة البيانات المُتعلقة بالهجرة الدولية والتنقل، والذى تم تنفيذه من خلال برنامج بحثى متعدد المكونات شمل جمع بيانات فريدة، وموثوقة قابلة للمقارنات الدولية.

الثروة العقارية
ما معنى تكويد العقارات فى مصر وما الفائدة المرجوة منه؟
تكويد العقارات بمعنى إنشاء رقم قومى لكل عقار له العديد من الفوائد، حيث توفر المنظومة قاعدة بيانات للتعرف على تاريخ الملكية للعقار أو قطعة الأرض للتأكد من الملكية قبل الشراء، مما يحد من عملية التلاعب فى بيع الثروة العقارية، وستؤدى المنظومة الجديدة إلى وجود لوحات إلكترونية تُعمم على كل العقارات والمبانى والمنشآت الحكومية والأراضي، بالإضافة إلى الطرق والميادين، خاصة أن مصر بها وفقًا لكتاب الإحصاء السنوي، 16 مليون مبنى تضم 43 مليون وحدة طبقًا لآخر تعداد، كما يساعد المشروع فى إجراء حصر للعقارات القديمة لترميمها وكذلك تسهيل الحصول على خدمات المرافق المختلفة، كالكهرباء والغاز وغيرها من المرافق للوحدات التى لها كود عقاري، مما يسهل على المواطن فى التعاملات الحكومية.

متى ستبدأ مراحل تنفيذ مشروع التكويد؟
المشروع يُدرس الآن فى مجلس النواب، وبمجرد إقراره سيقوم الجهاز بوضع اللائحة التنفيذية له ويتم التطبيق فورًا على عدة مراحل وسيتم البدء بالريف المصري، وذلك لعدم وجود أرقام للعقارات أو حتى أسماء للشوارع.

ماذا عن آخر مؤشرات لأعداد المواليد فى مصر؟
نجحت الدولة فى خفض عدد المواليد بشكلٍ متتالٍ خلال آخر 10 سنوات، وذلك من 2.7 مليون مولود عام 2014 إلى 2.044 مليون مولود عام 2023، ووفقًا للبيانات الأولية للمواليد لعام 2024، فقد بلغت أعداد المواليد خلال الفترة (يناير/ سبتمبر) 1.504 مليون مقارنة بـ 1.558 مليون مولود خلال نفس الفترة من عام 2023 بما يشير لاستمرار الانخفاض فى أعداد المواليد السنوية، وبرغم هذا الانخفاض إلا أن أعداد المواليد لا تزال تتجاوز (2 مليون) مولود سنويًا، مما يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية بما يتطلب المزيد من الجهود من جميع أفراد المجتمع ومنظمات المجتمع المدنى والإعلام بشتى أشكاله مع أجهزة الدولة لضبط مُعدلات الزيادة السكانية.

مُبادرات ناجحة
وماذا عن مؤشرات الطلاق؟
تراجعت بالفعل مُعدلات الطلاق وفقًا لبيانات النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2023، حيث بلغت 265 ألف حالة مقارنة بـ 270 ألف حالة عام 2022 بنسبة انخفاض قدرها 1.6%، حيث يتضح اهتمام الدولة للحد من ظاهرة الطلاق التى تُهدِّد كيان الأسرة المصرية، وذلك من خلال العديد من المبادرات والبرامج التى أطلقتها الدولة وأهمها مبادرة «عاشروهن بالمعروف»، ومبادرة «لم الشمل» من خلال الأزهر الشريف، وبرنامج تدريب المأذونين من خلال دار الإفتاء المصرية، وأيضًا برنامج «مودة» من خلال وزارة التضامن الاجتماعي.

ولكن ما المقصود بمفهوم التعداد الاقتصادي؟
التعداد الاقتصادى حصر لكل المنشآت الاقتصادية بهدف إعداد قاعدة بيانات شاملة عن خصائص ومقومات الأنشطة الاقتصادية، ويعتبر هذا التعداد هو الثانى فى مصر بالنظام الالكترونى ويتم تنفيذه باستخدام (التابلت)، بالإضافة للاستمارة الورقية توفيرًا للوقت والجهد وسرعة ودقة استخراج البيانات والمتابعة الميدانية أولًا بأول، ويتم تنفيذه كل 5 سنوات، وآخر تعداد اقتصادى تم تنفيذه 2017/ 2018.

هل يُمكن الاستفادة من هذا التعداد فى حصر الاقتصاد غير الرسمى؟
بالتأكيد، لأن قاعدة البيانات التفصيلية التى سيوفرها تدعم جهود الدولة فى تنمية قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وحصر ودمج القطاع الاقتصادى غير الرسمى فى منظومة القطاع الرسمى على مستوى الأنشطة الاقتصادية بالمحافظات، وأيضًا تعتبر بيانات التعداد ذات أهمية كبيرة لرصد الناتج المحلى الاجمالى سواء على المستوى القومى أو المحلى لكل محافظة، ويغطى المنشآت العاملة فى الأنشطة الاقتصادية بالقطاع العام والأعمال العام والخاص والتعاونى والجمعيات والمؤسسات الأهلية.


اقرأ أيضًا | قادرون على حماية أمننا القومى و«ردع» رسالة لكل أعداء الوطن



د. ضياء الدين القوصي خبير المياه الدولى :الحكومة تسعى لتقليل الفجوة بإعادة تدوير 20 مليار متر مكعب من المياه 

معادلة مهمة تربط الزيادة السكانية بموارد مصر المائية؛ ولذلك تصبح تحديات ضبط أعداد السكان المتزايدة مع توفير وسائل آمنة وحلول غير تقليدية لتوفير المياه، أبرز الملفات التى تعمل عليها الدولة فى خطتها المستقبلية؛ وفى هذا الحوار مع د. ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والرى الأسبق، وخبير المياه الدولي، يكشف أن موارد مصر المائية لا تتجاوز 60 مليار متر مكعب سنويا، ما بين نهر النيل والموارد المتجددة، وهو ما يجعل نصيب الفرد من المياه يصل إلى 600 متر مكعب سنويا، وهى قضايا تحتاج إلى مناقشتها.. فى هذا الحوار:

ما أنواع مواردنا المائية الحالية.. وكم يصل نصيب الفرد منها؟
مواردنا المائية المتجددة الحالية لا تزيد على 60 مليار متر مكعب سنويا، منها 55.5 مليار من نهر النيل، وما يقرب من 3.5 مليار متر مكعب مياه جوفية، ونحو مليار متر مكعب من الأمطار التى تسقط على أراضى الدلتا ويستفاد منها فى الري؛ ومن ثم فى ظل التعداد السكانى الحالى الذى يصل إلى 110 ملايين مواطن يكون نصيب الفرد نحو 600 متر مكعب سنويا فى ظل الموارد المائية المتجددة الحالية، وهو ما يقترب من حد الفقر المائى المدقع، والمقدر بأقل من 500 متر مكعب للفرد سنويا.

الإحصاءات تشير إلى أن مستقبل التعداد السكانى سيزيد إلى 150 مليون نسمة.. فكم سيكون نصيب الفرد من المياه؟
- حال استمرار الوضع الحالى والموارد المائية المتجددة الحالية سيكون نصيب الفرد من المياه أقل من 400 متر مكعب سنويا، وهى نسبة غير كافية على الإطلاق، والدولة حاليا تعمل على إعادة استخدام ما يصل إلى 20 مليار متر مكعب من المياه لتقلل الفجوة المائية وتزيد من نسبة حصة نصيب الفرد من المياه.

إذن.. كيف يمكن أن تواجه موارد مصر المائية تلك الزيادة السكانية المتوقعة؟
هناك أكثر من محور يجب أن تعمل عليه الدولة كى تستطيع مواردها المائية مواجهة الزيادة السكانية التى تشهدها البلاد، أول هذه المحاور تنمية الموارد المائية؛ حيث إن 97% من المياه قادمة من النيل بما يعادل 55 مليار متر مكعب وفق اتفاقية حوض النيل، وتأخذ مصر هذه الحصة منذ عام 1959 وتبنى عليها خطتها التنموية؛ لذلك يعد هذا التحدى الأول الذى تجب مواجهته، خاصة أن 55 مليار متر مكعب يعد الحد الأدنى الذى يمكن أن تقبل به مصر، ويجب ألا يقل عن ذلك بأى شكل من الأشكال، خاصة أن أى انخفاض عن هذا الحد الأدنى يعنى وجود عجز فى الخطة التنموية وهو ما لا يمكن الموافقة به، كما أن «بحر الغزال» به حوض، وهذا الحوض لا يأتى منه أى شيء على الرغم من هطول المطر به يساوى هطول المطر على إثيوبيا والمياه تذهب للمستنقعات، لذلك يجب أن تعمل مصر مع دولة جنوب السودان، ودولة السودان عليها الاستفادة من مياه هذا الحوض، والذى يمكن أن يوفر 7 مليارات متر مكعب سنويا تقسم على مصر والسودان وجنوب السودان.

وماذا عن مشروعات تدوير المياه وإعادة استغلالها.. ألا يعد ذلك أحد الحلول؟
بالفعل إعادة التدوير واستغلال المياه يعد أحد الحلول المهمة، وهذا الأمر تعمل فيه الدولة بشكل جيد، مثل مشروع «المحسمة» الذى يعالج مليون متر مكعب يوميا، ومشروع «بحر البقر» الذى يعالج 5.7 مليون متر مكعب يوميا، ومشروع «وسط الدلتا» الذى يعالج مليون متر مكعب، وغرب الدلتا «مصرف النوبارية» و»مصرف إدكو والعموم»؛ وهذه المشروعات تعالج 7.5 مليون متر مكعب يوميا، أى هناك نحو 16 مليون متر مكعب فى اليوم تتم معالجتها، وهذه الكميات تتم معالجتها معالجة جيدة تستخدم فى الزراعة.

وفيما يتعلق بمياه الأمطار؟
مياه الأمطار من المحاور المهمة التى يجب العمل عليها بصورة كبيرة، خاصة مياه الأمطار بشبه جزيرة سيناء ومناطق البحر الأحمر والصحراء الغربية، والغرض تجميع مياه الأمطار، ومن ثم الاستفادة منها فيما بعد.

هل يمكن الاستفادة من مياه البحرين الأبيض والمتوسط كأحد الحلول لمواجهة أزمة الموارد المائية؟
تحلية المياه به العديد من المميزات النسبية التى تمكن الاستفادة منها، خاصة أن مصر لديها شواطئ ممتدة سواء البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر، وخليج السويس، وهذه الشواطئ تصل إلى 4 آلاف كيلو، ومن ثم يمكن تحلية المياه لاستخدامها فى إقامة مشروعات صغيرة تكفى للشرب أو رى مساحات خضراء صغيرة، وللعلم مصر أنشأت العديد من محطات تحلية مياه البحر، على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وتنتج هذه المحطات حاليا ما يزيد على مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن تصل ما بين 3 مليارات إلى 5 مليارات؛ كما أن هناك خزانات جوفية فى عدد من مناطق الصحراء الغربية، منها مشروع أقصى غرب المنيا والواحات، فضلا عن استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمنطقة البحر الأحمر، فتحلية المياه يمكن أن تغطى نسبة كبيرة عن العجز الناتج عن الزيادة السكانية.

هل تسهم مشروعات تبطين الترع فى خطة الدولة لترشيد المياه؟
الهدف من مشروعات تبطين الترع منع إهدار المياه؛ لذلك يتم تبطين ترع توصيل المياه إلى الحقول بأطوال تصل إلى 6500 كم، بما يوفر نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه كانت تفقد وهى أحد المهمات التى تعمل عليها الدولة.





د. إيمان هريدى عميد كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة: مطلوب إنشاء كيان قومى لمتابعة المنظومة التربوية وتطوير المناهج


فى منتصف القرن العشرين، أطلق د. طه حسين مقولة: «التعليم كالماء والهواء»، لتصبح شعارا تبنته الحكومات المصرية، ويكون مدخلا لمجانية التعليم؛ وقد أدركت أقوى دولة فى العالم خطورة تراجع التعليم، فبدأت حملة قومية بعنوان: «الأمة فى خطر: أمر إلزامى لإصلاح التعليم»، وكان هذا هو عنوان تقرير الرئيس الأمريكى رونالد ريجان عام 1983 بخصوص اللجنة الوطنية للتميز التربوي؛ وكان نشر هذا التقرير حدثًا بارزًا فى تاريخ العملية التعليمية الأمريكية الحديثة..  وفى هذا الحوار مع د. إيمان أحمد هريدي، أستاذ المناهج وطرق التدريس، عميد كلية الدراسات العليا للتربية، جامعة القاهرة، نستوضح رؤية مصر فى مجال التعليم:


كيف تنظرين إلى إستراتيجية مصر المستقبلية فى مجال التعليم؟
جوهر عملية التعليم على مرّ العصور يتركز فى بناء الإنسان المصري، مع إيضاح الخصائص والصفات التى يرغب كل عصر فى إبرازها لهذا الإنسان. لذا تحرص كل منظومة تعليمية على تحديد خصائص هذا الإنسان وفقا لأهدافها الإستراتيجية، التى تشمل ثوابت ومتغيرات: فتتمثل الثوابت فى القيم الأخلاقية، والعقائد الدينية القيمية الرصينة، والتى تحرص مصر دائما على التمسك بها، والحفاظ عليها. وتتمثل المتغيرات فى كل أبعاد المعرفة، والاقتصاد، والسياسة، والتغيرات المجتمعية، سواء داخل مصر أم خارجها؛ وتتركز رؤية مصر المستقبلية فى هذا المجال بالتركيز على عدة أفكار مهمة، منها: التعليم للغد، التعلم المستمر، التنمية المستدامة، تطوير المجتمع، تنمية وتطوير قُدرات الكوادر التعليمية، القدرة على المنافسة العالمية، استثمار الصرح الحضارى الثقافى لمصر، تنمية رأس المال البشري، إعداد أبناء المستقبل، إعداد جيل من العلماء قادر على إنتاج المعرفة وإدارتها، بل توظيفها لخدمة المجتمع وحل مشكلاته؛ وكل هذا يعد من غايات التعليم فى مصر، فتهدف الجمهورية الجديدة إلى الاستثمار فى التعليم بمفهومه الشامل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال خطة إستراتيجية محكمة واضحة.

ولكن، ما الذى ينقصنا حتى نحقق تطويرا مستمرا فى شكل ومضمون التعليم؟
يتطلب وجود هذا النوع من الإستراتيجيات (المتجددة باستمرار) كيانًا قوميًّا متكاملًا ومتناسقًا من جميع قطاعات الدولة المصرية، يتلخص دوره فى التخطيط، ومتابعة التنفيذ، والتقويم المستمر للمناهج فى ظل كل هذه المتغيرات، وتطوير وتخطيط المنظومة التعليمية التربوية، والتعامل مع الفكر بصورة كلية متكاملة بالتنسيق بين مؤسسات الدولة؛ ربما تكون أشبه بعملية إدارة التربية والتعليم على المستويين القومى والعالمي، للحفاظ على الهوية القومية المصرية، أو أشبه بضبط لعملية حوكمة إنسانية رشيدة لهذه المنظومة. 

وكيف نستفيد من تقسيم هذه الرؤية لتشمل عدة مراحل متتابعة؟     
حرصت الجمهورية الجديدة على إعلان الرؤيــة الإســتراتيجية للتعليـم حتــى عــام 2030 م، كمرحلة أولى، والتى تستهدف إتاحــة التعليــم والتدريــب للجميـع بجـودة عاليـة دون تمييـز، وفـى إطـار نظـام مؤسسـي، كـفء وعـادل، ومسـتدام، ومـرن. وأن يكـون مرتكـزًا علـى المتعلـم والمتـدرب القـادر علـى التفكيـر والمتمكـن فنيـا وتكنولوجيـا، وأن يسـهم فـى بنـاء الشـخصية المتكاملـة، وإطلاق إمكاناتهـا إلــى أقصــى مــدى.

ألا ترين أن هناك مؤشرات غير ملموسة أو غير متحققة على أرض الواقع.. كيف يمكن تقويم مثل هذا النوع من الإستراتيجيات؟
عملية التقويم تشمل رصد جوانب القوة والضعف فى المنظومة بأكملها وفقًا لمعايير علمية أكاديمية. وغالبًا ما تكون هذه المعايير متشابكة، بحيث يؤثر كل عنصر فى باقى العناصر. ومن أهم جوانب القوة: الانتباه لتنمية مهارات التفكير للتلاميذ، سواء أكانت فى المناهج التعليمية، أم فى الأنشطة المقدمة، بالإضافة إلى تنمية مهارات البحث العلمى فى مصادر التعلم المفتوحة، ولعل إتاحة بنك المعرفة المصرى خير دليل على ذلك، والاهتمام بتنمية المهارات التكنولوجية، والتوسع فى  إنشاء المدارس التكنولوجية، والفنية بكل أنواعها، بل وربط هذه المدارس بالمصانع والشركات، والعمل على تنمية مهارات ريادة الأعمال؛ فمجرد تغيير النظرة المجتمعية نحو هذه المدارس إنجاز فى حد ذاته. ولعل من أهم الجوانب الإيجابية الاهتمام بذوى الهمم، وإتاحة الرعاية الكاملة لهم، وكذلك إعداد برامج رعاية الموهوبين والعباقرة؛ إيمانًا بأن هؤلاء ثروة مصر الحقيقية.

ولماذا لا يتم التركيز على جوانب التدريب للمعلم والطلاب باعتباره جزءًا رئيسيًّا من عملية التطوير؟
بالطبع هناك اهتمام بهذا الجانب، خاصة أثناء الخدمة؛ من خلال إتاحة البرامج التدريبية العلمية، سواء أكانت بالنظام المباشر أم من خلال شبكة الإنترنت؛ وكذلك زيادة عدد المعلمين فى المدارس من خلال المسابقات المعدة وفقًا لمعايير أكاديمية تربوية، وإتاحة التعلم الذاتي؛ سواء من خلال البرامج المقدمة على مواقع الوزارة أم من خلال بعض القنوات التليفزيونية.

ولا يمكن إغفال المجهودات المبذولة فى منظومة التقويم، وتنفيذ العديد من الأنظمة التى تُحاول الوصول إلى العدالة فى التقويم المعرفى، تمهيدًا لإيصال الطلاب إلى المرحلة الجامعية.

 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة